الانتخابات النيابية.. بين المشاركة الحقيقية ووهم النسب والأرقام
محرر الشؤون المحلية_ في سياق تأكيده المستمر على أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، قال رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، د. خالد الكلالدة، إن المقاطعة ليست حلا، ومن يرغب بالاعتراض على العملية يمكنه وضع ورقة بيضاء في الصندوق لتوجيه رسالته.
تصريحات الكلالدة تحمل رسالتين، الأولى تتمثل في كونها اعتراف ضمني بوجود عزوف شعبي عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية. أما الرسالة الثانية، والأكثر مباشرة، فهي الدعوة الملحة للمشاركة الواسعة، ضمن الحملة الرسمية الدعائية لهذه الانتخابات.
المشاركة في الحياة السياسية تحتل بلا شك أهمية قصوى لدى النظم الديمقراطية، غير أن الأهمية تكون أكثر إلحاحا عند الدول الناشئة، التي تسعى إلى إثبات تجربتها. في هذا الإطار يمكن فهم الإلحاح الواضح للهيئة المستقلة للانتخاب..
ولكن، الترويج للمشاركة لا يمكن له أن يحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع عبر الاكتفاء بالحملات الإعلامية، أو التصريحات الدعائية.. البروباغاندا وحدها، دون إجراءات عملية على الأرض، لا يمكن أن تكون كافية!
حتى لو أنفقت الحكومة ملايين الدنانير على اليافطات الدعائية، وعلقتها عند كل ناصية ومفترق طرق، من أقصى شمال المملكة إلى أقصى جنوبها.. وحتى إن صرح كل مسؤول ألف تصريح وتصريح، بمناسبة أو بدون مناسبة.. ستبقى هذه المقاربة الترويجية مجرد أحلام في الهواء.
تحقيق المشاركة الفاعلة يتطلب قبل أي شيء آخر استعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، ولا سيما السلطة التشريعية، التي مازالت غير قادرة على الانعتاق من تغول الحكومات، والتجريد المنهجي لدورها الرقابي والتشريعي.
استعادة ثقة الناس هي حجر الرحى في عملية التقدم الديمقراطي الحقيقي، وهذا لا يتحقق إلا عبر قرارات جريئة، وإجراءات فاعلة، تسهم في صنع تغييرات عميقة، تعيد إلى الناس ثقتهم في مؤسساتهم.
الأمر يتطلب فعلا على أرض الواقع، وليس تصريحات ولقاءات إعلامية، ولا ندوات ومؤتمرات وحفلات شاي..
بناء التجربة الديمقراطية، والوصول إلى مشاركة حقيقية في الحياة السياسية، وتحقيق الأنموذج اللائق بالأردن، تستوجب أولا وأخيرا استعادة ثقة الناس، وليس الاكتفاء بتسجيل نسب وأرقام في خانة الإنجازات الوهمية!