انفجار بيروت.. وسط رفض حكومي دعوات لبنانية لتحقيق دولي ومقترح لافت للرئيس الفرنسي
طالب 4 رؤساء حكومة سابقون في لبنان وقوى سياسية بإجراء تحقيق دولي بشأن الانفجار المدمر الذي هز مرفأ بيروت قبل يومين وأدى إلى مقتل وجرح آلاف الأشخاص، في حين صدر عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -الذي زار لبنان اليوم- تصريح لافت بشأن الأزمة اللبنانية وتداعيات الانفجار.
ودعا رؤساء الوزراء السابقون سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام اليوم إلى الطلب من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية لتشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية لمباشرة مهامها في كشف ملابسات الكارثة التي وقعت في بيروت، كما طالب رؤساء الوزراء السابقون الأجهزة العاملة في مرفأ بيروت بالمحافظة على مسرح الانفجار وعدم المساس به.
وخلّف انفجار مرفأ بيروت 137 قتيلا ونحو 5 آلاف جريح ومئات المفقودين في حصيلة غير نهائية، بخلاف دمار مادي فادح طال المرافق والمنشآت والمنازل، وفقدان 300 ألف شخص مساكنهم.
وقالت كتلة المستقبل بقيادة الحريري إن هناك شكوكا خطيرة تحيط بانفجار مرفأ بيروت من حيث التوقيت والظروف والموقع وكيفية حصوله، ووصفت ما حصل بالحرب التدميرية.
وطالبت الكتلة -بعد اجتماع افتراضي عقدته برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري- بتحقيق قضائي وأمني شفاف لا يخضع للمساومة، وفق تعبيرها، وبمشاركة خبراء دوليين ولجان متخصصة قادرة على كشف الحقيقة.
كما شددت كتلة المستقبل على معرفة المسؤول المباشر عن تخزين مواد شديدة الانفجار، وأسباب وجودها منذ سنوات.
جنبلاط وجعجع
وطالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بلجنة تحقيق دولية للكشف عن ملابسات انفجار المرفأ.
وأضاف جنبلاط -في مؤتمر صحفي اليوم- أن المادة المتفجرة بحاجة إلى ما سماه الصاعق حتى تنفجر.
وأعرب عن عدم ثقته في الحكومة الحالية للكشف عن الحقيقة، قائلا إن "هناك تقصيرا فادحا في القضاء والأجهزة الأمنية، اليوم يحاولون التبرؤ، لذا لا نؤمن بلجنة تحقيق محلية".
وفي الاتجاه نفسه، طالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع -في مؤتمر صحفي- بلجنة تقصي حقائق دولية توفدها الأمم المتحدة، مرجعا الأمر لفقدان الثقة في الطبقة الحاكمة في لبنان.
وأضاف جعجع أنه يدعو إلى إنشاء صندوق دولي لإغاثة المنطقة المنكوبة والقطاعات المتضررة بإشراف أممي.
وعزز مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الأصوات الداعية لإجراء تحقيق دولي بشأن انفجار بيروت.
صوت رافض
في المقابل، رفض إيلي الفرزلي نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الدعوات لفتح تحقيق دولي في أسباب وقوع انفجار مرفأ بيروت، ورأى في ذلك إلغاء للقضاء اللبناني والدولة اللبنانية.
وقال الفرزلي -في تصريح للجزيرة- إن هذه الدعوات والنقاش الدائر حاليا في لبنان تشبه الجدل الذي أعقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وقررت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق إدارية للكشف عن أسباب الانفجار، على أن ترفع نتائج عملها في غضون 5 أيام على أقصى تقدير، وطُلب من السلطة العسكرية فرض الإقامة الجبرية على كل المسؤولين عن تخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت منذ عام 2014 إلى تاريخ حدوث الانفجار.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قال في كلمة ألقاها عقب جلسة استثنائية لمجلس الوزراء عقدت أمس الأربعاء بالقصر الرئاسي إن الجميع مصممون على السير في التحقيقات، وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصرين، وأكد أن نتائج التحقيقات ستعلن بشفافية.
وترأس رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب الاجتماع الأول للجنة التحقيق الإدارية التي شكلتها الحكومة لإدارة التحقيق في أسباب حصول الانفجار بمرفأ بيروت.
وأطلقت السلطات القضائية أمس الأربعاء تحقيقا في ملابسات الانفجار، وكلف النائب العام لدى محكمة التمييز غسان عويدات الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بالاستقصاء والتحريات، وإجراء التحقيقات الفورية لمعرفة كافة المعلومات والملابسات المتعلقة بالانفجار.
انتشال الضحايا
وعلى صعيد جهود انتشال ضحايا الانفجار، تواصل فرق الإسعاف والإنقاذ في العاصمة اللبنانية عمليات البحث عن ضحايا ومفقودين نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت.
ونشرت وسائل إعلام محلية عبر مواقع التواصل مقطع فيديو لانتشال طفلة لا تزال على قيد الحياة من تحت الأنقاض بعد ساعات طويلة من انفجار المرفأ.
وكانت جهات رسمية لبنانية أعلنت أن المئات ما زالوا مفقودين إثر انفجار بيروت، ومنهم عمال في المرفأ يجري انتشالهم من تحت الأنقاض.
وقال وزير الصحة حسن حمد إن هناك مفقودين جراء الانفجار، مما يرجح ارتفاع عدد الوفيات، مضيفا أن الموجة التفجيرية قذفت بعض الضحايا في البحر.
وأضاف مراسل الجزيرة في بيروت إيهاب العقدة أن السلطات اللبنانية تبحث عن أعداد غير معروفة من المفقودين عقب انفجار المرفأ، خاصة أن العديد من اللبنانيين ينشرون نداءات عبر مواقع التواصل للبحث عن ذويهم المفقودين، وفرض الجيش طوقا أمنيا واسعا حول المرفأ.
وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت بيروت مدينة منكوبة، وفرضت حالة طوارئ لمدة أسبوعين، وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد "تتولى السلطة العسكرية العليا فورا صلاحية المحافظة على الأمن، وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة" لمدة أسبوعين.
زيارة ماكرون
من جهة أخرى، قال الرئيس الفرنسي اليوم ردا على لبنانيين طالبوه بدعمهم ضد الطبقة السياسية إنه سيقترح ميثاقا جديدا.
ولم يوضح ماكرون -الذي زار بيروت اليوم- تفاصيل هذا الميثاق.
وأضاف الرئيس الفرنسي أنه سيعمل على ترتيب مزيد من المساعدات الفرنسية والأوروبية والدولية للبنان وتوزيعها على نطاق واسع.
ووصلت بيروت أمس واليوم العديد من المساعدات الطبية من دول عربية وغير عربية لدعم السلطات اللبنانية على مواجهة تداعيات انفجار مرفأ بيروت.
وفي تصريحات أدلى بها لدى وصوله إلى بيروت في زيارة تضامن مع لبنان، شدد ماكرون على ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة لمواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، محذرا من أن الأوضاع ستواصل التراجع في ظل غياب إصلاحات جدية.
المصدر: الجزيرة