تدوير العمل في زمن كورونا يحد من انتشار الفيروس
يسهم تدوير العمل في زمن كورونا بوقاية الكثير من العاملين في القطاع الحكومي ومراجعي الدوائر الحكومية من خطر العدوى بفيروس كورونا دون تعطيل لعجلة الإنتاج، وفي تقليل الأعباء والكلف الاقتصادية كذلك، وفقا لخبراء ومتخصصين.
وكانت الحكومة قد سمحت بتحديد دوام جزء من موظفي القطاع العام عن بُعد وتدوير العمل بين الموظفين، وتفويض المرجع المختصّ بتحديد دوام جزء من الموظّفين عن بُعد، أو تدوير العمل، وفقاً للدليل الإرشادي الذي أقرّه مجلس الوزراء بخصوص عمل موظفي القطاع العام خلال جائحة كورونا حفاظا على صحة وسلامة المواطنين وضمان استقرار الحالة الوبائية.
ويبلغ عدد موظفي القطاع الحكومي نحو 220 ألف موظف وموظفة في أكثر من مئة مؤسسة ودائرة، بحسب الناطق الإعلامي في ديوان الخدمة المدنية خالد الغرايبة.
وقال الغرايبة إن الديوان وفّر دليل إرشادات العمل عن بعد، لغايات ضمان سير العمل دون أن يؤثر ذلك على جودة الخدمة المقدمة في الدوائر الحكومية، مشيرا إلى أن العمل داخل الدائرة وفقا لشروط ونسب محددة من أعداد الموظفين مع مراعاة الحالات الإنسانية بالعمل عن بعد كالحوامل وممن لديهم سيرة مرضية.
وأضاف أن الدائرة المعنيّة لها الحق في الطلب من موظفيها الدوام الفعلي إذا اقتضت الضرورة ذلك، مبينا أن تلك الإجراءات تسهم في الوقاية من الإصابة بالمرض.
وسعت الحكومة إلى إيجاد منظومة إلكترونيّة موحّدة للخدمات الحكوميّة لتقليل الفترة الزمنية لإنجاز المعاملات دون حضور المراجعين شخصيا من خلال زيادة أعداد الخدمات الإلكترونية إلى 395 خدمة مع نهاية العام الحالي بدلا من 295 خدمة، بحسب وزارة الاقتصاد الرقمي.
مستشار الأوبئة في الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية الدكتور عادل البلبيسي، أشار إلى أهمية العمل عن بعد في الظروف الحالية نتيجة زيادة أعداد المصابين بالكورونا، موضحا أن إجراءات تدوير العمل، وتناوب الموظفين في دوامهم داخل المؤسسة إلى أقل من النصف، يسهم في تقليل التجمعات ويحفظ حياتهم الصحيّة من خطر التعرض للوباء.
وكانت منظمة العمل الدولية قد أعدّت دراسة عام 2017 بعنوان " العمل في أي وقت، وفي أي مكان: آثار ذلك على عالم الأعمال"، بتحليل عادات عمل الناس في 15 دولة أجنبية، وأظهرت أن أكثر الموظفين عرضة للعواقب والتأثيرات السلبية على الصحة، ممن يؤدون أعمالهم من مقر مكتب العمل بانتظام.
وقال أستاذ علم النفس في جامعة اليرموك الدكتور حسن الصباريني إن العمل عن بعد أمر فرضته جائحة كورونا لأسباب صحية بالدرجة الأولى، وأخرى نفسية تتعلق بتخفيف حدّة القلق وتوفير بيئة آمنة ومريحة لتأدية الكثير من المهام وإنجازه في أسرع وقت. وأشار إلى أهمية التكيف في العمل عن بعد وتطويره آلياته بما يسهم في إنجاز الكثير من المعاملات والخدمات بالصورة المطلوبة، فضلا عن توفير الوقت والجهد اللازمين لتأديته بعيدا عن ازدحام المراجعين الذي يزيد من خطورة انتشار المرض، مبينا أن الكثير من الدول المتقدمة نجحت في هذه التجربة لآثارها الإيجابية.
وبين أن تطبيق ثقافة (العمل عن بعد من أي مكان) يؤثر إيجابيا على سير العمل بعيدا عن التوتر والمنافسة وضغوطات العمل ويعزز فرصة التركيز لديهم بشكل أكبر.
وأوضح مستشار القضايا العمالية حمادة أبونجمة أن الحكومة نجحت في تحويل العديد من خدماتها إلكترونيا والعمل عن بعد لضمان استمرار تسيير الأعمال بشكلها المعتاد.
ولفت أبو نجمة إلى أن مأسسة هذا النوع من الأنظمة كان هدفا قبل الجائحة ومن متطلبات الإدارة الصحيحة، إذ أسهم تطبيقها في العديد من الدول في تخفيف حجم العمالة والكلف والحيز الذي يشغله العاملون في القطاع العام، كما تسهم في التخفيف على متلقي الخدمة على حد سواء عبر استخدام أنظمة الخدمات الإلكترونية بدلا من الحضور الشخصي إلى الدائرة.
وأوضح أن الكثير من الدراسات تشير إلى إمكانية إنجاز ما يزيد على 80 بالمئة من الأعمال عن بعد.
وعرض الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عياش لفوائد العمل عن بعد في زيادة نسبة الإنتاجية وتسريع تنفيذها نتيجة تخفيف ضغوطات العمل على الموظفين، وتوفير حجم الكلف ومستلزمات العمل لدى المؤسسة، إضافة إلى تخفيف الضغط على وسائل النقل والمواصلات ما ينعكس إيجابيا على البيئة.
وأضاف أن إنجاز المعاملات إلكترونيا قلّل من الحضور الشخصي للمراجع، علاوة على فتح آفاق جديدة ومبتكرة في الأداء ضمن هذا الفضاء الرقمي، مشيرا إلى أن ذلك يفعّل مفهوم العمل المرن بامتياز ما يسمح للعاملين والموظفين التكيّف في الأداء وفقا لبرنامجهم الزمني المنظم بدقة.
وتابع، لا بد من توفير وسائل وتقنيات العمل كافة والتشاركية بين المؤسسات المعنية في القطاعين العام والخاص، لاستمرارية أداء الأعمال وإبقاء وتيرتها بانسيابية ما يحقق النفع الاقتصادي والخدمي بعيدا عن الوقوع في خطر الإصابة بمرض كورونا.
وفي السياق ذاته، أشار عياش إلى إجراء ضبط دوري للأعمال والتدقيق والمراجعة اللازمة لها، ما يضمن جودتها بتقليل نسبة الخطأ الواردة فيها، ووضع الضوابط اللازمة لاستمراريتها وتحويلها إلى قيمة إنتاجية واقتصادية بعد الأزمة.
-- (بترا)