الانتخابات ولو على الحمّالات.. الاستحقاق الدستوري ليس ذريعة!
تتزايد وتتضاعف بأعداد مقلقة حالات الوفاة والإصابة بفيروس كورونا المستجد، مما دفع الحكومة إلى إغلاق المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات وبعض القطاعات الأخرى وكذلك زيادة ساعات الحظر الليلي وذلك في محاولة لحصر وتقليل عدد الحالات قدر الإمكان.
دون الحاجة للدخول في جدل حول مدى سلامة القرارات الحكومية المتخذة ولا سيما في الإصرار على إغلاق المؤسسات التعليمية خلافاً لمعظم ما قامت به الدول الأخرى في العالم التي تشابه الوضع الوبائي لديها معنا والتي بدأت بإغلاقات وحظر لعدّة قطاعات باستثناء المدارس والجامعات كما يحدث الآن في بريطانيا مثلاً؛ ولكن يبقى من الملفت أن الدولة لا تزال تُصر على إجراء الانتخابات النيابية في 10/11/2020 رغم كل الأخطار وحالات الانتشار المجتمعي للفيروس وعشرات الآلاف من الإصابات المُعلنة وأكثر من الف وفاة. ولا نستطيع إنكار أن التجمعات الانتخابية المنتشرة على مساحة البلد كافة وليس فقط ما تم تسريبه من خلال فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي قد ساهمت بذلك بشكل كبير، هذا بالإضافة إلى ما سيحدث يوم الاقتراع من مخالطة لن تمنعها الإجراءات المقدرة التي تبذلها الهيئة المستقلة للانتخابات وهذا جلي وواضح.
تنحصر كل الذرائع التي تبديها الحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب لتبرير إصرارها على إجراء الانتخابات في موعدها في موضوع الاستحقاق الدستوري الملزم، وأن آخر موعد لإجراء هذه الانتخابات دستوريًا 26/01/2020 وبخلاف ذلك سوف يعود مجلس النواب التاسع عشر.
بغض النظر عن أسباب الإصرار على عدم عودة المجلس السابق لأشهر قليلة ريثما تتحسن الظروف الوبائية في الأردن وكأن المجلس الجديد سوف يختلف عن القديم؛ فإن القول بأنه لا يمكن إجراء الانتخابات دون انعقاد المجلس السابق في نهاية شهر 1/2021 ليس صحيحاً بالمطلق حيث أنه وبموجب أحكام الدستور تبقى هناك الخيارات التالية:
أولا: إذا كان الوضع الوبائي في شهر 1/2021 لا يزال سيئاً فإن المجلس السابق سيعود حكماً بتاريخ 27/01/2021 وهناك صلاحية للملك بموجب المادة 81 من الدستور بتأجيل جلسات المجلس ثلاث مرات بما لا يتجاوز مدة شهرين وبالتالي لا يعقد المجلس جلسات قبل 27/03/2021.
ثانياً: في هذه الحالة، وإذا كانت الرغبة بعدم انعقاد هذا المجلس مستمرة، يجب أن تجرى الانتخابات قبل 26/03/2021.
ثالثاً: في حال كان الوضع الوبائي لا يزال سيئاً خلال شهر 3/2021 للملك صلاحية حل مجلس النواب الثامن عشر قبل 27/03/2021 وبالتالي يجب أن تجري الانتخابات خلال أربعة أشهر من تاريخ الحل وبالتالي تملك الهيئة المستقلة للانتخاب في حينه إجراء الانتخابات في أي وقت قبل 27/07/2021 أي في فصل الصيف.
رابعاً: قد يقول قائل أن استخدام صلاحية الملك في حل مجلس النواب ذاته أكثر من مرة فيه التفاف على الدستور لغايات تأجيل الانتخابات أكثر من أربع شهور - وهو الحد الأقصى الذي ينص عليه الدستور؛ وهذا قد يكون صحيحًا من حيث المبدأ بل وأنا شخصيًا أرى أن أي حل للمجلس يجب أن يكون مسببًا تنفيذًا لمنطق المادة 74 من الدستور والتي تنص على أنه إذا حل مجلس النواب لسببٍ ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب مفسه؛ ولكن هذه لن تكون الحالة الأولى التي يتم بها حل ذات مجلس النواب مرتين حيث سبق وتم حل مجلس النواب التاسع والذي كان قائماً ما بين الأعوام 1967 الى عام 1971 مرتين حيث لم تجري الانتخابات في العام 1971 وبقي المجلس قائماً وفق النصوص الدستورية إلى أن صدرت الارادة الملكية السامية بتاريخ 03/03/1973 بالتمديد للمجلس لمدة سنتين ومن ثم وفي 23/11/1974 صدرت الإرادة الملكية بحل مجلس النواب التاسع (الحل للمرة الأولى) وحين لم تجري الانتخابات بعد ذلك في المدّة المنصوص عليها استعاد المجلس سلطاته الدستورية بل وقام بتعديل المادة 73 من الدستور في حينه ومن ثم صدرت الإرادة الملكية بحل ذات المجلس للمرة الثانية بتاريخ 07/02/1976.
إن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلد وتزايد الإصابات وحالات الوفاة بسبب هذا الفيروس اللعين تقتضي منا البحث في جميع الحلول الممكنة لمنع التجمعات بين الناس وتحقيق التباعد الجسدي وتفعيل المبدأ المقدس أن حق الإنسان بالحياة هو الأولى بالرعاية دائماً وبالتالي فإن هناك حلولاً لموضوع إجراء الانتخابات تمتد حتى الصيف القادم دون أن يتم التجاوز على الاستحقاقات الدستورية ونحمي صحة الناس.