الخطأ الخطيئة: ومع ذلك فان قضية فلسطين لن تموت
عندما يصل العقل الى نقطة يعجز فيها عن التفسير المنطقي لما يجري حوله من خطايا وآثام وطنية وقومية ودينية ، يفقد القلب قدرته حتى على الغضب، لأن ما يجري حولنا لا يمكن للغضب أن يستوعبه.
وحتى لا يتم اتهامنا بالتجني او الظلم، على المرء ان يبدأ بنفسه ومن ثم ينطلق الى الآخرين. الخطأ الخطيئة الأولى ارتكبتها القيادة الفلسطينية أصلاً في أوسلو عندما قامت بمقايضة الحقوق الوطنية الفلسطينية من أجل حكم ذاتي تافه من خلال سلطة هي في واقعها ذيل للاحتلال.
الجريمة الأساس ارتكبتها القيادة الفلسطينية في أوسلو، وهذا شكّل نقطة الانطلاق والضوء الأخضر للآخرين لفعل ما فعلوه ويفعلونه الآن.
لو أراد محمود عباس أن يأخذ موقفاً حقيقياً فاعلاً مما يجري الآن لكان عليه أن يعلن إلغاء اتفاقات أوسلو وكل ما تمخض عنها، وأن يعلن بالتالي حل السلطة الفلسطينية وأن يقلب الطاولة على رأس الجميع من خلال اعلان الانتفاضة وعودة الكفاح المسلح داخل فلسطين عوضاً عن الذهاب الى الجامعة العربية مستجدياً دعما يعلم جيداً أنه لن يحصل عليه ، ولكنه لم يفعل ذلك ولن يفعل أي شئ قريب من ذلك لأن فيه نهايته ونهاية سلطته.
قضية فلسطين لن تموت مهما تمادت خطوات الاستسلام العربية، والشعب الفلسطيني لن يموت مهما تمادت قيادته في عمالتها للإحتلال، ومهما بالغ الإحتلال في ظلمه للشعب الفلسطيني. فهذا الشعب لن يختفي، وطالما بقي هنالك قلب فلسطيني ينبض، ستبقى القضية الفلسطينية حية بالرغم من فداحة ما يجري لها الآن على يد الأخ والقريب.
الفلسطينيون لا ينكرون ولن ينكروا فضل الشعوب العربية من المحيط الى الخليج ودورهم في دعم القضية الفلسطينية وفي توفير الطوق الحامي للحقوق العربية الفلسطينية في فلسطين. ولكن هذا لا يشكل ولا يجب ان يشكل عذرا للتنازل عن تلك الحقوق من قبل البعض المتنفذ، وإباحة الجسم الفلسطيني للأفاّقين يعبثوا به كما يشاؤون.
سيأتي يوم تحاسب فيه الشعوب العربية حكامها عندما يستفحل النفوذ الاسرائيلي الى حد الهيمنة على ثروات وسيادة واستقلال تلك الدول العربية المطبعة، ومعاملتها كأشباه دول تدور في الفلك الاسرائيلي. عندها قد يندم البعض حيث لا ينفع الندم.
الجميع يعلم ان لا قيمة فعلية لأي شئ يتم الحصول عليه بالمجان. التطبيع المجاني والإعتراف المجاني بعدو شرس مثل اسرائيل هو في هذا السياق. حتى مثل ذلك العدو لا يحترم من يعطيه شيئًا بالمجان.
قد يكون هذا الكلام بالنسبة للبعض كلامًا غاضبًا وعاطفيًا ولكنه مع ذلك يبقى حقيقيًا وحقيقيًا جدًا ، وهنا تكمن خطورته وأهميته.