تشهد الولايات المتحدة الأمريكية الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠ ،حيث يتنافس الديمقراطيون مع الجمهوريين على منصب الرئيس ، وهذه الانتخابات تُعتبر مختلفة عن سابقاتها، تُهيجها عدة ملفات تحتاج الرئاسة الجديدة الى الحسم فيها.

من ابرز الملفات التي سيتعامل معها الرئيس الجديد هي ملف جائحة كورونا، وايجاد لقاح لفيروس كورونا، وملف التأمين الصحي بالإضافة الى الملف الإقتصادي الذي يشمل ملف البطالة بين صفوف الشباب الأمريكيين .

ومع حدة اقتراب الإنتخابات الأمريكية يوم الثلاثاء القادم ٣ تشرين ثاني ٢٠٢٠، وبعدما كان المرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن متفوقا على الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب لغاية ٢٠ أكتوبر الفائت، بدأ تفوقه بالتقلص في الولايات المتأرجحة ، خاصة في فلوريدا، نورث كارولاينا ،ايوا ،ونيفادا ، حيث هبط جو بايدن في فلوريدا من ٩ نقاط الى ٤ نقاط،وفي نورث كارولاينا من ١٢ الى ٨ نقاط،وفي ايوا من ١٧ الى ١٣ نقطة ،وفي نيفادا من ١٢ الى سبع نقاط.

سبب هذا التراجع يُعزى أولا،الى ظرف جائحة كورونا، وعموم الموجة الثانية من الفيروس في معظم الولايات ، مما منع المرشح الديمقراطي من حُرية الحركة في حملته الانتخابية في الولايات المتأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، والذي اعطى بدوره حرية للرئيس ترامب للتحرك كونه عوفي من فيروس كورونا .أما بالنسبة للسبب الثاني، فهو تراجع شعبية بايدن داخل المدن في الولايات المتأرجحة، وخاصة بين فئة الشباب الموعودين من قبل ترامب بالوظائف، وبالقضاء على البطالة اذا فاز في انتخابات ٢٠٢٠.السبب الثالث ، عدم اجراء مناظرات وجاهية بين الرئيس ترامب ومنافسه جو بايدن ،والذي اعطى قوة لترامب امام مؤيدية من فئة الشباب.

المنافسة أصبحت حادة جدا ،وما زالت الحملات الانتخابية في أوجها، مما يوحي أن انتخابات عام ٢٠٢٠ ستكون مختلفة جدا عن سابقاتها ،لأن مسيرة الانتخابات واساليبها كانتا مختلفتان ، هناك عدة معاضل ستحيط بنتائج الإنتخابات الأمريكية، ومن هذه المعاضل والتي سيثيرها الرئيس الحالي ترامب والتي لها مؤشرات بالظهور:

اولا ، مشكلة تأخير وصول البطاقات للناخبين عبر البريد من اجل التصويت الغيابي(Absentee voting) وضياع قسم منها وإهمال بعضها.ثانيا، المطالبة بتمديد الانتخابات لإستلام تلك البطاقات واجراء حكم فيها لاسترجاعها معبأة من الناخب الغائب ،وقد صدرت احكام من محاكم الولايات بتمديد فترة استلام البطاقات الغيابية ،حيث تم تمديد فترة استلام البطاقات حتى الى ما بعد يوم الانتخابات ، ففي ولاية نيفادا يتم استلام البطاقات يوم ١٠ تشرين ثاني ٢٠٢٠ ،وفي بنسلفانيا في ٦ تشرين الثاني ،وفي نورث كارولاينا في ١٢ تشرين ثاني ،وأيوا في ٩ تشرين الثاني، وفي تكساس في ١٣ من نفس شهر الإنتخابات.

الخلاصة ، هناك تراجع لشعبية المرشح الديمقراطي جو بايدن ،وحتى الآن، داخل المدن الامريكية اصبحت نقاط كل من الرئيس ترامب وجو بايدن تقترب من بعضهما ،لكن لا يعتبر ذلك حكماً بالفوز لصالح ترامب، فما زال هناك نقاطا يمكن الحصول عليها من قبل كلا الطرفين ، الا أنه في حالة فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن ، من الممكن أن يستغل الرئيس الحالي ترامب المحكمة العليا للطعن بالانتخابات بناءً على المعاضل الانتخابية التي تم ذكرها سابقا ، حتى ان المراقبين لا يستطيعون التنبؤ بنتائج الانتخابات اذا لم تُعلن الولايات كاملة تقديراتها للنتائج الأولية عشية الانتخابات في ٣ تشرين ثاني عام ٢٠٢٠، وفي المقابل من الممكن التنبؤ بالنتيجة عشية يوم الانتخابات اذا تم معرفة أصوات و توجه مندوبي ولايتين مهمتين متأرجحتين، واللتين يتنافس عليهما الجمهوريون والديمقراطيون، وهما ولاية نورث كارولاينا وفلوريدا ،وعليه، توقيت اعلان النتائج يرتبط بتسليم بطاقات التصويت الغيابيةالعائدة، والتقديرات الأولية في الولايات المتأرجحة، بالإضافة الى الطعن بالانتخابات بواسطة المحكمة العليا من قبل الرئيس ترامب،ومن الممكن اشتعال عنف واحتجاج لا يرقى لأن يصل الى حرب أهلية وإنما غيمة احتجاجات وان اشتدت ستزول.

** الكاتب باحث في التاريخ السياسي