العمل من المنزل والكورونا ؟
من نتائج الكورونا اختلال الإقتصادات وضيق حال الناس في العالم . من كان يصدق أن " الحلاق " أغلق محله وسلمّه لمالكه ليتشارك مع زميل آخر لديه كرسيان حلاقة في محله ( حسب تعبير المهنة ) ، ومثله الكثير . واللافت بطئ وتيرة الحياة بعد توقف الإغلاق ، بسبب أداء الموظفين لأعمالهم من منازلهم بفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة ، ما بدأ يطرح مفهوما جديدا لتأدية شرائح واسعة من الأعمال بنفس الوسيلة بدلا من الذهاب إلى مكاتب العمل كما قبل الكورونا ، خاصة مع ضغوطات تحقيق الأرباح وتخفيض أجور الموظفين والإستغناء عنهم.
يطرح هذا تساؤلات حول " نموذج العمل المكتبي ": إلى متى تستمر الكورونا ؟كيف سيتم العمل بعدها ؟ وما الآثار: على إنتاجية الموظفين ؟ بوجود أطفالهم وزوجاتهم حولهم ؟ الوفر المالي والجسدي عليهم ؟ وعلى تكاليف اصحاب العمل من إيجارات وصيانة وتدفئة وتبريد .. إلخ ؟ وعلى سلسلة الأعمال الأخرى التي يشتري الموظفون منتجاتها وهم يعملون من مكاتبهم ، مثل المواصلات العامة والمطاعم والمتاجرالصغيرة القريبة من مراكز أعمالهم ؟ وعلى مالكي عمارات المكاتب ، شركات وأفراد ؟ وهل يتراجع الطلب على عماراتهم ومبانيهم؟ وعلى أسعار الأراضي التجاري / مكاتب ؟ وعلى شركات تنظيف المكاتب ؟ وهل يخلق العمل من المنزل شعورا بالوحدة ؟ ويؤثر على الصحة النفسية ؟ وعلى مستوى العناية بالمظهر؟ أين التواصل البصري والإجتماعي وتكوين الصداقات ؟ وهل تتبعها هجرة من المدن إلى الضواحي ؟ وتوابع ذلك ؟ وكيف تتجاوب إدارات الموارد البشرية ؟ وما أثر هذا على حجم الطلب الكلي وإيراد الحكومات ؟ وو.... حلقات كثيرة مترابطة لها بداية وليس لها نهاية .
ما بعد الكورونا ليس كما قبلها ، فالسياحة والتعليم ، بسلسلتهما القبلية والبعدية لن يعودا إلى ما كانا عليه قريبا ، ومثلهما قطاعات اقتصادية أخرى ، ما يفرض على الحكومات والقطاع الخاص ورجال الأعمال أن يتنبهوا مبكرا لتغيرات لم تكن يوما في الحسبان ، ما يتطلب أولويات ونماذج أعمال مختلفة ( Business model) ، وعلى رأسها مشروع موازنتنا للعام 2021 الذي ينطبق الحال عليها ، بكل ما فيها من اختلالات قبلية وبعدية ايضا.