أهلاً وسهلاً بالحكومة الجديدة ولكن !!!!!
في البداية نبارك للحكومة الجديدة ونتمنى لها التوفيق والنجاح في تنفيذ المهام التي أوكلت لها خلال الفترة القادمة ، صحيح أن تشكيل الحكومة يأتي في ظرف استثنائي ليس على الأردن فحسب بل على العالم بأسره ، والذي يتمثل وكما ورد في كتاب التكليف السامي بجائحة كورونا وتداعياتها ، لكن الأردن إضافة للجائحة يمر بظرف استثنائي يتطلب حكومة استثنائية تخرج عن المألوف من أجل التصدي للتحديات التي تواجهنا كدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي بنفس الوقت .
لقد آثرنا التريث بعض الشيء قبل إبداء الملاحظات أمام الحكومة الجديدة لتهدأ الضجة التي ترافق بالعادة تشكيل الحكومات عندنا ، وسوف نتجاوز آلية تشكيل الحكومات والمطالبات العديدة بضرورة تغيير النهج بذلك ، لاعتبارات كثيرة لا مجال للتطرق لها الآن ، لكننا سوف نضع الملاحظات التالية أمام الحكومة الجديدة عن بعض التحديات وليس كلها والتي تواجهنا كدولة بالمرحلة الحالية ، مسجلين بداية اعتزازنا وتقديرنا بشخوص الحكومة رئيساً وأعضاء وهم قامات وطنية نعتز بهم متأملين أن يتسع صدرهم لملاحظاتنا :
أولاً : تحدي جائحة كورونا وأثرها الصحي والاجتماعي :
لقد أفرد كتاب التكليف السامي جزء مهم منه للحديث عن الجائحة وضرورة التصدي لها للحفاظ على سلامة المواطن ، لكننا نتساءل هنا هل تملك هذه الحكومة إرادة القرار لدعم جيشنا الأبيض بالكوادر لتغطية النقص الموجود بين صفوفه نتيجة ما تم إتباعه من سياسة بالحكومة السابقة بإحالة الكوادر على التقاعد ؟ وهل تملك الإرادة كذلك لدعمهم مادياً للحفاظ على تواجدهم في وزارة الصحة ؟ وهل في نية الحكومة زيادة موازنة وزارة الصحة ؟
ونتساءل كذلك ما هي رؤية الحكومة لمعالجة الآثار الاجتماعية للجائحة ؟ حيث عمدت الحكومة السابقة على تحّميل الفئات الأكثر تهميشاً وهم العمال آثارها الاقتصادية من خلال السماح بالاعتداء على رواتبهم بأوامر الدفاع التي صدرت ، كما بالغت بالتعدي على أموال الضمان الاجتماعي دون أي دراسة اكتوارية لأثر ما تم طرحه من برامج على أموال الضمان الاجتماعي وهي أموال للمشتركين وليس أموالاً حكومية حيث كان الأجدى رصد مبالغ حكومية لدعم عمال المياومة دون الاعتداء على أموال الضمان الاجتماعي .
ثانياً : تحدي البطالة والفقر والنمو الاقتصادي :
خلال السنوات الماضية ونتيجة السياسات الاقتصادية المتبعة من الحكومات السابقة كانت نسب البطالة والفقر في ازدياد ، ولم تسمع أي من الحكومات السابقة لكل المطالبات بضرورة تغيير هذه السياسات المجربة والتي كانت أهم نتائجها زيادة في المديونية وزيادة في نسب البطالة والفقر ، لهذا من حقنا أن نتساءل هل تملك الحكومة رؤية واضحة بعيدة عن الاستعراض الإعلامي لكيفية التصدي لهذا التحدي ، لهذا فأننا نطالب الحكومة الجديدة بإعادة النظر بموضوع خدمة العلم ، وعمل دراسة وتقييم لتجربة الشركة الوطنية للتشغيل وخدمة وطن ، كما نتساءل كذلك هل تملك الحكومة رؤية واضحة لدعم القطاعات المولدّة لفرص العمل للتخفيف من نسب البطالة ، ولن نتحدث هنا عن كل القطاعات بل سوف نسّلط الضوء على أهم قطاعين وهما الصناعة والزراعة.
ففي مجال القطاع الصناعي : هل تمتلك الحكومة الإرادة لتقديم دعم حقيقي لقطاع الصناعة من خلال تخفيف كلف الإنتاج بإعادة النظر بأسعار الطاقة والضرائب وإعادة السياسة الحمائية للصناعات الوطنية من خلال تجميد العمل بكل الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التجارة العالمية .
أما في مجال القطاع الزراعي فما هي رؤية الحكومة لدعم هذا القطاع ؟ وهل تملك الإرادة لإعادة النظر بطريقة استثمار مزارع الديسي ؟ وهل تنوي إعادة النظر بالضرائب المفروضة على مدخلات الإنتاج الزراعي ؟ ، وهل تنوي تشجيع إنشاء تعاونيات زراعية ؟ ، هل تنوي كذلك إشراك عمال الزراعة في المساهمة برسم السياسات الزراعية من خلال السماح بتسجيل نقابة للعمال الزراعيين لإشراكهم بالحوار الاجتماعي ؟.
وقبل الخروج من هذا البند نود أن نوجه سؤال للحكومة ونحن الآن نواجه أرقام مرعبة للمديونية هل ستبقى الحكومة تتعاطى بنفس الآلية مع المديونية ؟ ، وهل لديها النية لإعادة جدولة هذه الديون ؟ أو المطالبة بإلغاء بعضها ؟ وخاصة أن الكثير من الأصوات على الصعيد العالمي وبعد جائحة كورونا تطالب بإلغاء ديون الدول الغير قادرة على السداد ؟ ونحن أمام استحقاق دستوري لوضع موازنة عام 2021 ، هل تنوي الحكومة التعاطي مع الموازنة الجديدة كما كان معمول به في السنوات السابقة ؟ وهل لدى الفريق الاقتصادي النية للانفتاح وسماع وجهات النظر الأخرى والمخالفة لطريقة التعامل الحكومات السابقة مع موازنات الدولة ؟ .
ثالثاً : تحدي الحريات العامة :
لقد دخلت بلادنا خلال الفترة الماضية في نفق القبضة الأمنية والتضييق على الحريات العامة سواء كان ذلك في غياب الحوار الاجتماعي عن كل مفاصل الدولة ، وفي تفّعيل قانون الجرائم الالكترونية، الأمر الذي أوجد أزمة نقابة المعلمين وزاد في أعداد اللذين يزج بهم في السجون نتيجة مواقفهم السياسية ، بينما يترك المجرمون وأصحاب الأسبقيات وأخذي الخاوات أحراراً يعيثون في الأرض فساداً مهددين ومعرضين الأمن والسلم المجتمعي للخطر ، وهم يتحركون تحت علم وسمع ونظر الأجهزة ، وليس بجريمة الزرقاء إلا دليل على ذلك .
فهل هذه الحكومة قادرة على فتح هذا الملف بشكل جدي من حيث الوقوف بحزم بوجه كل من يهدد السلم المجتمعي للخطر ؟ وهل هي قادرة على أن تفتح حواراً مجتمعياً حقيقياً لطي أزمة نقابة المعلمين والبدء في إصلاح سياسي يساهم بخروج الأردن من أزمته المركبة ؟؟
وختاماً ولكي لا نطيل كثيراً فمطلوب من الحكومة الوقوف بجدية أمام سياسة تفتيت مؤسسات الدولة من خلال الإسراع بإلغاء المؤسسات المستقلة ، على أن لا يكون الإلغاء بدمجها بمؤسسات مستقلة أخرى لكن يتم الإلغاء بعودة هذه المؤسسات لحضن الوزارة الأم .
كما أن المطلوب من الحكومة إعادة النظر بمشروع إلغاء مؤسسة المواصفات والمقاييس .
كما أن المطلوب من الحكومة وخاصة وزارة العمل إعادة النظر بقانون العمل وتعديلاته وإيجاد قانون ينظم العمل النقابي مع سرعة تنظيم سوق العمل الأردني .
مع كل أمنيات التوفيق لحكومتنا الجديدة .
-حمى الله الأردن وعاش حراً أبياً .
المهندس عزام الصمادي
رئيس اتحاد
النقابات العمالية المستقلة الأردني