ماكرون المنقذ ؟!

 
مرة أخرى يظهر ماكرون في المشهد السياسي المتفاعل هذه المرة في لبنان، مقدما فرنسا كمخلص للبنان من أزماتها المتلاحقة، ومع تصاعد الدعوات بضرورة إنهاء الانقسام الذي تغوص فيه الدولة اللبنانية، على رأسها تشكيل حكومة ترضي جميع الأطياف السياسية والأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانت منها لبنان ومازالت، تصبح الأحداث أكثر تعقيداً وصعوبة بخاصة بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت الحيوي والخسائر البشرية والمادية التي لحقت بلبنان نتيجة لهذا الانفجار.
ومع التجاذبات السياسية اللامنتهية بين الفرقاء اللبنانيين، يقدم ماكرون نفسه كمنقذ يلقي بطوق النجاة، ليتلقفه بعض اللبنانيين معتقدين بأنه السبيل الوحيد لوضع حد لاوجاعهم المتصاعدة يوما بعد يوم؟ فهل الدور الذي تريد فرنسا لعبه في المشهد اللبناني سيكون مقبولا من الجهات الفاعلة والمؤثرة في الدولة اللبنانية؟! أم أن المجتمع اللبناني بمختلف أطيافه ومؤسساته سيسمح بان تعود فرنسا (المستعمر القديم)ليمسك بخيوط الحل والعقد في الساحة اللبنانية؟! إن اللبنانيين قد اكتوا بنار الحروب الأهلية والمناكفات السياسية بين القوى المختلفة في لبنان، لم يعد باستطاعتهم تحمل المزيد، سوى انتظار حلم الاستقرار وتحسين مستوى المعيشة وإطلاق مبادرة تضم جميع القوى السياسية تحت مظلة خدمة لبنان وشعبه.
لن تقدم فرنسا أي خطوة جديدة، تريح اللبنانيين من معاناتهم، بل ربما تزيد من تعقيد المشهد بخاصة دعوة ماكرون الفرقاء السياسيين إلى حسم أمرهم لتشكيل حكومة يتطلع إليها جميع اللبنانيين، وإلا سيكون لفرنسا الكلمة الفصل على الساحة السياسية. لقد وصل اللبنانيون إلى نقطة حاسمة في حياتهم، فلن يستطيع أحد أن يخفف وطأة الأزمات المتشابكة التي تلاحق لبنان، سوى التوافق بين جميع الأطياف اللبنانية المختلفة، والبدء بإصلاح كافة مرافق الحياة في لبنان واستعادة اللبنانيون ثقتهم في دولتهم وجميع القوى التي تدير المشهد السياسي والذي ينعكس بصورة مباشرة على اقتصاد لبنان ومعيشة اللبنانيين.
إن التوافق على تشكيل حكومة تلبي رغبات اللبنانيين، هو المخرج الحقيقي من عنق الزجاجة التي تعيشها لبنان منذ فترة طويلة، لينعم المجتمع اللبناني بالراحة والاستقرار، وترجمة ذلك على أرض الواقع، فيتعافى الاقتصاد ويساهم بشكل أو بآخر في توفير فرص عمل للشباب، وإطلاق مشاريع واستثمارات، تشعر اللبنانيين بالطمأنينة على حياتهم وحياة ابنائهم والأجيال القادمة.