حكومة تتخبط وشعب حقل تجارب.. ننتخب ثم ننحظر أو نموت!

منذ استلام الدكتور بشر الخصاونة زمام الدوار الرابع، والحكومة في حالة من التردد وعدم المقدرة على اتخاذ القرارات حتى البسيطة منها.

لقد شاهدنا كيف يمكن للقرار أن يتغير بين عشية وضحاها، وحاولت الحكومة إطلاق بالونات تختبر فيها ردة فعل المواطنين على قرارات سيتم اتخاذها، ومنها حكايات ألف ليلة وليلة في حظر التجول .

ندرك جيدا حجم وتراكمية العبء على كاهل الحكومة خاصة ما يتعلق منها في ملف كوفيد- 19 الذي أهدرت الحكومة السابقة كثيرا من الجهد والوقت والمال في غير أوانها أو محلها. فمازالت الذاكرة الشعبية تسترجع بسخرية موجعة حكايات الحظر الأول في منتصف شهر أذار الماضي، عندما كانت الأمور في بداياتها، ولم يكن ثمة داع لمثل تلك الإغلاقات حينها. ومع أول حظر مكلف ومقلق وغير مجدي، بدأت مسبحة الحكومة تنفرط حبة حبة. فلا هي بالقادرة على فرض الحظر الشامل بشكل كلي وسليم، ولا هي قادرة على تلبية احتياجات المواطنين الأساسية، ولا هي قادرة على أن تكون الوسيط المحايد بين العامل وصاحب العمل وشبح كورونا المسيطر.

واستمرت الحالة في التردي وعدم السيطرة ، وبدأت كورونا تتفشى وأعداد المصابين تتزايد من أحاد إلى عشرات إلى مئات والآن صرنا نسمع بالآلاف يوميا، حتى اجتازت الأردن وبفترة قياسية حاجز المائة ألف إصابة فعلية.

وظهر أن المخاوف التي كان المواطنون يتداولونها عن إمكانيات النظام الصحي وضعفها وعدم جاهزيتها، تتضح مع تزايد الحالات، عندما تبين القصور في توفير العناية الطبية الحثيثة والضرورية لكثير من المصلبين الذين يحتاجون ذلك النوع من العلاج.

الآن أظهرت الحكومة تخبطا واضحا في كيفية تحريك المواطنين ما بين صناديق الاقتراع وبين إعادتهم إلى بيوتهم بأسرع ما يمكن من أجل تنفيذ الحظر الشامل عليهم لمدد تفاوتت الآراء فيها أن تكون يومين أو يوم واحد واستفر الرأي أخيرا على أن تكون فترة الحظر أربعة أيام بخمس ليالي طوال، هكذا تراوحت الاحتمالات الرسمية التي إن دلت على شيء فإنما تدل أولا على عدم نضج القرار الرسمي وعدم اليقينية فيه. وثانيا تدل على عدم احترام كرامة المواطنين وحرياتهم واحتياجاتهم مع مراعاة الحالة الوبائية العامة.

الحكومة تريد للانتخابات أن تجرى في موعدها مع الزعم أنه تم اتخاذ كافة الاحتياطات الضرورية والإجراءات الاحترازية لتسير عملية الاقتراع بأقل ما يمكن من احتكاك جسدي أو التقاء مباشر بين الأفراد.

ثم تريد لنفس المقترع أن يركض في شوارع ومحلات وأزقة وحواري ومولات البلد ، هذا مع افتراض وجود الإمكانيات المادية لدى المواطن، كي يأخذ حاجياته قبل إعلان الحظر.

ثم تريد من ذات المواطن أن يركض باتجاه المنزل قبل الساعة العاشرة مساء كي يغلق بابه عليه معتكفا ومنعزلا ومنغلقا لأربعة أيام متتالية.

إن هذا القرار وحده كاف ليؤشر على عدم وضوح الرؤية لدى الحكومة ، إضافة إلى عدم احترام إرادة وحرية وكرامة المواطنين الذين أصبحوا حقل تجارب بين هذا الرأي والرأي الآخر لعضو هنا وعضو هناك.

أربعة أيام وخمس ليال تعادل فترة أسبوعين من الحظر وتتطلب ذات المتطلبات التي عجزت الحكومة السابقة عن تلبيتها عندما شاهدنا بؤس التجربة في حكايات توزيع الخبز على المنازل وحكايات التصاريح التي يحملها أصحاب باصات الكيا .

ما زالت الفرصة مواتية للحكومة كي تعيد النظر في مثل هذا القرار الذي لا أدري وبائيا درجة الحاجة إليه وما المردود المتوقع من فرضه.