عذرا كوادر "الصحة"; لا بواكي لكم!
كتب حاتم الأزرعي -
منذ بداية أزمة كورونا (كوفيد ١٩) والعقلاء ينادون بأعلى الصوت"احموا الكوادر الصحية" ويحذرون من مغبة تركهم في ساحة المعركة الضارية يواجهون الفيروس، بصدور عارية وظهور مكشوفة، ومدى خطورة ذلك على صحة الناس وبنية النظام الصحي وتماسكه وقدرته على الصمود في وجه الوباء.
وتعتمد الاستراتيجيات التي تتبناها الدول في مكافحة الوباء على الكوادر الصحية، فهم خط الدفاع الأول وفي الجبهة الامامية المتقدمة يذودون عن صحة الناس وسلامتهم ، ولذلك توفر لهم كل سبل الوقاية الشخصية والامكانات ليؤدوا دورهم بآقل جهد ممكن واعلى درجة من الأمان والراحة النفسية والثقة بقدرة النظام الصحي على توفير الحماية من الجوانب المادية والمعنوية على حد سواء.
ويبدو ان حكومتنا الحالية تسير على خطى سابقتها "تضع في اذن عجين وفي الأخرى طين" ويحركها مبدأ "دبر حالك" فلا تسمع صوت العقلاء او تستجيب لنداءاتهم ومناشداتهم بتوفير الحماية اللازمة ماديا ومعنويا للكوادر التي أنهكتها ظروف العمل السيئة، وقد شاهدنا واستمعنا إلى شهادات حية لأطباء من وسط المعركة في المستشفيات يروون فيها حجم المأساة والواقع المر الذي يرزحون تحت نيره.
وخلال ايام فقدنا كوكبة من خيرة اطبائنا ارتقوا إلى العلا شهداء أدوا واجبهم المهني والانساني بشرف واخلاص لم يرهبهم الفيروس او تقلل من عزيمتهم المواجهة بصدور عارية، وامكانات اقل ما يقال انها هزيلة أمام جبروت الفيروس وتفشيه الشرس.
وللامانة التاريخية، فإن حكومتنا التي، لا تسمع، لا ترى، تتكلم وقد غردت على لسان ناطقها الاعلامي انها "تتألم لفقدان نخبة من أبطال الجيش الأبيض" لكن الخبثاء ممن يصطادون في الماء العكر يتسألون، هل يطعم" التألم" خبزا !؟.
ويشير القائم بآعمال نقيب الأطباء الدكتور محمد الطراونة في تصريحات صحفية إلى أن "الاصابات بكرونا بين الاطباء بالمئات" فيما يشير نقيب الممرضين والممرضات والمقابلات القانونيات خالد الربابعة إلى تسجيل ( ٨٦٧) إصابة بين الكوادر التمريضية بإستثناء الخدمات الطبية، ويشكلون ٤ بالمئة من الكوادر التمريضية في الاردن.
ويعزو الدكتور الطراونة سبب تزايد اعداد المصابين من العاملين في القطاع الصحي إلى "الضغط الشديد على المستشفيات ونقص وسائل الوقاية الشخصية" ويتفق معه الربابعة في ذلك ويضيف"سوء إدارة الفرق الطبية" وبات الجميع يعلمون حجم العبء الكبير الملقى على كاهل الكوادر الصحية في ظل نقص الكوادر الحاد، كما ونوعا، الذي يعانيه القطاع الصحي عموما ووزارة الصحة تحديدا.
إن ارتفاع الاصابات بين الكوادر الصحية والعاملين في هذا القطاع قد دفع الخدمات الطبية إلى إغلاق العيادات الخارجية والاقتصار في خدماتها على اقسام الإسعاف والطوارئ، وتبعها في اتخاذ ذات الإجراء مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، والحبل على الجرار في سلسلة الاغلاقات.
إن إغلاق العيادات الخارجية في قطاعين مهمين قد يتبعهما مستشفيات أخرى سيزيد من حجم العبء الملقى على كاهل أقسام الإسعاف والطوارئ في مستشفيات هذين القطاعين من ناحية وعلى مستشفيات وزارة الصحة من ناحية أخرى.
ولا يخفى ان من شان ذلك أن يفاقم الازمة المتمثلة في الاصابات بالفايروس بين الكوادر الصحية، وبذلك نكون إزاء كارثة تنذر باغلاق مزيد من المستشفيات لعدم قدرتها على الاستمرار بتقديم الخدمة الصحية، فأين يذهب الناس للعلاج؟!.
المطلوب اليوم وبشكل عاجل لا يحتمل التأجيل تعزيز المستشفيات بأعداد كافية من الكوادر الطبية والتمريضية والفنية لسد النقص فيها اصلا قبل كورونا والنقص الناتج عن إصابة الكوادر، وتأمين الحماية للكوادر بتوفير سبل الوقاية الشخصية وغيرها من متطلبات الوقاية، فضلا والأهم دعم كوادر وزارة الصحة ماليا مكافأة لهم على الجهود المضنية الإضافية في ظل كورونا وخاصة للصامدين منهم في الخطوط الامامية وان لا تذهب المكافآت "المحرزة" لمدراء المكاتب والاداريين خلف مكاتبهم في مركز الوزارة، ويحرم منها مقاتلوا الجبهة الامامية ويلقى عليهم الفتات كما فعل الوزير السابق!!.
أيتها الكوادر الصحية: في غياب البواكي على الصعيد الرسمي، نعتذر لكم، ونرفع القبعات احتراما وانتم تذودون عن صحتنا وسلامتنا، ونحن بواكيكم، وهذا أضعف الإيمان!!.