محاكمة رئيس الوزراء
نصت الفقرة الاولى من المادة السادسة من الدستور الاردني بأن الاردنيين سواء امام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او الدين او اللغة .
ومن المعروف ان اي قانون يتعارض مع الدستور يعتبر قانون غير دستوري من منطلق مبدأ سمو القوانين حيث يعتبر الدستور ابو القوانين ، لذا يتوجب انسجام القواعد القانونية العادية مع القواعد الدستورية وعدم تعارضها معها .
ومن هذا المنطلق نود الحديث حول محاكمة الوزراء حسب ما جاء بالدستور الاردني وبعد ان ادخلت عليه العديد من التعديلات بعامي 2011 وعام 2014، حيث تم باخر تعديل اتباع القوات المسلحة والمخابرات لتتبع مباشرة لجلالة الملك وبحيث تكون هذه الاجهزة بالتحديد خارج ولاية الحكومة .
وحول محاكمة الوزراء وبعد تعديلات الدستور عام 2011 كما اشرنا سابقا اصبحت محاكمة الوزير امام المحاكم النظامية بالعاصمة، بعد ان كانت امام المجلس العالي لتفسير القوانين قبل تاسيس المحكمة الدستورية ، ويحاكم الوزراء بحال ارتكابهم لجرائم حددها ونص عليها قانون محاكمة الوزراء، جريمة الخياتة العظمى واساءة استعمال السلطة وجريمة الاخلال بواجبات الوظيفة ، ولكن لمحاكمة الوزير لا بد من موافقة مجلس النواب ، وهذا الاشتراط يراه البعض مانعا للعدالة في ظل ان يحصل قرار الاحالة على الاغلبية ، وبظني ان هذا الامر لا يمكن تحقيقه في اي مجلس نيابي يتم انتخابه بموجب قانون انتخاب عليه الكثير من الاراء بعدم دستوريته ، عدا عن تقاطع المصالح بين النواب، وما تقوم به الحكومات من تدخلات بعملية توجيه التصويت ، وكلنا يذكر احد النواب الذي اعترف صراحة باتصال الحكومات بالنواب والطلب منهم التصويت باتجاه معين في العديد من القضايا ، وما وصفه النائب المذكور لنواب الالو .
فالاصل وكما اشرنا ان الاردنيين متساوون بالحقوق والواجبات امام القانون ، فما الداعي اذن لاشتراط موافقة مجلس النواب على احالة الوزير للمحاكمة ؟ ونستذكر قضية الكازينو التي اتهم بها وزير السياحة السابق اسامة الدباس حيث وجهت له تهم التزوير واستثمار الوظيفة والاحتيال ، وا صدرت المحكمة بشهر ايار 2013 حكما ببرائته من التهم الموجهة اليه .
لقد نصت المادة ( 56 ) من الدستور الاردني على :- لمجلس النواب حق احالة الوزراء الى النيابة العامة مع ابداء الاسباب المبررة لذلك ولا يصدر قرار الاحالة الا باغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب ، والاغلبية هنا تعني النصف زائد واحد ، وكذلك يجب ان يتضمن قرار الاحالة الاسباب التي بموجبها قام المجلس بالتحقيق مع الوزير واحالته للمحكمة، ولكن الامر مختلف بمحاكمة الوزراء في دول القانون والمؤسسات حيث إن المحاكم النظامية والادعاء العام هو من ينظر بقضايا الوزراء المتهمين ، وهناك حالات في دول يتم استدعاء رئيس الدولة للمثول امام القاضي للتحقيق معه .
لا نود التطرق لحالات بدول اخرى وقف فيها وزراء ورؤساء الوزراء عدا عن رؤساء دول تم استدعائهم للمثول امام القضاء والتحقيق معهم ، فمن السهل علينا ان نستعين بمحرك البحث جوجل واستحضار العديد من الحالات ، الامر الذي يستدعي ان نطالب بادخال تعديلا دستوريا على شروط محاكمة الوزراء المنصوص عليها بالمادة (56 ) من الدستور الاردني ، والتي نرى انها تشكل عائقا امام تحقيق العدالة ، وتتعارض مع النص الدستوري بان الاردنيين متساوون بالحقوق والواجبات امام القانون .