تجربة ثقيلة لا مفر منها.. كيف ومتى تخبرين طفلك أنه مصاب بالسرطان؟

لا أحد مستعد أبدا لسماع أن طفله يعاني من مرض يهدد حياته. وبالنسبة لمعظم الآباء، فإن التأكد من هذا الخبر يتسبب في صدمة، وقد تكون الأسابيع الأولى مدمرة نفسيا. بعد ذلك يسعى هؤلاء الآباء لتقديم أفضل ما لديهم لفلذات أكبادهم أثناء مرورهم بهذه المساحة الرمادية والمجهولة.

في سبتمبر/أيلول من كل عام يتم تكثيف حملات التوعية ضد سرطان الأطفال، ودعم الأطفال المصابين، وربما يجب على الأهل أخذ حذرهم ومراعاة جميع الجوانب النفسية التي يمر بها الابن المصاب.

عندما يتم تشخيص إصابة الطفل بالسرطان، تنقلب طفولته رأسا على عقب في أجزاء من الثانية، ليصبح علاجه هو الأولوية رقم واحد، في حين أن زملاءه وأبناء عمومته وجميع الأطفال من حوله يواصلون لعب كرة القدم.

تقول الكاتبة ميلينا جونتي، في مقال لها على موقع "فازرلي" Fatherly "تمتلىء أيام هؤلاء الأطفال فجأة بزيارات الأطباء والاختبارات والعلاجات الصعبة وآثارها الجانبية غير المحتملة، وغالبا ما يقضون لياليهم في أسرة المستشفيات بدلا من أسرتهم الدافئة بالمنازل. المرور فجأة وبسرعة بكل هذه التغييرات يمكن أن يصدم ويخيف الأطفال، خاصة أولئك الذين هم أصغر من أن يفهموا تماما ما الذي يحدث لهم".

إبلاغ الأطفال بالحقيقة
بعد سماع التشخيص الأولي، وفيما يحاول الآباء السيطرة على مشاعرهم والتفكير في الخطوات التالية، فإنهم يتساءلون: كيف سأشرح هذا لطفلي؟

تقول جونتي، "إنه سيكون من الصعب إجراء هذه المحادثة، وقد يكون من المغري تجنبها، حتى لو كان ذلك من أجل حماية الطفل من الواقع المخيف، إلا أن الخبراء والآباء على حد سواء يصرون على أنه من الضروري التحدث بصراحة وصدق مع الأطفال حول السرطان والعلاج، وكيف ستتغير حياتهم".

بالطبع، سيحدد عمر الطفل وقدرته على الفهم مقدار التفاصيل التي تتم مشاركتها. وبغض النظر، فإنه يجب على الآباء دائما محاولة تقديم معلومات دقيقة والإجابة على الأسئلة بصدق وهدوء، فالأطفال من جميع الأعمار يستشفون كل شيء من نبرة صوت والديهم وتعبيرات وجههم.

من الضروري التحدث بصراحة وصدق مع الأطفال حول السرطان والعلاج (بيكسلز)
ليسوا وحدهم
لا يعرف الآباء بالتأكيد أفضل السبل لدعم أطفالهم أثناء إصابتهم بالسرطان لأول مرة، مع التأكد من إمكانية الإبقاء عليهم مجرد أطفال يريدون تمضية وقتهم في اللعب والاستمتاع.

عند مواجهة مثل هذه الظروف الصعبة، من المفيد الحصول على إرشادات من الخبراء وأولياء الأمور الذين مروا بهذه التجربة من قبل.


صحيح أن كل أسرة تمر بالموقف بشكل مختلف وفريد من نوعه، إلا أن الحكمة المستقاة من تجارب الآخرين قد تمكن الآباء من التعامل مع الأشياء الصعبة وكيفية التماسك، وكذلك الاستعداد لما هو قادم.

تقول جونتي "لن يقول أحد إن هذه الرحلة سهلة، لأنها ليست كذلك، ولكن الحصول على هذا التوجيه قد يمكن المصابين بسرطان الطفولة من العثور على القليل من الأمل، وإدراك أنهم ليسوا وحدهم في هذه المعركة".

شبكة دعم الأصدقاء
بالنسبة للآباء، يمكن أن تكون الخدمات اللوجستية التي ينطوي عليها دعم الطفل من خلال العلاج مرهقة بما يكفي، لكن الخسائر العاطفية التي يتسبب بها سرطان الطفولة عليهم وعلى أطفالهم الآخرين وأولئك الأقرب إليهم تكون هائلة.

وفقا لموقع جمعية السرطان الأمريكية، Cancer.org، فالأمر الهام بالنسبة للآباء أن يأخذوا حذرهم من الدخول في الاكتئاب أو الشعور بالوحدة، وهذا أمر متوقع وسهل بالنسبة للموقف الذي يمرون به والقرارات التي عليهم اتخاذها والوقت الطويل الذي يقضونه في المستشفيات، إلا أن تمكن هذه المشاعر السلبية منهم سيؤثر بشدة على حالة ابنهم، لذا من المهم بناء شبكة دعم قوية للآباء والأمهات. وتظهر الأبحاث أن تلقي المساعدة من الآخرين، لكل من الاحتياجات اللوجستية والعاطفية، يقوي ويشجع ليس فقط الوالدين ولكن أيضا الطفل المصاب بالسرطان وإخوته.

في البداية، يجد معظم الآباء صعوبة في طلب المساعدة، فقد يكون الأمر محرجا، ومن الصعب معرفة ما يجب طلبه، كما أن السؤال نفسه يستغرق وقتا طويلا، لكنه أمر بالغ الأهمية، فالتواصل المنتظم والصريح والصادق مع الأصدقاء والأقارب والجيران وغيرهم في دائرة المعارف يمكن أن يخفف من التوتر والحزن والإرهاق الشديد.

لا تدع طفلك يشعر بالوحدة أو الاختلاف (غيتي إيميجز)
الإبقاء على كل شيء كما هو
بمجرد تشخيص أحد الأطفال بالسرطان، يتغير كل شيء. تنقلب المواعيد والروتين، ويزداد التوتر، وتتأرجح المشاعر، وقد تكون الموارد المالية غير متوفرة، وقد تكون الأنشطة العائلية محدودة والتواصل الاجتماعي غير كاف بسبب ضعف جهاز المناعة لدى الطفل.

وسط كل هذه التغييرات، يوصي الخبراء بالحفاظ على أكبر عدد ممكن من الأشياء كما هو. فعلى سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالتربية، يجب الحفاظ على التوقعات ذاتها بالنسبة للطفل، مثل مطالبته بقول "من فضلك" و "شكرا لك" أو إعادة ألعابه إلى مكانها إذا كان قادرا، فهذا أفضل له نفسيا من تغيير القواعد بسبب إصابته بالسرطان.

من المهم أيضا تشجيع وقت اللعب والأنشطة الترفيهية، حسب المقدرة الصحية، والتي يمكن أن تساعده على الشعور كطفل عادي وإبعاد تفكيره عن المرض.

من الضروري كذلك، إبقاء الطفل المصاب على اتصال بأصدقائه قدر الإمكان حتى لا يشعر بالعزلة الشديدة، خاصة إذا كان غير قادر على الذهاب إلى المدرسة لفترة من الوقت.

لا تدع طفلك يشعر بالوحدة أو الاختلاف. إنه يعرف أنه مريض، لكن لا يزال بإمكانه الاستمتاع بالحياة كطفل.

النصيحة الأهم هو أن تساعد طفلك المصاب بالسرطان على أن يعيش حياة طبيعية قدر الإمكان، ويعيش طفولته بالقدر الذي تسمح به صحته.

المصدر : مواقع إلكترونية