الهجرة ... وسيادة الأمة

لم تكن الهجرة حدثا عاديا في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم- بل كانت حدثا يوازي البعثة من حيث الاهمية والأثر. لقد كانت البعثة ايذانا باعلان الرسالة الالهية ونشرها للبشرية رحمة منه سبحانه ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) لتحقيق العبودية لله عزوجل ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون). واستمرت ثلاث عشرة سنة لحين بدء المرحلة الثانية ولَم تنقطع باستمرار نزول الهدي للبشرية حتى وفاته ونزول قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم.. ).
الهجرة كانت نقطة تحول في مسار الرسالة من دعوة لدولة، من فكرة الى واقع، من جماعة الى مجتمع، من مؤمنين بلا لافتة وعنوان، الى " أمة الاسلام" بعنوان واضح المعالم متميز الهوية.
لم يكن عبثا ان يتم التوافق على التأريخ لامة الاسلام بحادث الهجرة،ولَم يؤرخ بواقعة ميلاده كما هو الحال بسيدنا عيسى عليهما السلام، ولا بحادثة البعثة أيضا.
ذلك ان الهجرة نقلت الرسالة الى دولة ونقلت المومنين المستضعفين الى مجتمع مهاب يمارس قوانينه في واقع حياته باستقلال تام عن أي تدخل أو تأثير.
سيبقى المسلمون تائهون تتكالب عليهم الأمم كما تتداعى الاكلة الى قصعتها، وهم ليسوا بقلة، انما هم بلا عنوان واضح يميزهم عن غيرهم ويحكمهم بما أراد الله لهم، فلا يتحقق فيهم معنى" الامة الواحدة "كما في قولة تعالى ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاعبدون) ولا يتصفون بالخيرية التي ينبغي أن تكون ( كنتم خير أمة أخرجت للناس).
لا زلنا ندفع أثمانًا كبيرة من سيادتنا واحتلال بلادنا وضياع مقدراتنا وفقرنا وتخلفنا واستباحة دمائنا وهواننا على الناس. وسنبقى كذلك الى ان يتغير واقعنا الى حال افضل تعلوا فيه راية الاسلام ويسود فيه العدل، وتمارس الشعوب سيادتها على مقدراتها، يقود الناس خيارهم وليس شرارهم ومنافقوهم. يكون الحاكم خادما للشعب.
هذه المسؤولية واحب على الجميع ممن يتمنون الخير لشعوبهم، ويتوقون شوقا لغد أفضل، ينحازون للحق وان قل أتباعه، ويبتعدون عن الباطل وان كثر مطبلوه. لا عذر لأحد فيها كان فردا او حزبا او جماعة.
..
اللهم أبرم لهذه الامة إبرام رشد؛ تعلوا فيه راية الحق والعدل.
وكل عام وانتم بخير