فاجعة السودان.. وين الملايين!
خاص_ غضبة النيل.. كارثة ألقت أثقالها في السودان الشقيق، دون أن يلتفت إليها المجتمع الإقليمي أو الدولي.. حتى الأشقاء أداروا ظهورهم تماما لهذا البلد المكلوم!
الدبلوماسية الدولية، والسياسات الخارجية، لا تعترف إلا بالمصالح المادية البحتة، فلا مكان في قواميسها لأية معايير أخلاقية أو استحقاقات إنسانية.. العالم ترك هذا البلد الطيب وحيدا غارقا في فاجعته.. رغم وفاة مائة إنسان، وتأثر نصف مليون شخص بالفياضانات، وانهيار أكثر من مائة ألف منزل، وابتلاع مئات القرى..
المجتمع الدولي عودنا على تبلد ضميره في أكثر من محطة.. ولكن ماذا عن العرب؟! أين هو دور جامعة الدول العربية مثلا في تحمل مسؤوليتها تجاه هذه الفاجعة؟!
دول النفط.. أثرياء الأمتين العربية والإسلامية.. أصحاب الملايين المتراكمة في البنوك.. هل يطلعون على نشرات الأخبار؟ ألا يعلمون أن لهم أخوة يتنفسون الموت في ظل هذه المأساة؟! ألا توجد يد تمتد لتنشل هذا البلد الشقيق من الكارثة؟!
وكأن جحيم الفقر والبؤس والحرمان الذي يعانيه أخوتنا في السودان لم يكن كافيا، جاءت هذه الفياضانات لتشمل كل أنهار السودان، وتضيف فوق الجراح مأساة جديدة!
لا اعتراض على مشيئة الله وقضائه وقدره.. ولكن لماذا يترك العالم هذا البلد وحيدا في مواجهة قسوة الطبيعة، وتقلباتها الكارثية، التي كان العالم "المتقدم" هو المسبب الرئيسي لها، بغازاته وسمومه التي تسببت بالاحتباس الحراري، وشوهت التوازن القائم في الطبيعة منذ بدء الوجود؟!
النيل لم يزلزل الأرض بهذه القسوة منذ أكثر من مائة عام.. واليوم تحل هذه الكارثة في فصل الصيف، نتيجة لعبث العالم الصناعي "المتحضر" بالتوازن البيئي. وفوق هذا، يدير هذا العالم ظهره بكل وقاحة، غير مكترث بالأرواح التي حصدتها الفياضانات.
عندما يهتز رخاء أي شخص في دول "المن والسلوى" وقفازات الحرير، تتسابق الدول والأفراد في شتى بقاع الأرض إلى تقديم كافة أشكال الدعم والمؤازة والتضامن.. ولكن عندما تحل كارثة حقيقية ببلد فقير، فلا يسود سوى الصمت الثقيل، وبلادة الضمائر الباردة!
الكارثة لم تنته، بل لاتزال مياه الفياضانات مهيمنة على مدن السودان، في ظل تحذيرات بكارثة أخرى، بعد إعلان هذا البلد منطقة كوارث طبيعية، ورغم هذا يستمر التجاهل، فلا بواكي للفقراء!