على حاجز الموت.. تُرك الضابط رواجبة ينزف حتى استشهاده

مع نزول أولى قطرات الغيث على مدينة نابلس، انهمرت دماء الشاب بلال عدنان رواجبة بغزارة عند حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بعد أن اخترقت جسده رصاصات جنود الاحتلال الإسرائيلي.

رواجبة (29 عامًا) يعمل ضابطا في جهاز الأمن الوقائي برتبة "نقيب"، استقل مركبته صباح الأربعاء وتوجه قاصدًا مدينة رام الله لحضور اجتماع بمقر جهازه لكن رصاص الاحتلال كان بانتظاره عند المدخل الجنوبي لنابلس.
 
وتظهر مقاطع فيديو التقطت لحظة وقوع الحادث قيام أربعة جنود إسرائيليين بإطلاق النار من مسافة صفر على المركبة التي كان يستقلها.

ويزعم الاحتلال أن الشهيد رواجبة أطلق النار من مسدس على جنود الحاجز، ونشر مقطع فيديو يقول إنه يثبت هذه الرواية.

ويعمل رواجبة مستشارًا قانونيًا في مديرية الأمن الوقائي بطوباس، وكان قد درس بكلية مبارك للشرطة بمصر وتخرج منها عام 2013.

وقبل نحو عام ونصف تزوج وأقام بجوار عائلته بقرية عراق التاية بنابلس، وفي شهر أغسطس، رزق بطفلته البكر "جوان" التي قدّر لها أن تُحرم من حضن أبيها إلى الأبد.

أجواء الحزن والصدمة خيمت على قرية عراق التاية، ويجد أقرباء الشهيد وأصدقاؤه صعوبة في استيعاب ما حدث له وكيف اختطف من بينهم بهذه السرعة.

وتشكك عائلة رواجبة برواية الاحتلال التي تبدلت وتغيرت عدة مرات منذ بداية الحدث المفجع.

ويقول شقيقه عبد الجواد إنهم فوجئوا بنبأ استشهاد ابنهم، فقد كان في طريقه إلى عمله.

إعدام

وأعاد مشهد استشهاد رواجبة على حاجز حوارة للأذهان عشرات المشاهد المماثلة التي تكررت على هذا الحاجز وغيره من الحواجز المنتشرة بأنحاء الضفة في السنوات الخمس الأخيرة، وتُرك فيها الضحايا بدون إسعاف ليلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

رئيس جمعية الهلال الأحمر بنابلس هلال تفاحة قال لوكالة "صفا" إن سيارة إسعاف تابعة للجمعية توجهت إلى حاجز حوارة بعد ورود بلاغ حول وقوع إطلاق نار على سيارة فلسطينية.

وأضاف أنه "بمجرد وصولها، منعت قوات الاحتلال سيارة الإسعاف من الاقتراب من الشاب المصاب أو تقديم أي مساعدة له، وأجبرتها على مغادرة الموقع، وتُرِك الشهيد ينزف في مكانه ليموت بدم بارد".

روايات متضاربة

تضارب روايات الاحتلال هو ما يجعل العائلة تتمسك بأن ابنها تعرض لعملية إعدام بدم بارد على يد جنود الاحتلال.

وبعد ساعات من وقوع الحادث، استدعت مخابرات الاحتلال والد وشقيق الشهيد إلى معسكر حوارة، ويقول عبد الجواد إن الاحتلال قدم لهم عدة روايات لحادثة استشهاده.

وقال: "في البداية أخبرونا أن بلال نقل إلى المستشفى ووضعه خطير، ثم أخبرونا أنه تجرى له عملية جراحية، وفي النهاية أخبرونا أنه استشهد".

ويرفص رواية الاحتلال التي زعمت أن شقيقه أطلق النار من مسدسه، مشيرًا إلى أن أفراد الأمن الفلسطيني لا يحملون أسلحتهم خلال تنقلهم بين محافظات الضفة.

ويشير إلى الكلمات التي دونها شقيقه الشهيد على حسابه الخاص على "فيسبوك" ‏ قبيل خروجه من منزله، والتي تعبر عن تطلعه للمستقبل.

وكتب رواجبة في منشوره الأخير: "اللهُم نورًا مُمتدًا منك يُضيء طريقي وأيامي"، وما لبثت أن انهالت عليه عشرات الردود من أصدقائه ومعارفه تدعو له بالتوفيق، لكن صيغة الردود تبدلت إلى الدعوة له بالرحمة والقبول بعد ساعتين من كتابة المنشور.


(صفا)