من برنامج خدمة وطن إلى الحديث عن خدمة العلم.. إفلاس إداري وهوس يضرب من جديد
محرر الشؤون المحلية - رئيس الوزراء، د. عمر الرزاز، لا يملك أية حلول على ما يبدو، سوى تكرار تجربة برنامج خدمة وطن "التدريب والتوجيه الوطني العسكري"، وإعادة إنتاجها في حلة جديدة، على أنها العصا السحرية لحل كافة المشكلات.
بالأمس، لجأت الحكومة إلى هذا البرنامج الذي عقد بين القوات المسلحة الأردنية_ الجيش العربي، ووزارة العمل، بهدف تأهيل الشباب، وصقل مهاراتهم لدخول سوق العمل.
واليوم، يعلن الرئيس أن مواجهة الكورونا قد تستغرق سنوات، مضيفا إن الحكومة ستعمل على إعادة تدريجية لخدمة العلم بشكل وقالب جديد، في إطار سعيها لمواجهة الفقر والبطالة.
"هوس" غريب يسكن بال حكومة الرزاز، التي أفلست تماما في إيجاد الحلول الناجعة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية للأزمة، فجاء هذا الحل "السحري" بإعادة الحديث حول خدمة العلم إلى واجهة الاستهلاك الإعلامي!
بداية، ليس من المعقول ولا المبرر تحميل خزينة الدولة المزيد من الأعباء لحل المشاكل الاقتصادية. مواجهة جائحة الكورونا وتداعياتها الاقتصادية تتطلب دعم القطاع الصحي، ومواجهة الفقر والبطالة تستوجب دعم وتطوير الإنتاج المحلي، عبر خطط مدروسة، وبرامج عملية مجدية.
غير أن "عبقرية" الحكومة اعتبرت أن الحل يكمن في "تجميد" الشباب لسنتين، عبر إلحاقهم بالجيش، واستنزاف المزيد من النفقات الجارية، عوضا عن خلق مشاريع استثمارية تحولهم إلى منتجين فاعلين في رفد الاقتصاد الوطني.
ثم إن اللجوء إلى تفعيل خدمة العلم يكاد يوحي بأن هناك حرب على الأبواب! فهل هذا ما تتخيله حكومة الرزاز؟!
الحرب الفعلية التي يواجهها الأردن هي في مواجهة تداعيات الجائحة، وأدوات هذه الحرب هي تحفيز الإنتاج المحلي، وليس الحلول المفلسة، التي تلجأ إليها الحكومة كل ما اشتدت المواجهة، بدء من محاولات الهيمنة على أموال الضمان الاجتماعي، وليس انتهاء بالحديث عن اللجوء لخدمة العلم.
كان من المفترض أن يكون الدرس الأول المستفاد من أزمة الكورونا هو ضرورة وأولوية الاعتماد على الذات، وتطوير الإنتاج الغذائي والدوائي، عبر مشاريع استثمارية تسهم في رفد الخزينة وخلق فرص عمل، غير أن هذه الحكومة أثبتت إفلاسها التام، فلم تجد حلا سوى التهرب من مسؤولياتها عبر إلهاء الرأي العام بمسألة عودة الخدمة العسكرية.
الأردن يواجه تحديا حقيقيا جوهره الفقر والبطالة. هذه الأزمة تتفاقم بشكل مضطرد منذ بدء الجائحة، وعلاجها يتطلب نهضة حقيقية، وليس "نهضة" إعلامية تقرع طبول حرب لا وجود لها!
الرأي العام الأردني تشغله تداعيات الجائحة الاقتصادية، والتطورات الإقليمية الخطيرة فيما يتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية، فإذا كان الهدف من إثارة مسألة خدمة العلم هو إلهاء الناس، فهذه بصراحة خطوة غير موفقة، تذكرنا بمرحلة "أبو شاكوش" التي عفا عليها الزمن!