لا ضريبة على المرض.. لماذا لا تُصفر الضريبة على الأدوية؟
ان الامن الدوائي في معظم دول العالم يعتبر من المحظورات التي لا يسمح لأين كان أن يعبث بها، فهي شبيهة بالامن الوطني، وقضية أسعار الدواء والضرائب عليها لا تقل أهمية عن الاسلحة غير المرخصة والبلطجة وعصابات الاشرار والحد من انتشار المخدرات. وهو ملف نتمنى على الحكومة الحالية أن لا تُرحله!
إن ارتفاع اسعار الدواء بفعل الضريبة يحرم نحو ٣٠٪ من الاردنيين الفقراء ومحدودي الدخل من ادوية رئيسة ويجعلهم يكتفون بالمسكنات لعلاج آلامهم، فهناك أدوية رغم تخفيض سعرها سابقاً مازالت تباع بسعر مرتفع مثل حبوب النيكسيوم والادوية الخاصة بالجلطات الدماغية وادوية هبوط صفائح الدم والذي يباع حالياً في الاردن بـ٨٠٠ دينار فيما يباع في تركيا بـ١٧٠ دينار وايضاً حقن المفاصل.
الدواء ليس سلعة اقتصادية وانما هو رمز وشعور انساني قبل اي شي بحق العيش والصحة لجميع افراد المجتمع، فلا ضريبة على المرض ووجع وآلم الناس، فالدواء حق لكل مريض يجب على الحكومة أن توفره بسعر التكلفة كما في البلدان المجاورة لنا، فعلى ما يبدو أن شبكة الامان الاجتماعي لا زالت قاصرة امام الفقراء ومحدودي الدخل.
الضرائب على الادوية لها اثار مدمرة على المرضى من اصحاب الامراض المزمنة، فغالبية الاردنيين يعجزون عن شراء الادوية مرتفعة السعر، والبعض منهم يلجأ الى تأمينه من دول مجاورة مثل تركيا ومصر وسوريا والهند وبأسعار زهيدة اذا ما تم مقارنتها بالاردن، فنسب عالية من المواطنين الاردنيين يشكون من امراض مزمنة مثل الضغط والسكري والقلب وارتفاع الكوليسترول والدهنيات.
الدواء هو حجر الاساس لعلاج تلك الامراض، وبسبب تكلفته العالية هناك من المرضى من يتوقف عن أخذه أو قد يأخذه بشكل متقطع مما يعني استفحال المرض وحصول مضاعفات تتوجب علاجاً أخر أكثر كلفة مثل غسيل الكلى وعمليات القلب المفتوح، فلماذا لا تُصفر الضريبة على الادوية والمكملات الغذائية وان تقوم الحكومة باعادة رفعها على البرايات والمحايات، فنسبة الضريبة على المكملات الغذائية والتي باتت من الضروريات تصل ١٦٪.
الحقيقة التي لا جدل فيها أن هناك فوضى فيما يتعلق في اسعار الدواء، سوق الدواء يحتاج الى ضبط وايقاف الاحتكار، ولا بد من تعديل النسب الجمركية بما يخص المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية.
سابقاً كان كل شي بيد الحكومة وحدها، فمنذ فترة من الزمن تحول سوق الادوية في الاردن الى ساحة تُربح أصحابها الملايين ويُسدد فاتورتها المرضى الاردنيين.
المعلومات المتوفرة لدي أن مستودعات الادوية تأخذ حوالي ١٩٪ والصيدليات ٢٦٪ من اثمان الادوية! أي أن سوق الادوية أصبح لديه سماسرة ومافيات تصول وتجول وتتخطى كل الخطوط.
للأسف جميع الحكومات في الاردن تنظر الى كافة القطاعات الحيوية الاقتصادية نظرة الجابي والمُحصل الذي يسعى لتحصيل الايرادات دون توقع الاثر السلبي أحياناً. فغالبية القرارات الضريبية هدفها جلب مزيد من الايرادات لتغطية عجز الموازنة وفرضت مزيد من الضرائب والرسوم باشكال وطرق مختلفة أولها اللجوء المباشر لوضع أنظمة أو تعديل القائم منها بحيث تسمحُ لها برفع الضرائب والرسوم. والثانية بمنح الحكومة تفويضا بمقتضى أحكام القانون، وقد استندت الحكومات بذلك على قرار المجلس العالي لتفسير الدستور عام ١٩٩٥ بشهر حزيران والذي خص المادة ١١١ من الدستور.
حكومة الرئيس بشر سجلت امس ومبكراً نجاحا لاقى احتراما لها من الاردنيين في عودة العلاوات للموظفين المدنيين والعسكريين، فهل ستكون لديها طروحات وقرارات ابداعية فيما يخص اسعار الادوية! نتمنى ذلك.