الكورونا بين الانتخابات النيابية والنقابية..
أحمد الحراسيس - في قرار غير مفهوم ولا يخضع لأي منطق، قال وزير الصحة إن اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة أوصت بتعذّر اجراء انتخابات النقابات المهنية التي استحقّ موعد اجراء انتخاباتها في المرحلة الحالية، وذلك نظرا لتطورات الحالة الوبائية في الأردن.
موضع الغرابة، أن الأردن يسير اليوم نحو اجراء الانتخابات الأوسع في شهر تشرين ثاني القادم، وهي الانتخابات النيابية، التي يحقّ لـ 4.13 مليون ناخب وناخبة المشاركة فيها، أي أن الحكومة ممثلة بوزارة الصحة لا تُمانع تحرّك واختلاط نحو (4.13) مواطنا في يوم الانتخابات، واختلاط مئات آلاف المواطنين في الأيام التي تسبق يوم الاقتراع، بينما تتحفظ على حركة مئات وربما آلاف (في أحسن الأحوال) ممن استحقّ اجراء انتخابات نقاباتهم.
هذا الواقع، يثير تساؤلات عديدة عن سبب الاصرار على عدم اجراء انتخابات النقابات المهنية، خاصة وأن القانون والدستور يُعالج أمر تأجيل الانتخابات النيابية لفترة من الزمن، بينما لا تُعالج قوانين النقابات تأجيل انتخاباتها، فمواقيت اجراء انتخابات النقابات واجتماعات الهيئة العامة العادية محددة في قوانينها، ولا يبدو أن معالجتها ممكنة بأوامر الدفاع!
صحيح أن أمر الدفاع يمكنه تعديل أو تعطيل العمل بقانون أو مادة من قانون لفترة مؤقتة، لكن المشكلة أن قوانين النقابات تحدد عُمر مجالسها، كما أنها تحدد مواقيت الانتخابات، وتشترط أن تجري الانتخابات في اجتماعات الهيئة العامة العادية المحددة بشهر نيسان أو شهر أيار.
أما إذا استمرّ تأجيل الانتخابات حتى الشتاء، فهذا سيخلق اشكالية جديدة؛ هل سيكون التأجيل الحالي محسوبا من عُمر مجالس النقابات القادمة؟! أم أنها ستحظى بفترة ولايتها كاملة وبالتالي نضطر لتغيير موعد الانتخابات اللاحقة أيضا؟!
نحن اليوم أمام خيارين اثنين؛ إمّا أن الحكومة تتقصّد التمديد لمجالس النقابات المنتهية ولايتها عاما اضافيا لتجري انتخاباتها في الربيع القادم وفي موعد اجتماعات الهيئة العامة العادية، أو أنها فعلا تريد اقامتها بالسرعة القصوى، وبالتالي ستكون مُلزمة باجرائها قبل الانتخابات النيابية وخسارة المجالس القادمة ستة أشهر من عُمرها.
ما نلمسه اليوم من تعطيل لانتخابات النقابات أثّر سلبا على العاملين في المهن المختلفة، حيث تحوّلت غالبية مجالس النقابات المنتهية ولايتها إلى ما يشبه لجان تسيير الأعمال، بالاضافة إلى المخاوف الكثيرة من استمرار استغلال مواقعهم خدمة لمرشحين بعينهم في الانتخابات القادمة.
الأصل بالحكومة التي تقول إنها حريصة على الانتخابات النيابية كاستحقاق دستوري وشعبي، أن تكون حريصة على اجراء انتخابات النقابات أيضا، وبشروط ورقابة مشددة يمكن فرضها بسهولة على اعتبار أن مركز الاقتراع واحد، ولتكن فرصة للحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب لاجراء تجربة عملية على آليات الاقتراع..