التوقيف الإداري في زمن الكورونا..
محرر الشؤون المحلية_ قانون منع الجرائم رقم 7 للعام 1954، مازال فاعلا في الأردن حتى اليوم، رغم مرور نحو سبعين سنة على إقراره، ورغم تناقضه مع مبدأ فصل السلطات، واستقلالية السلطة القضائية.
على مدى أعوام، والمنظمات الحقوقية تطالب بوقف العمل بهذا القانون العرفي، الذي يمنح الحكام الإداريين صلاحيات واسعة، تستخدم في التضييق على الحريات العامة، ولا تقتصر على حماية المجتمع من "أصحاب السوابق".
مركز عدالة لحقوق الإنسان، على سبيل المثال لا الحصر، سبق وأن أكد في أكثر من محطة أن هذا القانون يعد مؤشّرا على تراجع منسوب الحريّات، والتعسّف في استخدام الصلاحيّات من قبل الحكّام الإداريين.
ولكن السلطة التنفيذية تصر على التمسك بهذا "السلاح"، الذي بات من الواضح أنه يستغل لأسباب سياسية، وليس لدواعي أمنية تتعلق بالقضايا الجنائية.
كما أن هذا القانون، علاوة على تعارضه مع مبدأ أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، يتناقض أيضا مع قانون أصول المحاكمات، المتعلق بتحويل أي موقوف للادعاء العام خلال 24 ساعة.
واليوم، يصر الحكام الإداريون على احتجاز عدد من النشطاء، بقرارات التوقيف الإداري، فقط لأنهم استخدموا حق حرية الرأي والتعبير، الذي كفله الدستور.
الغريب أن رئيس الحكومة، د. عمر الرزاز، سبق وأن أقر، في إحدى الجلسات الصباحية التي جمعته بمجلس النواب، بوجود مبالغة في قرارات التوقيف الإداري، تستوجب اجراء دراسة ومراجعة صارمة لهذا الملف، ولكن شيء لم يتغير حتى اليوم!
والأكثر غرابة من هذا، أن الحكومة التي قررت في بداية أزمة الكورونا، عندما كان متوسط أعداد الإصابات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، إخلاء سبيل كافة الموقوفين بأحكام قضائية على ذمة قضايا بسيطة، أو قضايا مالية، تصر اليوم على احتجاز عدد من النشطاء دون حكم قضائي في ظل ارتفاع عدد الإصابات إلى معدلات غير مسبوقة!
إذا كان الجانب الحقوقي الديمقراطي لا يستدعي اهتمام حكومة الرزاز كفاية لحملها على وقف العمل بهذا القانون، فماذا عن الجانب الأخلاقي الإنساني، في ظل هذه الجائحة، التي تنتقد الحكومة نفسها كل من لا يأخذها على محمل الجد؟!