تصريحات الفاشي ماكرون تذكي لهيب المقاطعة.. وتعري مرضى الاستهلاك والعبودية
لليوم الرابع على التوالي، تستمر حملة الغضب انتصارا لرسول الله، في الأردن وغالبية بلدان العالم العربي والإسلامي، لتتصدر وسائل التواصل الاجتماعي دعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية.
التجاوب الواسع، غير المسبوق، مع هذه الحملة شجع كثيرا من أصحاب المحلات التجارية، والهايبرماركت، على إزالة كافة البضائع الفرنسية عن رفوف العرض، والامتناع التام عن بيعها.
هذا الموقف العربي الإسلامي غير المسبوق، تصاعد إثر الصلف والعنت اللذين أبداهما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تحشيده المستمر ضد الإسلام والمسلمين، عبر خطاب كراهية استعلائي كولينيالي، يعكس عنجهية وفاشية السياسة الفرنسية، المتجذرة ثقافيا وحضاريا في جرائم الاستعمار الدموية.
ماكرون، الذي كشف قبح خلفيته الثقافية وحقدها الإقصائي، لايزال مصرا على المضي في حملته الحقودة، ما دفع المسلمين في العالم إلى الالتفاف حول حملة المقاطعة، التي توجه رسالتها الحضارية لجمهورية الدم التي تحاول ستر قبحها وحقدها بذريعة حرية الرأي والتعبير.
في سياق هذه الحملة الشعبية، ظهرت أقلية تحاول الاعتراض لأجل الإعتراض، معتبرة أن المقاطعة غير مجدية، وأنه لا يمكن التعويل عليها، متناسية أن الهند مثلا تحررت من الاستعمار البريطاني عبر سلاح المقاطعة الاقتصادية.
الاقتصاد هو الخاصرة التي توجع المستعمر الإمبريالي، الذي يسعى دوما إلى الهيمنة على اقتصادات الدول الأخرى بسلعه ومنتجاته.. والمقاطعة الاقتصادية هي السلاح الأمضى في مواجهة أطماع هذه الإمبريالية، التي شيدت على قيم مادية خاوية، ونزعة وحشية للسيطرة والهيمنة..
على هذه القلة أن تفهم كيف يفكر الغرب، عوضا عن المجاملة والادعاء الترفي "بالتحضر" واحترام "الرأي الآخر" حتى وإن كان محض خطاب كراهية، على حساب الإرث الحضاري، وقيم العدالة والحرية!!
ليس المطلوب من الشعوب العربية والإسلامية الرد على القذارة الفرنسية بأساليبها الهمجية.. وفي هذا الإطار فقط تمكن قراءة ضرورة المقاطعة الاقتصادية، بوصفها أجدى الطرق الحضارية، وأنجعها في التأثير.
الأصل أن يتولى المواطن الأردني، والعربي عموما، مسؤولية دعم منتجاته المحلية، وتشجيع الاقتصاد الوطني، عوضا عن الانبطاح لثقافة الاستهلاك، ودعم سلع المستعمر الاقتصادي الإمبريالي، كفرنسا وأخواتها.. فكيف عندما يصل الأمر إلى الإساءة لرسول البشرية وخاتم المرسلين؟!
حملة المقاطعة من الطبيعي والحتمي أن تستمر، وقد تضمنت في سياق تطورها ردودا برسومات الكاريكاتير، التي تكشف وجه فرنسا الاستعماري.
العنصرية والحقد والكراهية التي يقودها اليمين المتطرف في أوروبا ضد المسلمين لم يعد ينطلق من ظاهرة "الاسلاموفوبيا" بل هو عداء معلن، مجبول بالنزعة العرقية الفوقية بأشد تجلياتها الفاشية، وحرب استعمارية جديدة، تستند إلى إرث دموي لايزال يقبح وجه التاريخ!
وفي مواجهة هذا الحقد الغربي الأعمى، بقيت حملة المقاطعة في إطارها الصحيح، موجهة نقدها لليمين الأوروبي المتطرف، وممثله ماكرون، دون التعرض لأية قيم أو معتقدات، كما يفعل أولئك النازيون الجدد!
المسألة ليست تعصبا في مواجهة تعصب، وإنما هي حملة حضارية في مواجهة التوحش الغربي، دفاعا عن حرية الإعتقاد، وضرورة احترام الأنبياء والمقدسات، واحترام حقوق الإنسان التي انقلبت عليها فرنسا المدعية.
المسيحيون في الشرق عبروا بشكل واضح وصريح رفضهم لهذه الحملة الموجهة ضد الإسلام، مؤكدين أن هذا يتنافى مع قيمهم، ولا يمثلهم على الإطلاق.. وهذا يعكس البعد الحضاري في ثقافة الشرق، بعكس همجية اليمين الغربي الفاشي في فرنسا.
الحملة الفرنسية الشعواء ضد الإسلام والمسلمين، بقيادة اليمين المتطرف المجبول على الكراهية، أفضت إلى اعتداء همجي على شابين أردنيين في إحدى المدن الفرنسية، ما يكشف إلى أي مدى يمكن أن يبلغ خطاب الكراهية عبر الإمعان في تأليب الشارع الفرنسي المتطرف ضد الآخرين.
هذا الخطاب اليميني للإدارة الفرنسية سيتسبب حتما في تجذير إشكالية داخل المجتمع الفرنسي، الذي يتكون من أعراق وخلفيات متنوعة.. فرنسا عوضا عن حماية هذا التنوع، كما تدعي في أدبياتها الجمهورية، باتت تستهدف عقيدة بعينها، وتحرض على العداء بشكل مباشر ضد شريحة اجتماعية من مكوناتها، وهو ما يكشف زيف ادعاءاتها وقبح حقيقتها..
في مواجهة هذه الحرب الملطخة بالكراهية، يلتزم معظم الزعماء العرب الصمت مع الأسف أو يكتفون في أحسن الأحوال ببيانات خجولة، لا تسمن ولا تغني من جوع!
حملة المقاطعة لا بد لها أن تستمر، وقد آن الأوان للاعتماد على الذات، والانسلاخ عن النزعة الاستهلاكية التي تثبت المستعمر في بلادنا.. لقد بلغ السيل ما بعد الزبي.. إلا رسول الله!