مجلس النقابة والنقيب ليسوا هيئة مخترة وظيفتها تكفيل الصحفيين!

تكررت في الآونة الأخيرة حالات استدعاء وتوقيف وتكفيل الصحفيين بالاستناد لقانون الجرائم الإلكترونية دون اعتبار لنقابة الصحفيين والوسط الصحفي برمته.

هذه الممارسات المستنكرة والتي تهدف للحد من حرية الصحافة والصحفيين وتحمل رسائل ضمنية الى كل صحفي يحاول الخروج عن الطوق والتعبير عن رأيه في القضايا الوطنية المختلفة، بأنك تحت أعيننا وعليك الالتزام بسقف الحرية المرسوم؟!

هذا التقويض لحرية الإعلام والصحافة، والمحكم بسبق الإصرار والتعمّد، يتطلب وقفة جادة من جميع قوى المجتمع وعلى رأسها نقابة الصحفيين الأردنين لمواجهة هذه الهجمة ضد الصحافة وحرية الرأي، والتي يبدو أنها منظمة لقصقصة أجنحة الصحافة والصحفيين وإبقاء السيطرة عليهما استعدادا لاستحقاقات مستقبلية إن كانت سياسية أو غيرها.

ومن اللافت والمستغرب أنه وفي ظل هذه الهجمة وقرارات منع النشر في القضايا المختلفة والتي تكررت خلال الأيام الماضية ومنها قضية المعلمين رغم عدم خطورتها على السلم المجتمعي واستدعاء الصحفيين وناشري المواقع الإلكترونية وإصدار قرارات التوقيف ومن ثم التكفيل للصحفيين كل ذلك يجري في ظل غياب مؤسسي واضح لمجلس نقابة الصحفيين عن المشهد العام المتعلق بتلك القضايا لدرجة عدم إصدار بيان واضح وصريح يرفض مثل هذا النهج الذي ساهم في الاعتداء على حرية الصحافة والإعلام والحط من قيمة الصحفيين والاعتداء على حقهم في التعبير والنشر.

هذا الغياب بالرغم من أن مدة المجلس قد انتهت في نيسان الماضي وبانتظار إجراء انتخابات جديدة في آذار المقبل، بسبب جائحة كورونا لا يبرر السكوت، لاسيما وأن المجلس الحالي، مازال يملك الولاية والصلاحيات باعتباره المظلمة الحامية لحقوق الصحفيين ما يجعل من صمته اليوم ظاهرة سلبية ومستهجنة ولا تليق بتاريخ النقابة العريق.

وهنا يجب التأكيد على أنه لا يجوز وليس مقبولا من النقابة أن تمارس، عملها بالقطعة منتظرة الانتخابات القادمة دون أن تقوم بالواجب المطلوب منها بوقف الاعتداء على الحريات العامة وحرية الصحفيين ووقف التنمر عليهم من قبل السلطات الاخرى خاصة أنها وصلت لاعتقالهم وتوقيفهم قبل أن يخضعوا لمحاكمة عادلة أمام القضاء، وهذا مخالف للأعراف الاعلامية والصحفية مثلما أن بعض الاعتقالات جاءت مخالفة كذلك للقانون.

كل ما جرى للصحفيين خلال الفترة الماضية كان يستدعي بحده الأدنى إصدار بيان من النقابة للرأي العام يوضح ويرفض بشكل قاطع هذه الممارسات والانتهاكات لحرية الصحفيين ويطرح برنامجا واضحا يتضمن المطالبة بتعديل القوانين المتعلقة بالحريات الصحفية والعودة إلى قانون المطبوعات والنشر الذي يمنع توقيف الصحفيين قبل المحاكمة، وهنا لابد من التأكيد على دور النقابة والنقيب الذي يمارسون وبكل أسف دورهم على طريقة المختار الذي يسعى لكفالة الناس دون أن يكون لهم موقف واضح ومعلن تجاه ما كل يسيء للصحفيين ويقوض حرية الإعلام كما هو حاصل اليوم.

ولابد من التنوية بأن هذه الممارسة في التعامل مع قضايا الصحفيين والمتمثلة في العمل بالطريقة الدبلوماسية ومن تحت الطاولة وتوظيف الاتصالات والواسطات مع أركان الحكومات لتكفيل الصحفيين لا تتعلق بالمجلس أو النقيب الحاليين فقط بل هو نهج درجت عليه المجالس والنقباء السابقون ما يشير إلى أنه نابع من الفهم النقابي لديهم والذي اساسه ارضاء للسلطة التنفيذية والخوف على مصالحهم حيث يعملون على حل المشكلات بطريقة المختار أو شيخ العشيرة بعيدا عن تبني برنامج عمل نقابي حقيقي يدافع ويحمي الصحفيين من هذا التعدي الصارخ على حقوقهم في النشر والتعبير، سعيا للارتقاء بالعمل الصحفي نحو الاستقلالية والمهنية التي تتحقق من خلالهما المصلحة الوطنية العليا.