قد جاء نورك ليمحو كلَ عتمٍ وشر



سيدي أبا القاسم،
السلام عليك نبعاً صافياً، وبشيرَ حقٍ ومشكاةَ نورْ.
السلام عليك رسالةَ حريةٍ وتحرر، ورسالةَ عدلٍ ومساواة .. ويسرٍ وسماحة
السلام عليك، والعذرُ كل العذرِ يا سيدي منك، ان الزرعَ، الذي زرعته فينا، قد مسه الضر، وان الحقلَ قد نبت فيه نباتٌ غيرَ ذي ثمر، وانّا حولنا الاسلامَ إلى موروثٍ ماضويٍ وما وعينا قولكم العظيم: "فما كان من أمر دينكم فإليّ، وما كان من أمر دنياكم فشأنكم به، وأنتم أعلم بشؤون دنياكم".

لا زلنا، يا سيدي، عند وصايا "حجة الوداع" - وقد شهدنا لك انك خيرَ من بلغت الامانة- نقرأ الخطبةَ ولا نعي الدروس، والأمةُ اليوم غيرُ الأمة التي تركت، وقد تكاتف على هدم بنيانها مكائدُ أعدائها وضُلالُ أبنائها وافتراقُ كلمتها وأهواء سلاطينها، وخطابها في أزمةٍ متجذرة وتصلبٍ مقيم وارتباكٍ مزمن واختطاف جماعات، حتى غدا التصحيحُ مطلباً والتجديدُ ضرورة ، خطاباً واعياً يثمنُ المتنَ المشترك، ويتجاوزُ الهامشَ المختلف، يحاصرُ منابع التشدد، ويمضي بعيداً عن التأويلِ الجاف للدين والقراءةِ المتزمتة لروحه وعصمةِ الانبياء لرجالاته وناصيةِ التكفير للرأي الاخر.

أيها الرسول العربي الكريم،
قد جاء نورك ليمحو كلَ عتمٍ وشر، ويتممَ مكارمَ الاخلاق، ويعطي كل ذي حقٍ حقه: فالمرأةُ مصونةٌ، والدماءُ محفوظةٌ، والأمانةُ مرفوعةٌ، والأحقادُ موضوعةٌ، والفضل للتقوى والمؤمنون أخوة.

بالعدلِ والإحسانِ أمرت،
وبالبرِ والعفو حكمت،
وبالمحبةِ والإخاء والتسامح بنيت حضارةً أشرقت تعاليمَ خيرٍ للناس كافة،
فأقرأوا إن شئتمْ وثيقته "المدنية" ، تعقل ثقافة المواطنة
وانظروا إن شئتمْ في العهدةِ العُمرية، ترسخ قيم المساواة والتعايش
هذا دينهُ وهذا نهجهُ وهذا طريقهُ القويم.

بنور "ربيع الأول" نضيءُ ظلماتٍ أرادها للأمة غلاةٌ ومتطرفون وأهلُ عتم. أخطأوا الفهمَ وأساءوا التفسير، وهجروا الوسطية والاعتدال، واتّبعوا أراءَ جامحة ورؤىً متطرفة، ونقرأ تراثنا الفكري قراءةً مستنيرةً نستجلي ما لا يُسر به أهلُ الغلو والتطرف والظلام ومختطفو الخطابة باسم رب رحيم. يُنير دربَ الامةِ بالسماحة والاعتدال والوسطية والخير. نستعيد حضوره العظيم فينا سُنةَ "خُلُقٍ عظيم" ورسالةً سماوية سمحة ودعوةَ هدايةٍ ونور، لا ظلامَ فيها ولا ظلمَ ولا جهلَ ولا عنف!!