أسواق عمان.. أسعار باريسية ورواتب تورا بورا
تقبض راتبك التافه، تأتيك لحظة كبرياء كاذبة وأنت تختال كالطاووس متبضعاً في السوق مزهواً تتكلم مع نفسك.
تتفقد دنانيرك المعدودات كل لحظة واختها في جيبك.
تمر على عشرات السلع مرور الكرام، تحاول شراء الأساسيات التي تفي قدر المستطاع سد أفواه أطفالك الجائعة..
تصدمك لوائح التسعيرات وأنت تقرأ:
كيلوغرام البندورة - التي كانت أنيس موائد الفقراء و"قلاياتهم" - بـ 99 قرشاّ!
كيلو الزهرة بدينار.
الباذنجان بتسعين قرشاً.
الليمون من النخب الثالث بدينار ونصف.
البطاطا التي يتركونها مكسوة بطينها طمعاً بزيادة وزنها بـ 75 قرشاً.
الفاكهة المحرمة على موائد غالبية الأردنيين حال اللحوم، لا تجرؤ على اختلاس نظرة اليها، فأسعارها تفوق مخيال جيبك. لذا، تفضل التبضع وحدك، كي لا يحرجك أولادك لشراء تفاح او اجاص لا قدر الله!
قائمة بضائع الأسعار الفلكية طويلة جداً، أطول من ترقب موعد راتبك المعدم القادم.
سلع تتفاوت أسعارها من متجر لآخر دون مبرر، بضائع تسعّر وفق أمزجة تجارها.
أسعار ملتهبة، تشعرك لوهلة أنك تتجول في أسواق لندن أو باريس، رغم أن وضعك المالي والنفسي متهالكان كالبنية التحتية في تورا بورا.
نحن اليوم أمام صنوف من التجار الجشعين الذين يمتصون دماءنا فعلياً. وأعضاء حكومتنا، وكبار المسؤولين غير المتأثرين بالارتفاع الجنوني للأسعار، إما أنهم لا يعلمون، أو لا يكترثون، فالمؤسسات الرقابية غائبة، ولا تراقب أحداً ولا تحاسب.
انها أتاوات يومية ندفعها لتجار يبتزوننا علناً، ولا يجدون من يوقف بلطجتهم على جيوبنا المثقلة باعباء الحياة كما يتم إيقاف الخارجين عن القانون وفارضي الأتاوات، الذين تجاوزهم بعض التجار ضراوة وخطورة.
هل تعلم حكومتنا يا ترى، ان الخمسون ديناراً لم يعد لها قيمة تذكر؟ وأنها تتبخر بطرفة عين في أحد المولات أو الأسواق ولا تعود منها لبيتك سوى بالخيبة وأكياس بعدد أصابع كفك؟
وهل يظن عاقل في الحكومة، أن مداخيل الفقراء تكفي لسداد إيجارات بيوتهم، وفواتير مائهم وكهربائهم، ومأكلهم ومشربهم، واتصالاتهم ومواصلاتهم، وعلاجهم وأثمان دوائهم، وسلسلة طويلة من المصاريف والإلتزامات التي تخرج العاقل قبل المجنون عن طوره؟
نقدّر أن الحكومة فرّغت نفسها لكبح فيروس كورونا، (الله يعطيها العافية).. لكنها تركت مئات الفيروسات البشرية تتفشى كالوباء في بلادنا، دون لجان تقص وبائي، ودون زجر وحجر، لتجار السحت الذين يسيطرون على الأسواق كيفما شاؤوا، ولا يجدون من يوقف تغولهم علينا ويؤدبهم.
أطرف ما قرأت صبيحة هذا اليوم، أن الحكومة تؤكد توفر جميع السلع والخدمات قبل الحظر الشامل، ولا تدري أننا لا نقدر على توفير النقود لشرائها!