الماراثون الانتخابي في ظل غياب العمل الحزبي والبرامج
حسمت الإرادة الملكية السامية أمر إجراء الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر هذا العام على الرغم من دقة الظروف التي يمُر فيها الأردن والعالم. فقد بدأ الاعداد والتجهيز لماراثون الانتخابات النيابية في ظل غياب واضح لأي عمل حزبي جادّ وواقعي وعدم وجود برامج قادرة على إقناع الشارع الأردني لتبنّيها والتصويت على أساسها. فمن المتوقع سيطرة المال السياسي والعشيرة والمصالح الشخصية وإيديولوجيات محددة او مزيج مما ذٌكر على البرامج والمناطق الانتخابية كٌل حسب إحتياجاته. فالناخب الذي يصوّت وفقاً لمصلحتة الشخصية او العشائرية او الأيديولوجية فإنه من الصعب جداً إقناعه بأي برامج واقعية مهما كانت جودتها عالية. لذلك، أتوقع فرز مجلس نواب لا يختلف عن المجلس الحالي بإستثناء بعض الأسماء الجديدة المتوقع دخولها للمجلس بنفس طرق ومنهجيات من سبقهم!
السؤال المهم جداً في هذه المرحلة الدقيقة، ما هي الطرق والمعايير التي يٌمكن إستخدامها لتقييم أداء أعضاء مجلس النواب الحالي؟ وهل فعلاً يتم تقييم أدائهم أم لا؟ وهل يٌمكن اعلام القواعد الانتخابية بذلك ام لا؟ ومن هي المؤسسة المعنية بتقييم أداء كل نائب؟ ما نريد ان نراه امر في غاية السهولة، حيث ان المنطق يقول انه على كل نائب حالي ان يُبادر ويقدّم مقارنة واقعية لبرنامجه الانتخابي الذي تم على أساسه طرح نفسه او قبوله ضمن قائمته الانتخابية ومقارنته مع الإنجازات التي حققها على ان يكون ذلك مُعززاً بالوثائق والأرقام حتى يتم تقييم الأداء بطريقة موضوعية امام القواعد الانتخابية. أضف الى ذلك، يٌمكن للنائب تقديم مُبررات منطقية وواقعية لأي برامج او وعود إنتخابية تم الوعدّ بها للقواعد الانتخابية وتلك التي لم يتم إنجازها خلال دورة المجلس النيابي الثامن عشر! نريد جرأة في الطرح والمحاسبة والمسؤولية امام الناخب حتى يعرف ما له وما عليه.
نريد معرفة مساهمات كل نائب في الدور التنموي والتشريعي والرقابي والقانوني ومحاور محاسبة الحكومة كلُ حسب اختصاصه على ان يكون ذلك مٌعززاً بالوثائق الرسمية! نريد معرفة مدى مساهمة كل نائب في اللجان المتخصصة التي تم إنتخابها او تشكيلها في المجلس الثامن عشر. كما نرغب برؤية نواب المجلس الحالي يقدمون أنفسهم من خلال إنجازاتهم الحقيقية الموثقة بطريقة إحترافيه تختلف عن إسلوب الفزعة او إستثمار مواقف معينة في الشارع الأردني او تصيّد أخطاء حكومية سواء كانت مقصودة أم غير مقصودة. بناءً على ذلك، هل يٌمكن أن نرى تقرير مهني وموضوعي لأداء كل نائب حسب الإصول لترسيخ نهج نيابي مؤسسي يليق بالشارع الأردني؟ هل يجرؤ نائب مٌعين على إعداد تقرير تقييم ذاتي لأدائه (Self-Assessment Report) في مجلس النواب وإطلاقه في فعالية إتصالية مٌخطط لها امام قواعده الانتخابية؟ أتمنّى ذلك.
أما بالنسبة لمن يُخطط لخوض غمار الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر فإنه من حق الناخب الأردني أن يرى سيرة ذاتية لكل مرشح في دائرتة الانتخابية مٌعززة بتقييم أداء مٌمنهج لما أنجزه المرشح خلال سيرة حياتة المهنية سواء أكان نائب سابق ام عمل في القطاع الخاص او القطاع العام! فلا نريد رؤية نائب "مشيخة" او نائب "مال" او نائب "واجهات" او نائب "مجاكرة عشائرية" او نائب "حشوة"! نريد نائب يُمارس دوره المطلوب بطريقة واقعية بعيداً عن الشعبويات الزائفة او الطروحات الفلكية غير القابلة للتطبيق. المرحلة القادمة صعبة سياسياً، وحرجة إقتصادياً، ومنقسمه اجتماعياً وملتهبة إقليمياً مما يتطلب وجود مجلس نواب على قدر عالٍ من المسؤولية والجدّية للخروج بحلول غير تقليدية قادرة على تفكيك شيفرة حالة التأزّم التي نعيشها وتمتين الجبهة الداخلية وفقاً لأجندات وطنية صادقة من أجل الأجيال القادمة.
لذلك، نريد جردة حساب جادة وصادقة لأداء مؤسسة مجلس النواب على المستويين الكلي والفردي من أجل المساهمة في صٌنع مٌستقبل أفضل. كما أتمنى على الناخب الأردني ان يختار من يٌمثله في مجلس النواب التاسع عشر على أسس موضوعية ومنطقية لان المرحلة القادمة تمسّ كل مواطن أردني وتلامس كافة مجالات حياته.
تذكروا، الأردن وطن جميل ويستحق الأفضل، والله وليّ التوفيق والفلاح.