كورونا قادر على ضرب الشخص نفسه مرتين.. والإصابة الثانية أقوى
ما تفسير تكرار الإصابة بفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19؟ وما علاقة شدة المرض بالأجسام المضادة التي ينتجها الجسم؟ الإجابات في هذا التقرير مع جدول سريع للتفريق بين أعراض العدوى بكورونا والإنفلونزا ونزلة البرد "الزكام".
ونبدأ مع إصابة أميركي بكوفيد-19 مرتين، وكانت الثانية أشد من الأولى، الأمر الذي دفع العلماء للقول إن هناك الكثير، الذي ما زال يتعين علينا معرفته عن الاستجابات المناعية، كما أن الإصابة الثانية بالفيروس تثير الشكوك حول اللقاحات.
وتأكدت إصابة الرجل البالغ من العمر 25 عاما، وهو من رينو (في ولاية نيفادا)، في أبريل/نيسان بعد أن ظهرت عليه أعراض بسيطة؛ لكنه مرض مرة أخرى في أواخر مايو/أيار وكانت الأعراض أشد، وفقا لتقرير الحالة المنشور في دورية "لانسيت للأمراض المعدية" (The Lancet Infectious Diseases)، والتي نقلتها رويترز.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية التي نقلت الدراسة أيضا، فإن الإصابة الثانية كانت أكثر خطورة من الأولى، وقال العلماء إنه على الرغم من ندرة تكرار الإصابة على ما يبدو، ورغم تعافي الرجل الأميركي المصاب، فإن الحالات الشبيهة لحالته مثيرة للقلق، وسجلت حالات منفردة لتكرار الإصابة في أرجاء العالم منها في أوروبا وآسيا.
وقال سايمون كلارك، خبير علم الأحياء المجهرية بجامعة ريدينج البريطانية "أصبح من الواضح بشكل متزايد أن تكرار الإصابة وارد؛ لكن ليس بإمكاننا بعد تحديد مدى شيوعه".
وأضاف "إذا كان تكرار الإصابة ممكنا بسهولة، فإن ذلك قد يكون له تداعيات على برامج إنتاج اللقاحات، وعلى فهمنا لكيف ومتى يمكن أن ينتهي الوباء".
وقال أطباء مريض نيفادا إن الفحوص المتعمقة أظهرت أن سلالة فيروس كورونا -واسمه العلمي سارس-كوف 2- المرتبطة بالإصابة الثانية كانت مختلفة جينيا عن الأولى.
وقال بول هنتر، أستاذ الطب بجامعة إيست أنجليا البريطانية، "هذه النتائج تعزز فكرة أننا لم نعرف بعد ما يكفي عن الاستجابة المناعية لهذه العدوى".
خامس حالة في العالم
وقال برندان ورين، أستاذ علم اللقاحات في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، إن حالة مريض نيفادا هي خامس حالات تكرار الإصابة على مستوى العالم.
وقال "إمكانية تكرار العدوى بسارس-كوف-2 ربما تشير إلى أن لقاح كوفيد-19 قد لا يوفر حماية كاملة.. غير أنه في ضوء إصابة (ما يربو على) 40 مليون شخص في العالم، فإن أمثلة تكرار العدوى قليلة، ويجب ألا تحد من جهود تطوير اللقاحات".
أشد أشكال كوفيد-19 ترتبط بأجسامنا المضادة
خلال الأيام الأولى من تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، افترض العديد من علماء المناعة أن المرضى، الذين أنتجوا كميات كبيرة من الأجسام المضادة بشكل كافٍ في وقت مبكر من الإصابة بفيروس كورونا، تمكنوا من وقف تطور العدوى وحدتها.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" ( Nouvel Observateur) الفرنسية، شرح ماثيو وودروف، وهو عالم المناعة في جامعة إيموري في أتلانتا، الظروف التي يمكن أن تسبب أشكالا حادة من عدوى كوفيد-19؛ مؤكدا أنه بعد عدة أشهر من دراسة هذا المرض، أدرك أن الوضع في الواقع أكثر تعقيدا مما كان يتصور.
ونشر وودروف بالتعاون مع زملائه مقالا في مجلة "نيتشر إيمونولوجي" (Nature Immunology) يضم استنتاجات تدعم فكرة أنه لدى بعض المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد، تعد الوقاية من حدوث خلل مناعي بدرجة أهمية محاربة الفيروس نفسها.
وقال إنه لدى المرضى الذين يعانون من أشكال حادة من كوفيد-19، فقد ثبت بالفعل أن التفاعل الالتهابي، الذي يهدف للقضاء على الفيروس هو المسؤول عن الأضرار الجانبية الأخرى، التي تحدث لجسم المريض.
كشفت بعض الدراسات السريرية حدوث "عواصف السيتوكين" لدى بعض المرضى، والتي تنتج من خلالها الاستجابة المناعية كمية هائلة من الجزيئات الالتهابية والأجسام المضادة، التي تتسبب في حدوث جلطات دموية خطيرة، والتهاب أجهزة أعضاء متعددة. وهذا ما يؤدي إلى التهاب الأوعية الدموية، وهي حالة لوحظت لدى 186 طفلا تعافوا من المرض.
وأضاف العالم وودروف أن هذه العلامات تشير إلى أن الاستجابة المناعية، التي كان من المفترض أن تكون وقائية عند هؤلاء المرضى، أصبحت مدمرة بالنسبة لهم. وهذا ما دفع بعض الأطباء إلى استخدام الستيرويد، الذي يعد من الأدوية التي تثبط الاستجابة المناعية لعلاج هؤلاء المرضى عند دخولهم المستشفى، وقد ساهم ذلك في إنقاذ الكثير من الأرواح.
إنتاج الأجسام المضادة الصحيحة في الوقت المناسب
تعد الأجسام المضادة من الأسلحة الدفاعية القوية للجسم، وتؤدي تكتلات الأجسام المضادة للفيروسات إلى حدوث تفاعلات التهابية قوية، التي تعمل إشارات توجيهية لبقية جهاز المناعة، مما يسمح لها باستهداف مسببات الأمراض بشكل فعال.
في بعض الحالات، يمكن للأجسام المضادة أن تكون قاتلة، فهي قوية جدا لدرجة أنها إذا أخطأت في هوية هدفها (أي عندما تنتج الخلايا الليمفاوية البائية أجساما مضادة تهاجم خلايا الجسم، التي من المفترض أن تدافع عنها) يمكنها إلحاق ضرر كبير ببعض أعضاء الجسم، وإنشاء دورة دائمة من "الاستهداف الذاتي المناعي"، ويعرف هذا التدمير الذاتي الدائم باسم "أمراض المناعة الذاتية".
تخفيف الاستجابة المناعية المتعلقة بكوفيد-19
ذكر وودروف أن مرض فيروس كورونا ليس من أمراض المناعة الذاتية، وقد تعكس الاستجابات الالتهابية من نوع المناعة الذاتية، التي تكون ببساطة الاستجابة "الطبيعية" لعدوى فيروسية خرجت عن نطاق السيطرة.
وعلى الرغم من أن هذا النوع من التفاعل "طبيعي"؛ إلا أن ذلك لا يعني أنه ليس خطيرا، فقد ثبت أن الاستجابات المستمرة خارج الجريبات تساهم في حدة أمراض المناعة الذاتية؛ بسبب إنتاج الأجسام المضادة، التي تستهدف أنسجة معينة في الجسم فضلا عن الالتهاب، الذي تسببه، ويمكن أن يتلف أعضاء مثل الرئتين والكلى.
كورونا أم إنفلونزا أم نزلة برد؟
ونختم مع التفريق بين فيروس كورونا والإنفلونزا ونزلة البرد، حيث يظهر الرسم البياني أعلاه -الذي نشرته "دويتشه فيله" (Deutsche Welle)- مدى شيوع مجموعة من الأعراض مع كل حالة، ويمكن ملاحظة التالي:
1- عدوى كورونا: أبرز الأعراض السعال الجاف والحمى وفقدان حاستي الشم والتذوق.
ولمعرفة أعراض كورونا التفصيلية اضغط على هذا الرابط.
2- الإنفلونزا: أبرز الأعراض السعال الجاف والحمى والصداع وآلام الأطراف والضعف العام.
3- نزلة البرد "الزكام": السعال المخاطي وسيلان الأنف وألم الحلق والعطس وآلام الأطراف.
وعبر مقارنة الأعراض التي لديك مع الجدول، يمكن ترجيح مرض معين. مع التأكيد على أن هذ الجدول للاسترشاد فقط، وأنه ليس بديلا عن مراجعة الطبيب، والطريقة الوحيدة للتأكد مما إذا كنت مصابا بفيروس كورونا هي الخضوع للفحص الطبي.
المصدر : الجزيرة + دويتشه فيله + الصحافة الفرنسية + الفرنسية + رويترز