إلى أين نحن سائرون؟

 
 
 
اعتادت الدول والمؤسسات والتنظيمات والأفراد الذين يعملون من أجل شعوبهم و يخططون لمستقبل بلادهم وشعوبهم وأنفسهم أن يطرحوا على أنفسهم السؤال كيف سنكون ويكون العالم من حولنا بعد يوم او شهر أو سنة أو عشرة أعوام او مئة عام في المستقبل؟ في ظل الثورات التكنولوجية المتسارعة، وعصرالبيانات الضخمة، والشبكات الرقمية وتفجر المعرفة وتبادلها ، وغيرها من الأحداث التي تسرع في التطورات في المجالات المختلفة والتي أثرت وتأثرت فيها مناحي حياة الشعوب في كافة أنحاء المعمورة ، لذا يعمل السياسيون لأوطانهم والقائمون المنتمون على إدارة شؤون دولهم بتكثيف جهودهم لتحقيق مصالحها ومصالح أفراد مجتمعهم حتى يتمكنوا من البناء على الإرث الإنساني والتاريخي والاجتماعي والسياسي للدولة، ومواكبة التطورات وتحسين جودة حياة شعوبهم لا أن يقوموا بتسخير قدراتهم للبحث عن أساليب ووسائل الرد على كيف يفكرون الناس وتفنيد الممارسات التي تعمل على قهرهم وطمس هويتهم الوطنية، تمهيدا لإذابة مكونات المجتمع والقضاء علىيها في سبيل تحقيق مكاسبهم الشخصية.

إن الشعب الأردني شعب صبور ومنتم ويستحق أن يتسلم زمام أموره ساسة يخشون الله أولا، ويعملون لمصلحة وطنهم وديمومته، ورخاء مجتمعه، لكن هذا الشعب صبر وتحمل سياسات التنكيل انطلاقا من حبه لوطنه وللقيادة الهاشمية التي تشكل العنوان المشترك لجميع مكوناته، ولكن ونتيجة للقناعة التي تشكلت وترسخت لدى الناس كافة بأننا نسير نحو المجهول جراء السياسات الحكومية المتعاقبة التي افقرت البلاد والعباد وباعت وخصصت كل موارد الدولة واصولها المادية ومقوماتها، وبدأت تنخر في اصلوها المعنوية، ،فقدهب الشعب واطاح بحكومة الملقي وبعد سلسة من المطالبات والاعتصامات نتيجة ما يمارس عليه من قهر ،والغريب بالأمر أنه تم تسخير جميع الأدوات للاطاحة به وكأن الأمر كان مخططا له،ومع ذلك فقد تفاعل الشعب مع استجابة جلالة الملك لمطلبه في تشكيل حكومة جديدة منحت أربع فرص للتعديل الحكومي، وقد تكون هذه الفرص لم تمنح لأي حكومة أخرى من قبل في العصر الحديث، وهذا أيضا فيه دلالة أخرى على أن ما يخطط للوطن أمر يفوق التصورات.

ومن هنا إلى أين نسير؟ في ظل حكومة كانت المحاصصة وصلة الأرحام، والصداقة، والزمالة، والمعارف والتوازنات، والإرتباطات الإقليمية والدولية هي من فرضت أسماء اتسمت بسوء الاختيار، وضعف الخبرة (...) والتوافق على سياسات تركز على ممارسة أبشع الأساليب في القمع والتعسف في استخدام السلطات، والدكتاتورية، الوصاية، وتكميم الأفواه، وكبت الحريات، ومصادرة الحقوق، ومنح المنافع، والتنكيل بالعباد وفرض الإتاوات على شكل ضرائب، واستغلال الظروف السياسية والاقتصادية والصحية، والقوانين والصلاحيات لتحقيق مأربهم، وخاصة في ظل انتشار الوباء كوفيد-19 .

نعم إلى أين نسير في ظل حكومة اتخذت قرارات بفرض الحظر الشامل رغم قلة عدد الإصابات ،وعجلت في استصدار قانون الدفاع وطبقته في أوسع مجالاته مخالفة بذلك التوجيهات الملكية حول استخدامه، واتخذت قرارات أسهمت في تدمير اقتصاد الدولة وعطلت القطاعات كافة، وضيقت من سبل العيش في جميع مناحي الحياة بحجة المحافظة على صحة المواطن، والذي تبين لاحقا أن المحافظة على صحة المواطن كانت اكذوبة العصر، لاسيما في ظل الحديث الان عن عدم جدوى الحظر الشامل وتعطيل سبل الحياة، والتاثير على الاقتصاد إذا ما اتخذت الحكومة قرارات بالعودة إلى الحظر الشاملعلى الرغم من ارتفاع أعداد حالات الإصابة، وانتشارها، والذي نحن بأمس الحاجة لفرض الحظر الشامل في ضوء الحالة الصحية الصعبة التي يمر بها الوطن.

إلى أين نسير في ظل مسؤولين فرضتهم الظروف الاقتصادية والسياسية، واستغلوا الظروف الصحية في ظل هذا الوباء، وقانون الدفاع في تفتيت النسيج الاجتماعي والمهني وخلق الأزمات والتي ألقت بظلالها على مناحي الحياة كافة في الوطن، فظهرت حالات الفقر والبطالة والجهل ،و الجريمة ، والانحلال، والبحث عن وسائل جلب المال بوسائل مشروعة وغير مشروع ، والإكتاب ، و الأنانية بين أفرد الأسر الأردنية داخل الأردن وخارجها ، وكرست الطبقية، واعتدت على كرامة وحريات الأشخاص، واستعبدت الناس، ووجهت اعلامها المسموم بأرقام وترهات وتبريرات زائفة للسيطرة على حواس الناس وعقولهم وتفكيرهم.

إلى أن نسير في ظل الحكومة التي لم تحرك ساكنا للتخفيف من معاناة الشعب، وحل مشكلات الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي ،وتحسين مستوى الخدمات التعليمية والصحية، وتقوية النسيج الاجتماعي ، والانخراط في العالم الخارجي للتفاعل معه والاستفادة من تجاربه في تحسن ظروف الناس بدلامن التستر عليه ، والكف عن العبثبمقومات الدولة ومكوناتها المختلفة بحجج مختلفة، و وصلاح الضرار الذي أصاب علاقات الدولة بالدولية العربية وغير العربيةوالكف عن صنع الأزمات معها خاصة بعد أن انفلت زمام المبادرة من بين يدي الحكومة، ولم تعد تملك السيطرة على سياساتها الداخلية والخارجية.

إلى أين نسير في ظل حكومة تدير أزماتنا بالإجراءات والارتحال والتجريب وخلق الأزمات للتغطية على الفشل ، وتبعد عن التخطيط السليم، وتعالج مشاكنا الاقتصادية والاحتماعية والسياسية والتعليمية من خلال منظومات ومصفوفات ومنهجيات ومؤشرات ومنصات وتطبيقات مزركشة، ولجان أخفقت جميعها ولم يلمس المواطن أية نتيجة جراء ذلك باسثناء الجعجعة وبدون طحن بل على العكس أوجدت ظواهر سلبية، وازادات ظواهر السرقة للمحالات والمياه والكهرباء، وازدياة المتاجرة في المخدرات، والتلاعب بغذاء الناسوأدت لإصاباتقاربت من عدد الوباء الكورنوي، وزدادت المشاجرات، وحوادت الانتحار وجرائم القتل، وغيرها.

إلى أين نسير في ظل الحكومة والمواطن الأردني يعيش حالة من التوتر والقلق والاحباط من الممارسات الحكومية باغداق منح الوظائف العليا والوظائف بعقود، وتخليد وتوريث المواقع، وزيادة البطالة في ظل تخلي الكثير من الشركات عن العمالة الوطنية ،ورمت بهم إلى الشوراع نتيجة القرارات الحكومية غير الحصيفة من ظرائب وحظر وغيره أدت إلى تكبيد الشركات والقطاعات، ومنها المدارس الخاصة وغيرها الخسائر المادية والتي أثرت على حياة الناس.

إلى أين نسير في ظل هذه الحكومة ونحن إذ عبرنا برمز أو بحرف أو بجملة وانتقدنا بمهنية وموضوعيةبهدف المساعدة على تصحيح المسار ولفت الأنظار الحكومية لما يمارس من استثمار للقوانين وتحقيق المصالح الخاصة ، أو اصدار قرارات تغدقمن وراءها المنافع للمتنفذين، أو مناقشة تصريحا حكوميا لا يدخل العقل في تعافي الاقتصاد في ظل الجائحة أو التلاعب بارقام المدينوية والصناديق الوطنية أوالحديث عن زيادة الإيرادات من مشاريع المصفوفة الوهمية، فنتحول عندها إلى أعداء للوطن ويجب ملاحقتنا ونصبح هدفا ذا أولوية قصوى بدلا من أهداف معالجة الفقر والبطالة ومكافحةالفساد .

إلى أين نسير ونحن في ظل حكومة أشبعتنا،وجعلت من مسؤوليها يرددون ويتغنون كالطيور الجميلة مصطلحات النهضة والعقد اجتماعي التي تشوهت جراء الممارسات التي تعكس الدما ر والتراجع والعودة إلى العرفية والاستبداد، وتمارس الاعتقالات والزج بالسجون لكل إرداة حرة تطالب بالحقوق أو تعارض سياساتها الفردية ، فأي نهضة هذه وأي عقد اجتماعي يعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي للشعب ومكوناته المجتمعية والمهنية.

إلى أين نسير في ظل هذه الحكومة فاقدة البوصلة وفي كل صباح ومساء تتخذ عددا من القرارات المتناقضة والتي تخلف أزمات أصبحت ككرة الثلج تكبر وتزداد يوميا ، نتيجة عدم قدرتها على تحديد مستقبل الوطن، واستبعادهاللمخلصين من أبنائه على النحو الذي يطمحون إليه ويريدونه ويتمنونه، وتمارس عليهم سياسة فرض الأمر الواقع بقبول ما يعرض عليهم ناسبهم ذلك أم لم يناسبهم، والذي أدى إلى إثقال الدولة والشعب بالعديد من المشكلات التي لا يملك لها احد الحل ، ولن تسطيع عليها أية حكومة قادمة .

إلى أين نسير في ظل هذه الحكومة التي تستخدم كل الأدوات لتمارس الضغط على أشخاص وطنيين هبوا للاستنجاد برأس الهرم لإعادة توجيه البوصلة للمحافظة على وطنهم، وتجبرهم على سجب تواقيعهم على عريضة فيها خريطة لآنقاذ الوضع في ظل ما نشهده من توتر وغياب رؤية والسير نحو المجهول .

إلى أين نسير في ظل هذه الحكومة وإنجازتنا السياسية وأنظمتنا الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها، وقطاعاتنا التجارية والصناعية التي تميزنا بها بدأت تتكشف وتنهار، وتعيدنا لمصاف الدول البدائية والتي تحتكم لشريعة الغاب في إدارة شؤون شعوبها وتقرير مصيرهم ، ولعل ما يشده الوطن من ازدياد في عدد الحالات يؤكد حالة الفشل الحكومي في إدارة الأزمة والنأي بنفسها عن التسبب في ذلك ، وبدلا من الاعتراف راحت تخلق الأزمات للتغطية على الفشل وأصبحت تكيل التهم وتحمل المواطنيين المسؤولية.

ولأننا نعشق وطننا نقول يجب علينا أن نسير فيما يحفظ وطننا وقيادتنا فقط، ولا يجب أن نستلم أو نتوقف أو نتأثر بما يمارس علينا من ضغوط للنأي بالنفس عن الشأن العام، وعلينا الخروج من هذا النفق والإفلات من هذا الكابوس ، إذا عززنا من تماسكنا ،ووضعنا حدا لكل الممارسات التي تعصف بالوطن، وأن لا نسمح لهذه الممارسات بالاستمرار بعد أن تحولت إلى أدوات للتصفية الحسابات، ومن هنا سنسير ونستمر بالدفاع عن وطننا الذي نشأنا وترعننا ورضعنا حبه وتمرمغنا بترابه، ونعتز بقياته وهوأصل الوجود لنا وهو أصل الحكاية، وهو المكان المقدس لنا والحفاظ عليه من الطارئين والدفاع عنه فرض عين.