هل سنواجه عجزا في كوادرنا الطبية؟!




مع ازدياد شراسة فيروس كورونا واتساع رقعة انتشاره في الأردن، بدأت النقطة الأخطر في الوباء بالظهور سريعا وهي سرعة التفشي؛ أعداد الإصابات تتضاعف خلال أيام قليلة، وقطاعنا الصحي بدأ حرب الاستنزاف مع الفيروس..

لا يخفى على أحد أن القطاع الصحي الأردني يعاني نقصا في عدده وعتاده منذ زمن، فالنقص الحاد في أعداد وتخصصات الأطباء في القطاع الصحي العام الذي يقود معظم المعركة الآن ميدانيا مع كورونا مزمن وليس وليد اليوم، أما عن النقص في التجهيزات الطبية فحدّث ولا حرج، وهل ننسى أن عدم توفر سرير عناية حثيثة لمريض ما في القطاع العام كان يشغل الرأي العام من اذاعات تتحدث ونواب ومسؤولين، وواساطات لا تنتهي لتوفير ما هو غير متوفر، فنسبة إشغال بعض الأقسام كانت تتجاوز الـ ١٠٠٪ وحاضنات الأطفال في قسم الأطفال بمستشفى البشير أكبر مثال.

مع دخول وباء كورونا الأردن على عجل وعلى نظام الفزعة جرى تفريغ مستشفى الأمير حمزة والذي يشكل جلّ "الحيلة والفتيلة"، وأضيف له بعض الأقسام مستشفيات أخرى، وتوسعت الوزاره في قدرتها الاستيعابية لمرضى كورونا مغفلة الجانب الأهم وهو الكوادر الطبية.

كثير من الدول كانت أولى إجراءاتها في مكافحة فيروس كورونا رفع أعداد كوادرها وتحفيزهم، وعملت تلك الدول على وضع كل الاستراتيجيات والاحتياطات اللازمة للحفاظ على كوادرها من الاصابة بالفيروس من خلال تكثيف الدورات التدريبية للكوادر بكيفية حماية نفسها وكيفية التعامل مع المصابين، فوضعت بروتوكولا كاملا متكاملا للعملية العلاجية.

دأبت أيضا تلك الدول على رفع معنويات الكوادر الطبية المحاطة بالمخاطر ووفرت كل ما يلزم من إجراءات تقلل من أعداد الإصابات بينها، من خلال التشخيص السريع للكوادر المصابة، وعزلها، وإجراء فحوصات دورية للكوادر وظهور سريع للنتائج.

الكوادر الصحية اليوم في وزارة الصحه تعاني النقص الحاد أصلا في أعدادها التي بدأت تتناقص مع تفشي فيروس كورونا بينها، ففي كل يوم تظهر اصابات جديدة في صفوف الكوادر ولا يوجد بديل ليقوم بالعمل مكان من يصاب سوى أن يوزع الحمل على من بقي، ليبدو المشهد في صفوف كوادر وزارة الصحة مشهد انتظار بين مصاب ومن سيصاب وانتم السابقون ونحن اللاحقون..

حاولت جاهدا أن أحصل على ارقام حقيقية لأعداد الإصابات في صفوف كوادر وزارة الصحة، ولكني جوبهت بالتكتم الشديد في أروقة الوزارة ومسؤوليها، لأتوجه لزملائي في الميدان وأصطدم بما أسمع، فحين يصل معدل الاصابة الطبيعي في صفوف الكوادر الصحية عالميا ١٠٪ فقد تجاوزته بعض مستشفياتنا بشكل كبير ومقلق. مستشفى الزرقاء أحد الأمثلة، فقد اتخذت إدارة المستشفى قرارا يوم أمس بإغلاق العيادات الخارجية وإيقاف العمليات المبرمجة وبعض الأقسام للازدياد في أعداد اصابات كوادر المستشفى.

نطرح اليوم أسئلة على حكومتنا؛ إلى متى ستبقى كوادرنا تعمل كأنها رقم؟ ألسنا بأمس الحاجة لكل فرد من هذه الكوادر؟ أليسوا بشرا مثلكم في بيت كل منهم عزيز عليه ضعيف يخشى إصابته؟

ألا تخشى حكومتنا من جعل المستشفيات بؤرا لتفشي الوباء بدلا من علاجه؟

الكوادر الصحية درع الوطن وسلاحه في الحرب مع وباء كورونا، وتحتاج وقفة سريعة لتوفير كل ما يلزم لحمايتها من وسائل حماية وبرتوكولات واضحة للعناية العلاجية كاملة.


** الكاتب مسؤول ملف أطباء وزارة الصحة في نقابة الأطباء سابقا