عذرا سيرين.. مستشفياتهم ليست لك!




رحلت سيرين، يا أغنية الوجع، نقص الرحمة في بعض القلوب قتلتك، قبل أن تُجهز علينا وعليك أعذار بالية لا يصحّ أن تُقال في مئوية الدولة.. لا يوجد أسرّة! مستشفيات لم تعد تتسع لأطفالنا..!

الرحمة لطفلتين جمعتهما الآلام، قبل الحروف، إلا أن (دال الطب) خذلهما فعجّل برحيلهما من غير أوان؛ ليحتضنهما ملك عزيز أضاء بنوره ظلمة مستقرهما، وَجبرت رحمته وجع أسرتيهما في حياة أبدية لا ظلم لبشر فيها.

(سيرين وسدين).. نجمتان رحلتا قبل أن يقوى العود ويشتد الضِلع، فسافرتا في فضاء الكون كأغنية وجع سنرددها في وجلٍ كلما خطف الموت زهرة أجهزت عليها جهلات إدارة ظالمة في زمن النهضة.

من تجاهل أنين سيرين؟ ومن قطع الأكسجين عن قلبها الذي رسم أحلامه على حواف الألم؟ فضاعت روحها بين جمود أنظمة وغباء مستوزرين.

لمَ توقف الحظ عند عتبة قلبها المكتظ بألوان الحياة؟ أهي عنصرية خدمة أم مشاف صمّت آذانها عن سماع أنين روحها قبل صوتها؟...يا الله كلمة واحدة كانت طوق نجاة لقلب سيرين (سرير).

لكنها ترحل على مشارف احتفال "أطرمتنا" أخباره، ولم تتسع حجرات (البشير) لطفلة قتلتها سموم البشر قبل سموم الحياة، طفلة ستبقى روحها تُحلق فوق رؤوس القوم كأسئلة حائرة كلما تشدق أحدهما بأن طبابتنا بخير.

طفلتي، التفاصيل كثيرة ومؤلمة.. في رحلة عذابك أنجز وأوجز الطبيب في وصف حالتك الحرجة، لا بد من إجراء عملية طارئة، لكن أحدهم وبعد مساجلات أجاب ذويها بأن لا ( سرير) في المكان.. كيف نطقها؟ وكأن لسان حاله يقول: إذهبي أنت وأهلك فقاتلا؛ فلا مكان للفقراء ولا مكان أيضا للأطفال.

منذ متى أصبح الأردني رقماً مكسوراً؟ أي عار لبسته منظومتنا الصحية جراء تنازع الفرقاء؟ ومن يجيب على أسئلة تتفوق على الإجابات؟ قبل سنوات ثلاث رحلت (سدين) واليوم تجاورها (سيرين) وما بينهما رحل العشرات بلا ذنب سوى انهم عاشوا زمن البيروقراطية الجوفاء والقرارت العرجاء.

معالي الوزير، جنبك الله الغرور وشروره، لا نريد مذنبين بلا ذنب.. وردات فعل وفزعات، ولجان فارغة المضمون؛ فالمسؤولية تطوق باب رأس الهرم إلى قاعدته.

هل تسمع أنين المرضى بعيدا عن كاميرات الصوت والصورة؟ بعد أن صارت العدالة الصحية مفقودة، وصعبة المنال، والأمن الصحي حواديث تجار؛ لأن ضوابطه الأخلاقية يحكمها قوانين وتعليمات عقيمة أرسلت الكثيرين الى آجالهم المؤجلة. وهل تقرأ ما آل اليه حال القطاع الصحي في عهد كورونا من تشظ؟

لقد أقفلت بابك عن كل مستجد إلا كورونا ؛ فتاهت الشكوى على أبواب المستشفيات، ومختبراتها، وضاعت الوصفات بين نقص الأدوية قبل ارتفاع أسعارها.

وفي ظل الإعوجاج الذي نراه في ترتيب الاولويات؛ سيبقى الخيار السائد استجابات حكومية ضعيفة ومسؤولية إدارية متخبطة، تحكمها العشوائية والواسطة ومتطلبات المرحلة.