الأمن الغذائي والطاقة المتجددة في ظل كورونا
حديث اليوم لدى الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني هو فايروس كورونا وما يتخلله من مستجدات أصبحت لا تثقل كاهل المواطن الأردني فحسب بل وكاهل الدولة بكل قطاعاتها المختلفة خاصة في ظل عدم وضوح تأثير هذا الفيروس على المجتمعات ووقت انتهائه.
وفي ظل انتشار هذا الوباء في العالم أجمع، أصبح من الضرورة التأقلم والتكيف مع هذا المرض ومحاربته بكافة الجبهات ومختلف الأصعدة، ومن هذا المنطلق فقد وضعت الدولة الأردنية وبتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين نصب أعينها أن تنتصر على هذا الوباء وتسخر كافة إمكانياتها للحيلولة دون وقوع المواطنين في خطر أو عوز فوق ما يعانيه أصلا المواطن في الفترة الراهنة.
حديثنا اليوم ليس عن القطاع الصحي وطرق النهوض به وتوفير الأسرة للمرضى أو البحث عن لقاح هنا أو هناك أو تجربة ذلك اللقاح وانتظار النتائج التي لم تثبت نجاحها حتى هذه اللحظة، وإن كان هذا المسار مهما ولا يمكن إغفاله إلا أن البقاء في هذا المسار وحده لا يكفي بل يجب علينا جميعا أطباء ومهندسين وباحثين ومفكرين وإعلاميين وكل حسب دوره المضي قدما في ابتكار الأساليب والطرق والبرامج وعدم اقتصارها على الجانب الطبي فقط، بل والبحث في مجالات عدة من أبرزها قضية الأمن الغذائي ودوره في كبح جماح هذا الفايروس، وتوفير الوقت للدولة بكافة قطاعاتها لمحاربة هذا الفايروس دون الانشغال بقوت المواطن وتوفير سلة غذائية له ولكافة أفراد أسرته، هذه القضية- الأمن الغذائي- هي أكبر تحدّ في عام 2021 في ظل تفشي هذا الفايروس، ما يستدعي توحيد الجهود والتفكير بحلول خارج الصندوق كما جاء في حديث جلالة الملك عبد الله بن الحسين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والسبعين.
عند الحديث عن الأمن الغذائي فإننا نتكلم عن أن جميع المواطنين في جميع الأوقات لديهم إمكانية الوصول المادي والاقتصادي إلى كميات كافية من الأطعمة المغذية والآمنة والمناسبة ، والتي يتم إنتاجها بطريقة مستدامة بيئيًا وعادلة اجتماعيًا.
تقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أنه بحلول عام 2050 ، ستكون الزيادة بنسبة 70 في المائة في الإنتاج الغذائي الحالي ضروريةً لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء- دون الأخذ بعين الاعتبار تداعيات فايروس كورونا-، في الوقت الذي لا يزال فيه قطاع الغذاء العالمي يعتمد على الوقود الاحفوري وخاصة في الأردن الذي يستورد ما يقارب من 95 % من طاقته من الخارج ، وهو عبء مالي وسياسي ضخم، يتقاسمه الأردنيون جميعا بلا استثناء.
الذي يحدد ما إذا كانت أنظمتنا الغذائية ستكون قادرة على تلبية أهداف الأمن الغذائي المستقبلية ودعم أهداف التنمية الواسعة بطريقة مستدامة بيئيًا هو نوع الطاقة التي نستخدمها في سلسلة الأغذية الزراعية وكيف نستخدمها، فالمعادلة البديهية تقول: ارتفاع أسعار الوقود يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وللاستفادة من هذه المعادلة كان لزاما علينا أن نفكر أكثر في أنظمة الطاقة المتجددة التي تتمتع بالعديد من المزايا لعل أبرزها فيما يتعلق بالأمن الغذائي أن هذه الأنظمة تقلل من اعتماد قطاع الغذاء على الوقود الأحفوري وتقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وهو رصيد كبير في حسنات الدول الصديقة للبيئة والتي يسعى الأردن أن يكون ضمنها دوما، كما أن الجمع بين الطاقة المتجددة وإنتاج الغذاء لديه القدرة على زيادة الأمن الغذائي من خلال تمكين المزيد من الإنتاج بأسعار منخفضة.
* الكاتب رئيس قسم هندسة الطاقة المتجددة في جامعة جدارا
a.handam@jadara.edu.jo
handamahmed@gmail.com