كورونا.. ما درجة الحرارة التي يعشقها؟ وكيف نحمي أنفسنا منه في الخريف والشتاء؟
مع اقتراب فصلي الخريف والشتاء، تبرز تساؤلات عن الكيفية التي سيتصرف بها فيروس كورونا المستجد؛ فهل سنشهد موجة تفشٍّ ثانية؟ وكيف نحمي أنفسنا من كورونا خلال فصلي الخريف والشتاء؟ وما درجة الحرارة المثالية لانتقال فيروس كورونا المستجد؟ الأجوبة في هذا التقرير الشامل.
الخريف والشتاء هما موسما البرد والأنفلونزا، بيد أن شتاء هذا العام يحمل في طياته أيضا خطر الإصابة بفيروس كورونا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد دعا، الخميس الماضي، الدول الأعضاء إلى تشديد القيود "على الفور" في مواجهة بؤر جديدة لوباء كوفيد-19 للتصدي لموجة ثانية من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون الصحة، ستيلا كيرياكيدس، خلال مؤتمر صحافي "على كل الدول الأعضاء اتخاذ اجراءات فورية وفي الوقت المناسب مع ظهور أولى المؤشرات إلى بؤر جديدة".
وأضافت "قد تكون هذه فرصتنا الأخيرة لتجنب تكرار الوضع الذي شهدناه في الربيع الماضي".
وقالت المفوضية، الثلاثاء، إنه سيتم إنشاء مخزونات طبية جديدة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الدانمارك واليونان والمجر والسويد، وذلك في إطار الجهود المبذولة لمواجهة جائحة فيروس كورونا والتحديات الصحية المستقبلية المماثلة.
وقال يانيز لينارتشيتش، مفوض إدارة الأزمات في بروكسل، "مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد الإصابات بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا، فإن تكوين مخزونات من المعدات الطبية الحيوية أمر بالغ الأهمية".
من جهته حذر كبير المستشارين العلميين بالحكومة البريطانية، الاثنين، من أن المملكة المتحدة في طريقها لتسجيل 50 ألف إصابة يومية بكورونا بحلول منتصف شهر أكتوبر/تشرين أول القادم، إن لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع انتشار الفيروس.
الحالات مستمرة في الازدياد
نقلت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء عن باتريك فالانس قوله، في بث تليفزيوني مباشر الاثنين الماضي، "الإصابات مستمرة في الزيادة، وسيعقب هذا زيادة الحالات في المشافي، وللأسف سيعقب هذا ارتفاع عدد الوفيات، وهناك احتمال أن يحدث كل هذا بصورة سريعة".
من جانبه، قال كبير المسؤولين الطبيين في الحكومة كريس ويتي إن المملكة المتحدة بحاجة إلى التعامل مع جائحة كورونا "بشكل جدي للغاية" في الأشهر 6 المقبلة مع دخول أشهر الخريف والشتاء الأكثر خطورة.
ولفت إلى أنه لا يوجد دليل على أن الفيروس أصبح أقل حدة الآن مما كان عليه في الربيع.
وفي شهر يونيو/حزيران الماضي قال مايك ريان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إنه من غير الواضح كيف سيؤثر حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي على فيروس كورونا المستجد.
وأثناء مؤتمر صحفي عبر الانترنت قال ريان "لا نعرف ما سيكون عليه فيروس كورونا.. في الوقت الراهن ليس لدينا بيانات تشير إلى أن الفيروس سيكون أشد خطورة، أو سينتقل بصورة أكبر أم لا" مشيرا إلى أن أثر حلول فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي غير واضح أيضا.
وقال ريان "لا يمكننا أن نعتمد على توقع أن الفصل (المناخي) أو درجة الحرارة يحملان جوابا (بخصوص تفشي المرض)".
مع اقتراب الشتاء، ما الذي يمكن توقعه من فيروس كورونا؟
وقال الكاتب فابيان غوبيت في تقريره الذي نشرته صحيفة "لوتون" (Le Temps) الفرنسية إنه حسب فاليريا كاغنو، عالمة الفيروسات في قسم علم الأحياء الدقيقة والطب الجزيئي في جامعة جنيف، "لا يمكننا التأكد من تأثير ظروف الشتاء على فيروس كورونا.. تشير بعض الدلائل إلى سهولة انتشاره، بينما تبين دلائل أخرى عكس ذلك".
فيروس متغير في الشتاء
تفضل فيروسات كورونا الأخرى المعروفة، مثل تلك التي تسبب نزلات البرد، الشتاء للانتشار، وهي آلية غير مفهومة تماما؛ لكن قد يكون لذلك تفسيرات عديدة. يؤثر الطقس على ذلك بالطبع.
في المختبر، وجد علماء الفيروسات الأميركيون أن الإنفلونزا تنتقل بسهولة أكبر في الظروف الباردة والجافة، وقد أثبتت تجاربهم، التي أجريت في عام 2007 ونشرت في مجلة "بلوس باثوجنس" (PLOS Pathogens)، أن الفيروس ينتقل بدرجة أكبر عند 5 درجات مئوية مقارنة بـ20 درجة مئوية، وكذلك في رطوبة نسبية تتراوح من 20 إلى 35 بالمئة.
في كلتا الحالتين، ليس هناك ما يضمن ألا ينطبق ذلك على فيروس كورونا، وحسب كاغنو، على عكس الفيروسات الأخرى، فقد استمر انتشاره هذا الصيف في أوروبا، بما في ذلك إسبانيا وجنوب فرنسا في المناخات الحارة والجافة.
ما درجة الحرارة التي يعشقها؟
بين الكاتب أن فريقا من معهد علم الحيوان التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في مايو/ آيار الماضي قدر أن درجة الحرارة المثالية لانتقال فيروس كورونا المستجد تبلغ حوالي 6.3 درجات مئوية، وفقا للتقرير.
وذكر الكاتب أنه تم الحصول على هذه النتائج عن طريق الربط بين البيانات التي تخص الأوبئة، وتلك التي تتعلق بالأرصاد الجوية من عدة مناطق في العالم، بما في ذلك الصين وأوروبا والولايات المتحدة؛ لكن تبدو هذه الاستنتاجات هشة، لأنها تفتقر إلى الدقة، في الحقيقة من الصعب معرفة تاريخ إصابة المريض على وجه اليقين، مما يضعف ربط ذلك بالظروف الجوية.
وما زاد الأمر تعقيدا أن الاستجابات المناعية للجسم تبدو أيضا أقل فعالية في البرد، كما أظهر فريق أميركي من جامعة ييل عقب تجربة على الفئران في عام 2015 في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية.
كما أن قلة التعرض للشمس من شأنه أن يقلل أيضا من إنتاج "فيتامين دي"، المعروف أنه يؤدي دورا في جهاز المناعة.
علاوة على ذلك، لا يؤثر الطقس الشتوي على الفيروسات فحسب؛ بل تتغير سلوكيات الإنسان أيضا بشكل عميق، حيث نقضي المزيد من الوقت في الداخل، في أماكن ضيقة أكثر ملاءمة لانتقال الفيروس من شخص لآخر، وهو ما يستوجب مضاعفة اليقظة واحترام التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة.
وقدم موقع مجلة "بيلد دير فراو" الألمانية -وفق ما نقل عنه تقرير للكاتب علاء جمعة في موقع "دويتشه فيله" (Deutsche Welle)- عدة نصائح من أجل حماية أفضل من فيروس كورونا في فصلي الخريف والشتاء:
1- تجنب الإصابة برذاذ اللعاب
الرذاذ الخارج من الفم لحظة السعال هو الأخطر؛ أي الطريقة الأسرع لانتقال فيروس كورونا المستجد، لذلك من الضروري بالرغم من لبس الكمامة، الحفاظ على التباعد، المحافظة على مسافة بينك وبين الآخرين تحميك من كورونا ومن العدوى التي تسببها فيروسات أخرى، كما من الضروري التأكد من وجود تهوية جيدة في حالة ركوبك المواصلات العامة.
2- غسل اليدين
بسبب دخول فصل الخريف، وبرودة الجو، فإن الفيروسات تبقى على الأسطح لفترات أطول. من الضروري في هذه الحالة غسل اليدين وتعقيمهما باستمرار، وذلك من أجل تجنب وصول الفيروسات إلى الوجه.
3- المشي
المواصلات العامة قد تصبح حاضنة مثالية للفيروسات وقت الشتاء، بحسب المجلة الألمانية، لذلك حاول السير على الأقدام، وإن لم تستطع ذلك حاول تبديل وسائل المواصلات المزدحمة واختيار أوقات يخف فيها الازدحام.
4- تصرف كما لو كنت مصابا بكورونا
الانعزال عن الآخرين، ليس هو الخيار؛ بل إن المطلوب هو بعض الحذر في التعامل مع الآخرين، فبعض المصابين بالمرض ينقلون العدوى، وهم لا يعرفون حتى أنهم مصابون؛ لذلك ينصح بعض الخبراء بالتصرف كما لو أنك كنت مصابا بكورونا، من حيث تجنب المصافحة والاقتراب من الآخرين، والعناق غير اللازم في التحية. هذا الأمر قد يحميك بشكل أفضل.
وقد يكون مفيدا أيضا تسجيل حركاتك على مفكرة، بحيث في حال حدثت إصابة لك أو لأحد معارفك تتمكن من تتبع سلاسل العدوى، وهو أمر مفيد من أجل حماية الآخرين، ولا سيما العائلة أو الأصدقاء.
كما أن تنزيل برنامج الحماية الخاص بكورونا على جهازك المتنقل، قد يفيد في تحذيرك من أية عدوى محتملة من أشخاص ثبتت إصابتهم بهذا المرض، حيث يصدر الجهاز رنينا خاصا يطالبك بالابتعاد عن الآخرين لمسافة أكبر، ويبين إن كان أحدهم مصابا بالعدوى في الجوار.
5- لا تجلس في المقهى
من المحبذ في حال قررت تناول قهوة أو مشروب دافئ بالخارج، ألا تجلس داخل المقهى، حيث قد تكون التهوية سيئة، كما من المفضل تجنب استخدام أية بطانيات من أجل التدفئة، والتي تضعها بعض المطاعم كخدمة لزبائنها، خشية انتقال المرض.
(د. أسامة أبو الرُّب - الجزيرة نت)