الوطن شمولية لا تقبل التجزٸة
من أبغض المصطلحات التي درجت علی أسماعنا مصطلح ملف,نتحدث بهذا التداول البغيض وکأن الوطن مجرد أرشيف تفهرسه الدولة كما تشاء ,أو کأنه سوق للخضار مصنف حسب النوع والنخب والعرض والطلب .
لقد بات اللص صاحب البرستيج مواطن من النخب السوبر ومحاط بهالة ومشرعن بقوانين تم استحداثها من أجل قوننة ما نهب وسلب وسفك وذهب ,بينما الموطن الصالح والمصلح مصنف نخب من الدرجة الرابعة أو حتی درجة بلا لا لشيء لأنه طلب رغيف الخبز كاملاً غير منقوص ليقتسمه مع أطفاله ,وإن تمادی بطلب کأسٍ من الشاي يعتبر رفاهية وجريمة يعاقب عليها مزاج المشرع بالاعتقال والحبس وشيطنة الأرض ضد هذا المسرف بالترف حين أراد الخبز والشاي حتی يتم إلصاق تهم لم ينزل الله بها من سلطان کمحرض علی الفوضی ومتأٓمر مع جهات خارجية من الفضاء لتدمير هذا الوطن .
لصد أٓلمني ما قالته المذيعة الأردنية علی المذياع وهي توضح وجهة نظر وزير الإعلام عن قرار فتح المطارات مع الدول المصنفة صحياً بالخضراء ,حين قالت "لا توجد مشاکل مالية مع الشرکة الفرنسية والحکومة الأردنية وکما نعرف فإن الشرکة الفرنسية تمتلك الحصة الکبری من مطار الملکة علياء الدولي ", تصريح تعرق له جبيني وغصة له نفسي علی ما وصلت بنا الحال إلی هذا الحد .
حين يتم تصنيف مأٓزق الوطن لملفات وقضايا وإصدار تقارير بها لإنهاٸها فهل تم طي ملفات الفوسفات والميناء البحري والمطار وشرکة الاتصالات والقاٸمة تطول ,هل تم البت فيها وتم اعتقال من أشار ومن استشار ومن سمسر وتاجر وباع مٶسسات وطنية لمستثمر أجنبي أو عربي وهل تم محاسبته وإنهاء هذه الملفات لصالح الوطن وحفظ ما تبقی من ماء الوجه لکيان الدولة وکرامة الوطن والمواطن ?.
سياسة حجب المعلومة والخبر والمعرفة للحقيقة التي يعرفها طفل لم يتعد السبع سنوات علی لوحه الرقمي فهو أمر مخجل ومدعاة للسخرية وقطع کل أٓواصر الثقة بين الرٸيس والمرٶوس .
لصالح من يدار مشهذ الوطن المجهول وما الذي هو خلف الأکمة ?,إن تقسيم الوطن واختزال مشهد اغتصاب الحقوق ليس أکثر من مواجهة معلم ينادي بلا لخبز أولادي مقابل أخيه الدرکي والذي يبحث عن خبزه في قمع صوت الخبز العالي لأخيه ما هو إلا إعادة الشعب لمربع التجهيل الأول ولزمن دوار الداخلية حين کان برميلاً من الصفيح ,وما هو إلا استخفاف بعقول شعب شيد وطن علی حساب خبزه وفقره وغربته ولم ير من هذا الوطن إلا کل نکران وتصعير للخد وإعطاء ظهره لکل أمانيهم البسيطة وأحلامهم المتواضعة .
إن تقسيم الوطن لملفات وتجزٸة الأزمات لفصول وأيقونات وظواهر وموجات ما هو إلا تهرب من المسٶوليات وانبطاح لرغبات مبهمة ومقامرة باستقرار الوطن وأٓمان الإنسان .
الوطن ليس عمارة مٶجرة تنتهي إجارته بالتمليك ,والوطن ليس حقل ضمان في عقد مزيف إلی الأبد ,والوطن ليس من حق فٸة تمارس سلطة الشخصنة وأحادية النظر والمصلحة ,الديموقراطية هي طاولة الحوار والمحاججة والرجوع عن الخطأ أو الاعتراف به أو علی أقل افترض الوقوف عند أخر الخطأ .
من يتعامل مع الوطن والشعب الذي دفع ضريبة الانتماء من دم بنيه بطريقةٍ شمولية وجمعية فقد اقترف الخطيٸة الأبعد والأبلغ من الخطأ , لم تکن شهادتهم وتضحياتهم مجرط ملفات أو فصول أو أنخاب ,فلا فرق بين لون دم ابن الشمال عن الجنوب ولا ابن البادية عن القرية أوالمدينة ,عند فرض قانون ما لا يتم استثناء طيف دون طيف بالذات علی مذبح الضريبة وفرق أسعار المحروقات واختزال دعم الخبز ,فالکل يدفع والکل يطبق ويدفع ثمن المجازفة .
هل يوحدنا فايروس کورونا ويفرقنا رغيف خبز معلمنا المنقوص والمغصوب ?,هل يستحق من رسم جغرافية الوطن علی صفحات طفولتنا أن نختار له أظلم بقاع الوطن ?,وهل يستحق من علمنا خافقُُ في المعالي والمنی أن نعلمه کيف يخفق قلبه في جوفه من سوط السجان وبروتوکول استقبال النزلاء .
في اليابان قاعدة فقهية تقول إذا رأيت معلم فابتعد مسافة سبع خطوات خشية أن تدوس علی ظله .
إذا کان صاحب الظل خلف أسوار لا تری الشمس فمن أين سيأتينا بظله کي لا ندوس ظله أو بعضاً من ظله !.