القتيل الحي.. صورة بألف كلمة من موقع الجحيم في بيروت

محاصر تحت سيارة، غير قادر على الحركة، ملطخ بالدماء، كان يبدو قتيلا.. إنها قصة صورة التقطها مصور رويترز محمد عزاقير لأحد ضحايا التفجير الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت الثلاثاء، موقعا عشرات القتلى ومئات الجرحى.

الصورة تختصر الكارثة التي حلت بالعاصمة بيروت من جراء الانفجار الناجم عن حريق وانفجار أولي وصلت تداعياته لمستودع يحوي 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم، وفق ما قالت السلطات اللبنانية التي بدأت تحقيقا لكشف ملابسات الحادث.

الضحية كان عالقا تحت سيارة مدمرة.
الضحية كان عالقا تحت سيارة مدمرة.

ويروي عزاقير تفاصيل هذه الصوة التي التقطها، حيث يقول إنه هرع إلى موقع الانفجار بعد سماع الدوي الهائل الذي دفعه للاعتقاد أن زلزالا ضرب بيروت، وحين وصل إلى المرفأ كانت المنطقة أشبه مساحة حرب.

ويردف عزاقير قائلا إنه رأى جثث القتلى مرمية على الأرض وسط حالة من الهلع وأنين المصابين، حين لمح شخصا محاصرا تحت سيارة، فأعتقد للوهلة الأولى إنها جثة قتيل، قبل أن يفتح الرجل عينيه ويلوح بيديه طلبا للمساعدة.

رجال الإسعاف انتشلوا الضحية.
رجال الإسعاف انتشلوا الضحية.

وعلى أثر ذلك، طلب المصور المساعدة من رجال الإسعاف الذين هرعوا إلى الرجل ونجحوا في انتشاله من تحت السيارة، ونجح في التقاط سلسة من الصور الدراماتيكة التي توثق عملية إنقاذ الضحية الذي نقل بعد ذلك إلى المستشفى.

ومنذ يوم الثلاثاء، تكثّف فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها في مرفأ بيروت للعثور على المفقودين الذين تعيش عائلاتهم ساعات انتظار صعبة، غداة توقيف السلطات مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة المرفأ والجمارك للتحقيق معهم.

وبينما بدأت المساعدات الدولية تجد طريقها إلى لبنان، تنظم فرنسا خلال الأيام المقبلة مؤتمراً دولياً لدعم للبنان، أعلن عنه رئيسها إيمانويل ماكرون خلال زيارته الاستثنائية الخميس إلى بيروت حيث دعا القادة السياسيين الى ميثاق سياسي جديد وتغيير عميق في أدائهم.

خلال وضع الضحية على النقالة.
خلال وضع الضحية على النقالة.

واليوم الجمعة، لم يستفق لبنان بعد من هول التفجير الضخم الذي ضرب مرفأه، المرفق الحيوي الذي تعتمد عليه البلاد لاستيراد الجزء الأكبر من احتياجاتها الأساسية، في فاجعة أودت بحياة 154 شخصاً، بعد انتشال أربعة جثث جديدة من تحت الأنقاض، وتسبّبت بإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين.

في مرفأ بيروت، الذي أصبح أشبه بساحة خردة ضخمة، انهمك عمال إنقاذ منذ ساعات الصباح الأولى اليوم الجمعة، بمواصلة البحث عن مفقودين بين جبال من الأنقاض وأكوام الحبوب التي انتشرت في كل مكان في محيط الإهراءات المتداعية جراء الانفجار.

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB An injured man who was pinned under a vehicle following an explosion in…
خلال نقله إلى مركبة الإسعاف.

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس في موقع البحث آليات ثقيلة وجرافات تعمل على رفع الركام وقطع القضبان الحديدية الضخمة ونقل حاويات الشحن، تمهيداً لفتح ممر بين الأنقاض لمحاولة الوصول الى العالقين من موظفي المبنى.

وتبحث فرق إنقاذ فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية في الموقع عن سبعة موظفين على الأقل كانوا يعملون في غرفة الإدارة والتحكّم في اهراءات القمح بينهم غسان حصروتي، الموظف في المرفأ منذ 38 عاماً.

وكتبت شقيقته إميلي حصروتي على حسابها على تويتر "أنتظر خبر انتشالك حيّاً يا حبيبي، لم تخيّب أملي يوماً وأنت أخي الأكبر والأجمل والأكرم. لم أترك باباً لم أطرقه لأعرف ما حلّ بك، والآن وقد اقتربت اللحظة المنتظرة أجدني مرعوبة حتى الشلل".

وأعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، أن المؤسسات الأوروبية ستشارك في مؤتمر للجهات المانحة تنظمه فرنسا لتأمين مساعدات انسانية عاجلة.

وأوضح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أريك مامير، أن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، الذي يزور بيروت السبت، سيمثل الدول الأعضاء. وأضاف "سنسعى لتقييم الحاجات الانسانية وسنحتاج إلى أكبر قدر من المعلومات" لذلك، مشدداً "اننا في مرحلة طارئة. المؤتمر ليس لإعادة الاعمار لأن ذلك يأتي في مرحلة لاحقة.

 
رعب في بيروت.. انفجار هائل يهز العاصمة اللبنانية
 
 
 

في موقع الانفجار، يخرق صوت الجرافات الهدوء وسط الدمار الكبير. هياكل سيارات وحاويات في كل ناحية وصوب، وأكوام ركام وحديد وبضائع مبعثرة، بينها أكياس من البطاطس المقرمشة وجبال من حبوب الضرة.

وتسبّب الانفجار بتشريد نحو 300 ألف شخص من سكان العاصمة ممن تصدّعت منازلهم أو تضررت بشدة، وفق محافظ بيروت مروان عبود، الذي قدّر كلفة الدمار بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.

وقدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ما بين 80 ومئة ألف طفل باتوا مشردين. وأوضحت "من المحتمل أن يكون من بين الضحايا أطفال وأولئك الذين نجوا يعانون من الصدمة النفسية".

ويخيم الحزن على شوارع بيروت المتضررة وسكانها والعابرين فيها. ولا يتمكن كثر من حبس دموعهم من شدّة التأثر والحزن أثناء تجولهم أو قيادة سياراتهم. وعلى شاشات التلفزة المحلية، تتحدث أمهات وزوجات واصدقاء مفجوعين بخسارة أحبائهم.

الحرة / وكالات