التعليم المباشر.. حل لا بد منه



لقد فرضت ازمة كورنا نسق حياة جديد ورسمت مسارات جديدة في عدة نواحي ؛حيث انها مثلما اثرت على الجانب الصحي والاقتصادي اثرت بشكل مباشر على النظام التعليمي في الاردن فتم تحويل كل التعليم من التعليم المباشر الى التعليم عن بُعد حيث لم يذهب الطلبة الى مدارسهم من شهر آذار الماضي الا عدة ايام بداية هذا العام الدراسي وبعدها عاد الطلبة الى بيوتهم.

المتصفح للمشهد والذي يسمع شكاوى اهالي الطلبه يدرك جحم المأساة التي يعيشوها؛ ففي ظلّ الظروف المعيشية والإقتصادية الصعبة، والخوف على مستقبل أبنائهم؛ عليهم تسديد القسط المدرسي. مع توفير المتطلبات التكنولوجية اللازمة لدراسة أبنائهم. و تعلّم استخدام التطبيقات التعليمية، ودخول المواقع الإلكترونيّة لمساعدة أولادهم على التأقلم مع هذا العالم الجديد.

اما الطالب فهو المتضرر الاكبر من هذا التحول ؛ فيشعر بالعزلة الدراسية بسبب غياب الحوارات الجماعية، والسؤال والجواب بين الطلبة والمعلم مما ادى الى ضعف اقبال الطالب على التعلم وهبوط مستوى التطور والابداع وشعورهم بالإحباط والانكفاء على النفس وحُب العزلة وعدم حُب الاختلاط .ولا ننسى ان نقل الطلبة من الغرف الصفية الى الغرف الافتراضية هو ليس فقط نقل جغرافي جسدي بل هو نقلة نوعية تكنولوجية تحتاج الى عقليه تتقبل هذا التغيير المفاجئ وتتماشى معه.

وزراة التربية هي من تقود العملية التعليمية وهي من تضع الخطط وهي مسؤولة عن تدريب معلميها وتطوير وسائل لايصال الدروس للطلبة في بيوتهم؛ لكن لاحظنا كمية الأخطاء المستمرة وخصوصا على -منصة درسك- والتي تعزيها الوزراة دائماً الى الضغط على المنصة وعدم قدرتها استيعاب كمية دخول الطلبة لها. لكن هذا العذر غير مقبول بعد ٧ اشهر من التحول الى نظام التعليم عن بُعد ،وبعد هذه الخبرة التي من المفروض انها تولدت عند الوزارة ،فعندما تعلن الوزاره خلال امتحانها ان ٨٢٪؜ من الطلبه استخدم المنصه للامتحان فهذا يعني ان ١٨٪؜ لم يدخلوا وهذا يعني بالارقام ان ٢٥٠ الف طالب لم يستخدمها .

ان التعليم عن بُعد بحاجة لجراحة عميقة -خصوصاً اننا بحاجة لها كرديف للتعليم المباشر وهي فرصة لنا لنقل المعرفة من النظام المكتوب ورقياً للنظام الرقمي- على ان تطال هذه الجراحة المنصة اولاً( تطويراً وتحسيناً )من ناحية المادة المقدمة واسلوب عقد الامتحان وحتى تكنولوجياً لاستيعاب عدد الطلبة جميعاً وان لا تحدث الاخطاء المتكررة التي تحدثنا عنها .

ان متابعة الوضع الوبائي شي مهم ولكن ان يطبق الحظر على طلبتنا فقط فهو مستغرب وخاصة اننا فتحنا كل القطاعات (كافيهات، مطاعم ،مدن ألعاب ،مولات والصالات الرياضية gym.... الخ ) ،وهذه الاماكن تعتبر ايضا اماكن اختلاط عالي مثلها مثل المدارس ولكن يبدوا ان الاقتصاد ضروره اكثر من التعليم ..!!!وصوت اصحابها اعلى وتاثيره عند صاحب القرار اكثر من صوت الطلبة واهاليهم ...!!.

اما من ناحيه علميه فإن طلبة كلهم اقل من ١٨ عام وهم الفئه الاقل تعرضاً واصابةً من باقي الفئات العمريه بهذا الفيروس ،ومع ذلك نحرمهم من حقهم في تعليم مباشر يراعي التربيه و التعليم في ان معاً ....!!!

واذا قال لنا خبير اننا نحميهم حتى لو النسبة بسيطة!!! نقول له انهم معرضون للاصابة وهم في بيوتهم من اختلاطهم باولياء امورهم الذين يختلطون مع كل فئات المجتمع خلال عملهم اليومي في كل القطاعات المفتوحة.

من كل ما ذُكر نريد ان نؤكد ان التعليم المباشر هو ضرورة والعودة له يجب ان تكون قريبه مع اخذ الاحتياطات الصحية. ونقترح ان يتم استفتاء الطلبة والاهالي الراغبين بالعودة للتعليم المباشر؛ فمن يريد هذا النظام فهو موجود ومن يريد نظام التعلم عن بُعد فهو موجود على المنصة. واذا تم اكتشاف حالات في مدرسة معينة يتم تحويل النظام فيها لمدة معينة وبعدها تعود لفتح ابوابها لطلبتها.

اسهل طريقة لأي مسؤول هي الاغلاق والحجر -لابعاد اي لوم عليه اذا ما سُجلت اصابات كورنا-،وهذا حل كلاسيكي ومستهلك ...الذي نريده حلول خلاقة وأفكار خارج الصندوق تساعدنا على الخروج من هذه الازمة.


*  الكاتب رئيس لجنة التربية في المركز الوطني لحقوق الانسان.