تبدأ بثلاث وجبات سائلة يوميا.. عالم يكشف حمية لعلاج السكري دون أدوية

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسكري الذي يصادف 14 نوفمبر/تشرين الثاني، نقدم حمية غذائية لعلاج مرض السكري، أجراها باحثون من قطر، مع تصريحات خاصة للجزيرة نت بشأنها.

وداء السكري مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الإنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعال للإنسولين الذي ينتجه.

والإنسولين هو هرمون ينظم مستوى السكر في الدم، ويعد فرط سكر الدم أو ارتفاع مستوى السكر في الدم من الآثار الشائعة التي تحدث جراء عدم السيطرة على داء السكري، ويؤدي مع الوقت إلى حدوث أضرار وخيمة في العديد من أجهزة الجسم، وخاصة الأعصاب والأوعية الدموية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وأجرى باحثون من قطر دراسة عن مدى تأثير إنقاص الوزن على مرض السكري، ونشرت في يونيو/حزيران الماضي في مجلة "ذا لانسيت دايبيتز أند إيندوكراينولوجي" (The Lancet Diabetes & Endocrinology) الطبية.

واتبع المشاركون حمية غذائية قليلة السعرات الحرارية تؤدي إلى إنقاص الوزن بسرعة عن طريق استبدال كل ما يأكلونه بـ3 وجبات سائلة مجموعها يعطي 800 سعرة حرارية يوميا فقط، وبعد 3 أشهر تم إدخال الطعام العادي تدريجيا لمدة 3 أشهر ثم الطعام العادي. وكانت النتيجة أن داء السكري تراجع دون أية أدوية لدى 61% من المرضى الذين خضعوا للحمية.

الجزيرة نت حاورت البروفيسور عبدالبديع أبو سمرة مدير المعهد الوطني للسكري والسمنة وأمراض الأيض في قطر، رئيس إدارة الطب الباطني بمؤسسة حمد الطبية، الذي شارك في الدراسة، وأجاب عن أسئلة الجزيرة نت في تصريحات خاصة.

 ما طبيعة التجربة التي أجريت؟
الدراسة ممولة من قبل صندوق قطر للبحث العلمي، وهي تهدف إلى معرفة نتائج إنقاص الوزن بنسبة 10-15 كيلوغراما عن طريق حمية شديدة لمدة 3 أشهر عند مرضى السكري من النوع الثاني الذين بدأ عندهم المرض حديثا. و الباحثون في هذه الدراسة هم من مؤسسة حمد الطبية، كلية كورنيل الطبية، ومؤسسة الرعاية الأولية والجمعية القطرية للسكري.

كم كان عدد المشاركين؟ وما وضعهم الصحي؟
المشاركون في الدراسة مرضى سكري من النوع الثاني الذين هم فوق سن الـ18 من العمر ولديهم زيادة وزن (معامل كتلة الجسم فوق 27)، والذين بدأ عندهم المرض خلال السنوات الثلاث السابقة.

ويتم حساب معامل كتلة الجسم عبر قسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر. ويعد الوزن طبيعيا إذا كان معامل كتلة الجسم من 18.5 وحتى 24.9، أما من 25 وحتى 29.9 فهذا يعني أن الشخص يعاني زيادة في الوزن، أما إذا كان معامل كتلة الجسم 30 فأكثر فهذا يعني أن الشخص مصاب بالبدانة.

 وتم استقطاب 158 مريضا من مراكز الرعاية الصحية الأولية وإحالتهم إلى الفريق البحثي الذي قام بتوعيتهم بشأن نمط الحياة الصحي. وتم تقسيمهم عشوائيا إلى مجموعتين: مجموعة تمت معالجتها بالأدوية المناسبة وفقا لأحدث الإرشادات والمعايير العالمية لعلاج السكري، ومجموعة أخرى تم إيقاف كل أدوية السكري تماما عنها وتم إلزامها بحمية غذائية قليلة السعرات الحرارية مدة 3 أشهر، ثم 3 أشهر انتقالية ثم تمت متابعتهم من قبل الفريق البحثي مع التأكيد على الاستمرار على نمط حياة صحي مناسب، وتمت دراسة المجموعتين مدة سنتين.

 ما نوع الحمية التي اتبعوها؟
حمية غذائية قليلة السعرات الحرارية تؤدي إلى إنقاص الوزن بسرعة عن طريق استبدال كل ما يأكلونه بـ3 وجبات سائلة مجموعها يعطي 800 سعرة حرارية يوميا فقط.

وبعد 3 أشهر تم إدخال الطعام العادي تدريجيا لمدة 3 أشهر ثم الطعام العادي. وكل مريض بقي خاضعا للدراسة مدة سنتين، وتم إجراء فحص شامل له أثناء الدراسة وفي نهايتها لتحديد تأثير الحمية على الوزن، وداء السكري، والضغط والكوليسترول ووظائف الكبد والكلية.

هل توصلت الدراسة إلى أن الحمية يمكن أن تعالج مرض السكري؟
في نهاية السنتين تم تراجع داء السكري بنسبة 61%، أي إن داء السكري تراجع بدون أية أدوية لدى 61% من المرضى الذين خضعوا للحمية.

أيضا المرضى الذين خضعوا للحمية ولم يتراجع السكري عندهم فإن مستوى السكر لديهم أفضل بكثير من غيرهم الذين تم علاجهم بالأدوية حسب الارشادات المتبعة عالميا، وبالإضافة إلى تحسن السكري فقد تحسن ضغط الدم والكوليسترول والدهون الثلاثية لدى المرضى الذين خضعوا للحمية بالمقارنة مع الآخرين الذين لم يخضعوا لها.

هل يجب أن يخسر الشخص من وزنه حتى يعالج السكري؟
نعم، تراجع السكري كان مرتبطا بنقص الوزن، وكلما كان نقص الوزن أكبر كانت نسبة تراجع السكري أكثر. فالذين نقص وزنهم أكثر من 15 كيلوغراما مثلا تراجع السكري لديهم كان أكثر بكثير من غيرهم الذين نقص وزنهم 5 كيلوغرامات فقط. أما الذين لم ينقص وزنهم لم يتراجع السكري عندهم.

 ما النصائح التي تقدمونها لمرضى السكري؟
بناء على هذه الدراسة فنحن نقول لمرضى السكري كما تقول الحكمة العربية إن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء. مريض السكري الذي لديه زيادة في الوزن سوف يتحسن كثيرا إذا اتبع حمية تؤدي إلى إنقاص وزنه. وليس من الضروري أن يتبع المريض حمية مشابهة لهذه التي أجريناها، لكن عليه أن يحذف الأطعمة التي فيها سعرات حرارية كثيرة ويستبدلها بأطعمة صحية وقليلة الحريرات كالسلطات والخضروات، والخس والخيار والجزر، ولحم الدجاج الأبيض المشوي أو المسلوق، وما شابه.

وعلى المريض مهما كانت حالته الجسدية أن يتحرك بما يقدر عليه. المشي جيد، وإذا تعب المريض بإمكانه أن يرتاح ثم يمشي. مشي ساعة يوميا أو 10 آلاف خطوة يساعد على تقوية العضلات والعظام والدورة الدموية.

ما هي النصائح التي تقدمونها لمن لديهم تاريخ عائلي للسكري، أو لديهم عوامل خطر للإصابة بالمرض مثل السمنة؟
كثير من الناس في قطر لديهم عدد من أفراد الأسرة مصابون بالسكري، هذا لا يعني أن السكري لا محالة سيصيب كل أفراد هذه الأسرة. لدينا بحث لم ننشره بعد يؤكد أن الأسر في قطر التي يعاني معظم أفرادها السكري ليس لديهم جينات ممرضة أكثر من غيرهم، وبدأنا نعتقد أن أفراد هذه الأسر يشتركون في العادات والطباع ونمط الحياة ربما أكثر من اشتراكهم في المورثات.

هذه الأسر لديها ميل للإصابة بالسكري إذا اتبعت نمط حياة غير صحي، لكن أفرادها إذا حافظوا على وزن صحي وحركة نشيطة فإن السكري لا يصيبهم. وهناك أيضا دراسات عالمية أثبتت أن نمط الحياة الصحي يحمي الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي سكري كما يحمي غيرهم. فلا يستسلم أحد ويقول إن أسرتي مصابة بجينات السكري. ولدينا في قطر حالات من مرضى أصيبوا بسكري حديثا ولديهم تاريخ عائلي للسكري لكن السكري لديهم تراجع بالحمية.

وختم البروفيسور أبو سمرة بأن على المريض أن يثقف نفسه عن داء السكري وأسبابه والوقاية منه وعلاجه، ويأخذ بنفسه المبادرة للوقاية والعلاج ولا يترك هذا الأمر للطبيب فقط، وكلما كان المريض مبادرا ومثقفا عن دائه كان الهدف العلاجي متحققا لديه.

 مضاعفات
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن داء السكري يمكن أن يسبب مع مرور الوقت المضاعفات الآتية:

إلحاق الضرر بالقلب والأوعية الدموية والعينين والكلى والأعصاب.
زيادة خطر تعرض البالغين المصابين بالسكري للنوبات القلبية والسكتات الدماغية بضعفين أو 3 أضعاف.
يؤدي ضعف تدفق الدم واعتلال الجهاز العصبي (تلف الأعصاب) على مستوى القدمين، إلى زيادة احتمالات الإصابة بقرح القدم والعدوى، وإلى ضرورة بتر الأطراف في نهاية المطاف.
يعد اعتلال الشبكية السكري من الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى العمى، ويحدث نتيجة تراكم الضرر الذي يلحق بالأوعية الدموية الصغيرة في الشبكية على المدى الطويل. وُتعزى نسبة 2.6% من حالات العمى في العالم إلى داء السكري.
يعد السكري من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الفشل الكلوي.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية