الفاشونيستا.. عندما تغزو فتيات البلاستيك المنظومة الثقافية!

محرر الشؤون المحلية_ الفاشونيستا.. مصطلح بات يفرض نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي على أنه "صرخة العصر"، رغم حقيقة كونه مفتاح الانحدار، والانهيار القيمي الثقافي..

فتيات برعن في تسويق أنفسهن، دون طرح أية فكرة أو قيمة أو مشروع حقيقي، مجرد دمى بلاستيكية، أو نسخة بشرية عن شخصية "باربي" بمعاييرها الاستهلاكية الفارغة، نجحن في استقطاب ملايين الإعجابات، ليتحولن إلى "شخصيات عامة"، "تؤثر" في المجتمع!

هذه الشخصيات البلاستيكية وجدت في وسائل التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية للإثراء السريع، دون أي عناء أو جهد، ودون تقديم قيمة حقيقية أو أية إضافة ذات شأن.. مجرد ملابس وأكسسوارات ومساحيق لطلاء البشرة، تجلب إليها ملايين المتابعين، الذين يتم استثمارهم لاستقطاب الإعلانات التجارية بمبالغ لا تعد ولا تحصى.

الأنكى من هذا أن مجموعات "الباربي" البشرية لم تكتف بما يعرضه أصحاب الماركات من إعلانات مدفوعة الأجر، بل باتت هذه المجموعات تتصرف وكأن الإعلان لديها فرض عين على كل صاحب عمل، وضريبة على الجميع تسديدها، تحت طائلة الابتزاز، حيث يكفي أن تقوم إحداهن بانتقاد منتج أو مشروع ما، لتتسبب لصاحبة بخسائر تفوق قدرته على التحمل.

عائد مالي كبير تجنيه مجموعات الفاشونيست بعيدا عن أية رقابة، ودون تقديم أي مقابل أو ضريبة، وفوق هذا يستمر التمادي عبر الابتزاز لإرغام الجميع على الدفع غير المبرر! هذه الظاهرة الخطيرة باتت تتفاقم إلى درجة تهدد الإنتاج، وتفرض معايير فارغة على قوانين السوق، ومحددات الاستهلاك.

ولا يقف الأمر عند حدود هذا الابتزاز اللاأخلاقي، بل باتت ظاهرة الفاشونيستا المعول الذي يسهم في هدم المنظومة الثقافية للمجتمع، فعوضا عن كون المثل الحقيقية التي يقتدي بها الناس، تتمثل بالكتاب والمفكرين، باتت قدوة الجيل الشاب مجرد عارضة أزياء ملطخة بمساحيق التجميل.

بالأمس كان الشعر ديوان العرب.. أما اليوم فقد بدأت مجتمعاتنا تنحدر إلى القيم الفارغة التي يكرسها الغرب الرأسمالي، وبدأت مثل هذه الظواهر الفارغة تفرض سطوتها على الفضاء الإلكتروني، لتجريد المجتمع من أية خصوصية حضارية، وتحويله إلى أدوات استهلاكية تتحكم فيها الماركات العالمية وعارضات الأزياء!