حماية الكوادر الصحية واجب الحكومة ولن يغفر لها احد اي تقصير او اهمال
بداية، وقبل الدخول في التفاصيل، اود ان اثبت ابجدية، ، وهي ان المسؤول، ولا سيما في القطاع العام، حين يطل على وسائل الإعلام، يكون مسؤولا عن كل كلمة تصدر على لسانه ، وتصبح ملكا للناس، يحللونها ويحاسبونه على معانيها ودلالاتها ومراميها وابعادها والتداعيات التي تنجم عنها ، وهذا حق مقدس لهم، فمن جيوبهم موازنة الدولة والرواتب التي يتقاضاها المسؤول.
ولست أقف لوزير الصحة الدكتور نذير عبيدات بالمرصاد على " دقرة"، كما يقال، او اتصيد في الماء الذي تحرك تصريحاته بين الحين والآخر "عكورته" ، لما تنطوي عليه من معان وابعاد ودلالات سلبية لا تخدم جهود الدولة في مواجهة التحديات التي يفرضها بقسوة انتشار كوفيد ١٩ (كورونا) وتفشيه.
وعلى المستوى الشخصي أكن للدكتور عبيدات احتراما بالغا، وإعجابا منقطع النظير، مذ عرفته قبل عدة سنوات ، من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة الاوبئة التي كنت أشارك في اجتماعاتها أثناء جائحة ما اطلق عليه انذاك "انفلونزا الخنازير" ، إذ لفت انتباهي كقامة مهنية واكاديمية رصينة، فضلا عن الأدب الراقي في طرح الاراء والحوار، واعجبت به ناطقا إعلاميا بأسم اللجنة أثناء الجائحة الحالية، لكنه وزيرا يلفت انتباهي بشكل مغاير في بعض الجوانب !!.
وأعود إلى تصريح للدكتور عبيدات اخيرا، حيث يشير إلى أن " احتمالية انتقال العدوى في المستشفيات وخاصة في أجنحة مرضى فيروس كورونا أكثر منها في الأماكن الأخرى، ولذلك تُنصح الكوادر الصحية باستخدام نوع خاص من الكمامات وهي (N95)" .
انتهى الاقتباس، لتهزني كلمة " تُنصح" في الجملة السابقة، كما لوكانت زلزالا بقوة عشرة درجات على مقياس ريختر، لما تحمله من دلالة واضحة على التقصير والاهمال في حماية الكوادر الصحية التي تتصدى بصدر عار وظهر مكشوف لجبروت الوباء.
ومن البداية انطلقت الأصوات مؤكدة ضرورة حماية الكوادر الصحية، وتوفير سبل الوقاية اللازمة لهم، لتجنيبهم الإصابة بالفيروس إلى أقصى حد ممكن، لكن لا حياة لمن تنادي، تركت الكوادر تقاتل في الجبهة وحيدة دون أدنى مقومات الوقاية، ولسان حال الحكومة للكوادر "اذهبوا وقاتلوا انا ها هنا قاعدون" وسقط شهداء من هذه الكوادر وأصيب المئات.
ويكشف تصريح الوزير ان الحكومة لم توفر للكوادر ابسط وسائل الوقاية، الكمامة، فالاصل ان توفر الحكومة للكوادر ولا سيما في أجنحة فيروس كورونا في المستشفيات، وهم الأكثر عرضة للإصابة، كما يقر المسؤول الأول والاخير عن حمايتهم، الكمامة الأكثر أمانا وحماية وهي (N95).
ومن المعيب اكتفاء الوزير بنصح الكوادر الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس بأستخدام هذا النوع من الكمامات، بل ان من واجبه ان يوفرها لهم، ويلتزموا بارتدائها داخل الأجنحة الأكثر خطورة وإن كان الاجدى ان توفر هذه الكمامة للكوادر الصحية في جميع مواقع العمل لحمايتهم، وهذا واجب الحكومة ودورها، حتى لا نحملهم أعباء شراء هذه الكمامات لوقاية انفسهم، فكفاهم الاعباء الثقيلة التي يحملونها!!.
وعليه، اتمنى ان تكون كلمة "تُنصح" في تصريح الوزير زلة لسان او خطأ في التعبير، يصححه بأستخدام الكلمة الأنسب في السياق الذي تحدث فيه، وهي "وجوب" استخدام الكمامة (N95)، وان الوزارة توفرها لكوادرها ضمن إجراءات حمايتهم من الإصابة بالفيروس مجانا. فهل يفعلها الوزير الذي نحترم؟؟.
ولست هنا بصدد مناقشة الجانب المتعلق بفحص الأجسام المضادة لفيروس كورونا في تصريح الوزير، الذي يشير فيه إلى انه"غير معتمد، ولا يؤدي الغرض" فهذا جانب فني بحت يترك للمختصين، وإن كان عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الانسان ورئيس لجنة الصحة فيه الدكتور ابراهيم البدور، يؤكد اهميته لمعرفة "المناعة المجتمعية"، والتي من خلالها يمكن معرفة نسبة الأردنيين الذي أُصيبوا بفيروس كورونا، كما أنه ضروري قبل إعطاء مطعوم كورونا للناس، فإذا كان الشخص أصيب سابقا وكوّن أجساما مضادة للفيروس فيكون قد أخذ مناعة طبيعية ضدّ هذا الفيروس ولا يحتاج الى المطعوم.
وباختصار شديد، فإن حماية الكوادر الصحية ووقايتهم من الإصابة بفيروس كورونا، من واجب الحكومة ودورها، وينبغي ان توفر في سبيل ذلك كل الوسائل المتاحة الأكثر أمانا وتوفيرا للحماية، ولن يغفر لها احد اي تقصير في هذا الجانب، يعرض الكوادر للخطر.