مجموعة مختارة من أبرز الصور في عام 2020
اختارت كيلي غروفيير 14 صورة من أروع الصور التي التقطت خلال العام الحالي، من بينها صور توثق سمكة قرش وهي تقفز خارج الماء وومضات البرق المصاحبة لثوران بركاني وحرائق الغابات، وتقارن هذه الصور بالروائع الفنية الخالدة. يطلق على قفزة أسماك القرش والحيتان، عندما يكون معظم بدنها خارج الماء، "اختراق". ولا تجسد كلمة "اختراق" ما تنطوي عليه هذه القفزة من تحد للجاذبية فحسب، لكنها تعكس أيضا خرق الجدار المائي الذي كان يحول بينها وبين الصعود إلى الهواء. ولم يكن من المستغرب أن تحظى الصورة التي التقطها كريس فالو للقرش الأبيض الكبير، المعلق على ارتفاع 4.5 أمتار فوق الأمواج بالقرب من جزيرة الفقمة بجنوب أفريقيا في أغسطس/آب 2020، والتي تعد أعلى قفزة لأسماك القرش سجلت على الإطلاق، بانتشار واسع. وقد تستدعي هذه القفزة التي خلدتها عدسة فالو، للأذهان العمل الفني التركيبي للفنان البريطاني داميين هيرست لسمكة قرش النمر المكشرة عن أنيابها في حوض مملوء بالفورمالديهيد، الذي أطلق عليه هيرست في عام 1991 عنوان "استحالة الموت ماديا في عقل شخص حي". تحدث ظاهرة البرق البركاني عندما تصطدم شظايا الرماد، بما في ذلك الزجاج والجليد والصخور، ببعضها في أعمدة الرماد والغازات المندفعة بقوة من البركان الثائر. وكان الكاتب الروماني "بلينيوس الأصغر" في القرن الأول الميلادي هو أول من وثق ظاهرة البرق البركاني، بعد أن شاهد انفجار بركان جبل فيزوفو في عام 79 ميلاديا. وكتب بلينيوس في خطاب لتاسيتوس: "سحابة سوداء مروعة اخترقها اللهب وألسنة النيران تشبه الصواعق لكنها أكبر حجما". وقد لفتت الصور التي التقطت في يناير/كانون الثاني، لثوران بركان تال بالقرب من العاصمة مانيلا في الفلبين، أنظار العالم. ويعيد التداخل القوي بين الظلام والنور الذي تخلده صور بركان تال للأذهان لوحة جون مارتن في عام 1822 للدمار الذي خلفه بركان فيزوفو على مدينتي بومبي وهركولانيوم الرومانييتين، التي جسد فيها مارتن بريشته وصف الكاتب بلينيوس الأصغر للبرق البركاني القديم الذي رآه بعينيه. يجسد هذا العناق بين الزوجين الذين يرتديان قناعي غاز ضخمين، أمام نافذة في غرفة مضاءة بالمصباح في مدينة نيس بمنطقة الريفييرا الفرنسية في الأسابيع الأولى للحجر الصحي في مارس/آذار 2020، الإصرار الجماعي في العالم على مواصلة الحياة. وقد تكرر هذا الشكل من التعلق والعناق المحير في عدد كبير من الأعمال الفنية للفنانين السرياليين، مثل العناق المؤثر بين زوج من تماثيل عرض الملابس في لوحة هيكتور وأندروماش للفنان جورجيو دي شيريكو عام 1912، التي تخيل فيها مشاعر الألم واللوعة في العناق الأخير قبل الفراق. وهناك أيضا لوحة العاشقين الثانية للفنان رينيه ماغريت عام 1928، التي لم يفلح فيها القماش الواقي في منع العاشقين من تبادل القبلات. تعلمنا من الوباء العالمي دروسا عديدة أهمها أن البشر واسعو الحيلة لديهم القدرة على حل المشاكل بطرق مبتكرة. فعندما واجه العالم نقصا في معدات الوقاية الشخصية في الأسابيع والأشهر الأولى من الحجر الصحي، استخدم البشر طاقاتهم الخلاقة لابتكار حلول جديدة. ففي مدينة بيت لاهيا، بقطاع غزة، صنعت إحدى الأمهات كمامات لأطفالها من أوراق الملفوف، لتسليتهم بينما كانت تطهو لهم الطعام. وقد بدت الطفلتان المتخفيتان وراء أوراق الملفوف العريضة في الصورة اللافتة كأنهما تدخلان إلى عالم أسطورة الرجل الأخضر القديمة، وهو الرمز الوثني الذي يبشر بقدوم الربيع، ولا تحتميان فقط من وباء في العصر الحديث. لا يوجد إلا القليل من الصور التي كانت أكثر قدرة على تلخيص أحداث العام الحالي ولا أكثر إثارة للجدل والانقسامات من صورة دونالد ترامب التي ظهر فيها رافعا الإنجيل أمام كنيسة سانت جون المغلقة بألواح الخشب، قبالة البيت الأبيض في العاصمة واشنطن. وقبيل التقاط الصورة، أخليت الشوارع المحيطة بالقوة من المتظاهرين السلميين احتجاجا على مقتل جورج فلويد (الرجل الأسود الذي قتله رجال الشرطة أثناء توقيفه قبلها بشهر). لكن التعارض بين مظهر ترامب الخارجي المنسق مسبقا بعناية فائقة، من بدلته المهندمة إلى رباطة جأشه، وبين الفوضى التي لا يخفى على أحد أنها كانت سائدة في الشوارع من حوله، كان مذهلا. ولعل هذا التضارب بين الهدوء الظاهري وبين دعوات الشغب المقموعة يستدعي للأذهان أحد أبرز الأعمال الفنية في الفن المعاصر، وهي صورة للفنانة البريطانية غيليان ويرنغ، لرجل أعمال يبدو هادئا وأنيقا استوقفته في أحد الشوارع وطلبت منه أن يكتب ما يخطر على باله في اللحظة الراهنة على لافتة بيضاء وأن يحملها أمامه. ورفع الغريب لافتة كتب عليها: "أنا يائس". الحلم بنحت الجمال السيمفوني من الفوضى في الحياة شيء، لكن تحقيقه على أرض الواقع شيء آخر تماما. فبعد أن أسفر الانفجار المدمر في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب عن مقتل المئات وجرح الآلاف، قرر الفنان والموسيقار رايموند أسايان، الذي أصيب بارتجاج في المخ من أثر الانفجار وأصبح بلا مأوى، أن يبني من الركام رمزا للصمود البشري. وقد حققت صور أسايان التي يظهر فيها جالسا في مبنى دمره الانفجار على بيانو يبدو أنه دبت فيه الحياة من جديد بعد أن كان حطاما، انتشارا واسعا. ولعل العناصر التي تشكل هذا البيانو الذي صنعه أسايان خصيصا لمقطع فيديو موسيقي لبيروت، يذكرنا بالعمل الفني للفنانة المعاصرة ريبيكا هورن عام 1991 والذي يحمل اسم "حفل للفوضى"، المكون من بيانو مقلوب ومعلق بأسلاك في السقف، وتخرج منه مفاتيحه وأوتاره الطويلة كل دقيقتين. وتصدر من الآلة المتهالكة نغمات متنافرة مزعجة كما لو كانت في تناغم مع العالم الفوضوي. قد يكون بديهيا افتراض أن صورة الشابة التي تحمل نورا وسط الظلام أمام سفارة بيلاروسيا في وارسو ببولندا في أغسطس/آب 2020 أقرب شبها بتمثال الحرية للنحات الفرنسي فريدريك أوغست بارتولدي الذي أهدته فرنسا إلى الولايات المتحدة عام 1886. لكن في الحقيقة، فإن تضامن هذه الفتاة مع سكان بيلاروسيا الذين يشككون في شرعية الانتخابات الأخيرة من خلال رفع مصباح الهاتف يذكرنا بعمل فني أقدم بمراحل. فقد ظهرت تماثيل تتخذ هذا الوضع المعهود في الوقوف منذ آلاف السنين، وربما يكون مستوحى من آلهة الحب والعدل والسياسة السومرية "إنانا"، التي عرفت باسم عشتار في الأشورية. كان لتدابير الحجر الصحي التي فرضتها الحكومات لاحتواء وباء كورونا، تبعات غير متوقعة، منها الانتشار السريع للكائنات المتطفلة لاسترداد شوارع المدن من البشر. وقد تدل الصورة التي التقطت لطاووسين يتنزهان في أحد الشوارع المهجورة بمدينة روندا الإسبانية في إبريل/نيسان على أن الحيوانات حلت محل البشر الذين أصبح وجودهم مستحيلا في شوارع المدينة في وقت تضافرت فيه جهود العالم للقضاء على الوباء. وهذه الصور التي لم نألفها من قبل قد تعيد إلى الأذهان الرؤى المفعمة بالحيوية للرسام الفرنسي ألكسندر فرانسوا ديبورت، الذي عكف طيلة حياته على رسم الصراع بين الإنسان والحيوان على استعمار نفس الكوكب. ومع أن البشر كان لهم اليد الطولى في الحياة في الكثير من أعمال ديبورت، إلا أنه في إحدى لوحاته عام 1714 يتخيل العالم، أو على الأقل ركن منه، انتزعت فيه الطيور والحيوانات العرش من البشر. كيف تتصرف المجتمعات إذا أصبحت التماثيل التي أقامتها مصدر خزي ولم تعد مدعاة للفخر؟ فإن تركها في موضعها لن يقل إيلاما عن وضع الملح على الجروح المفتوحه، لكن إسقاطها هو تنصل من الماضي، وكأنها تمنع أطياف الماضي الاستبدادي من الظهور مجددا دون مواجهة مستقبلا. وواجهت دول عديدة حول العالم هذه المعضلة الصيف الماضي، حين طالب محتجون من حركة "حياة السود مهمة" في أعقاب الاحتجاجات على مقتل رجل أمريكي من أصول أفريقية على يد ضباط الشرطة في الولايات المتحدة، بالتخلص من التماثيل والصور التي تكرم تجار العبيد ورموز الاستعمار. وعندما استهدف المحتجون تمثال يكرم تاجر العبيد الإنجليزي إدوارد كولستون في القرن السابع عشر في بريستول، وألقوا به في ميناء مجاور، اقترح الفنان بانكسي على موقع إنستغرام حلا للأزمة المتصاعدة، إذ قال: "نحن ننتشله من الماء ونضعه في مكانه على القاعدة ثم نربط حبلا حول رقبته ونكلف بعض النحاتين بنحت تماثيل برونزية للمتحتجين وهم يحاولون إسقاطه. وبذلك نرضي جميع الأطراف". بين عشية وضحاها، انتشرت لوحات لا حصر لها لقوس قزح رسمها الأطفال بألوان الشمع والألوان الساطعة لتشع أملا من نوافذ غرف نوم الأطفال من إيطاليا وكندا وبريطانيا إلى الولايات المتحدة في مارس/آذار 2020. ويرمز هذا الانتشار السريع للوحات قوس قزح الساطعة حول العالم، التي كان الغرض منها رسم البسمة على الوجوة وسط اشتداد القلق والضغوط في الأسابيع الأولى للوباء العالمي، لصمود الأمل في وجه اليأس. وقد حاول الكثير من الفنانين، بدءا من هانز ميملينغ في القرن الخامس عشر وحتى واسيلي كاندينسكي في القرن العشرين، ترجمة إشراقة قوس قزح في لوحاتهم. ورغم نجاح الفنان جون كونستابل في محاكاة تألق قوس قزح بالزيت والصبغات، فإن الفنان بول كلي، الألماني الذي ينحدر من سويسرا، استطاع أن يجسد دهشة طفل في لوحته المفعمة بالألوان والأشكال الهندسية "مع قوس قزح"، التي رسمها قبل عام من اجتياح وباء إنفلونزا 1918 العالم. في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ارتطم قطار بحواجز في محطة دي أكيرز بالقرب من روتردام، لكنه نجا بأعجوبة من السقوط لمسافة 10 أمتار بفضل منحوتة بلاستيكية بارزة لذيل حوت. ولولا وجود هذا العمل الفني الذي أقامه المهندس المعماري مارتن سترويج في عام 2002، والذي يصور ذيلي حوتين يرفرفان إلى الأبد، لكانت العربات الأمامية من القطار سقطت على الأرض. وحققت صور الكارثة الوشيكة التي تظهر القطار معلقا في الهواء انتشارا واسعا وأعادت للأذهان رؤية الفنان البلجيكي رينيه ماغريت لقاطرة ترتطم بمدفئة، بينما يبرز محركها الأمامي في حجرة الطعام بأحد المنازل. وأطلق الفنان على العمل الفني، الذي بدا كأنه تأمل في زوال الحياة، "الزمن المطعون بالخنجر"، في عام 1938، لكنه عرف لاحقا باسم "جمود الزمن"، ولعله يعكس مشاعر قائد القطار الهولندي المعلق في الهواء. كشفت الصور التي التقطت في أواخر أغسطس/آب ومستهل سبتمبر/أيلول 2020 لبعض الحرائق الأكثر تدميرا في تاريخ كاليفورنيا، عن مشاهد بدت كأنها من عالم آخر، وأظهرت شمسا متوقدة وهواء ساخنا محملا بالأدخنة. وقد أبرزت إحدى الصور التي التقطت لجسر بريدويل بار فوق بحيرة أوروفيل شمالي كاليفورنيا، جحيما مستعرا لم نر له مثيلا من قبل. وبدا أن الضباب المتصاعد من الماء يعكس وهج النيران في خلفية المشهد لتكوين ستار من اللهب. وقد يتسدعي هذا المشهد إلى الأذهان العمل الفني التركيبي للفنان أولافور إلياسون بعنوان "مشروع الطقس"، الذي أزاح عنه الستار الفنان الآيسلندي الدنماركي في معرض "تيت مودرن" للفن المعاصر في عام 2003. إذ شكّل إلياسون باستخدام السكر والماء والمرايا والمصابيح أحادية اللون، ستارا من الضوء الأصفر يكتنف الزوار حتى يكاد يغشي الأبصار. وقد بدا أن الهدف من وراء مشروع إلياسون، دون أن يقصد، لفت الأنظار إلى الآثار المدمرة لتغير المناخ، التي يؤكد الكثيرون أنها تسرع وتيرة حرائق كاليفورنيا الأخيرة. إن الصورة الأكثر قدرة على البقاء والرسوخ في الأذهان تنطوي على معاني متشعبة ومتشابكة، كما هو حال صورة المرأة التي ترتدي قناعا أبيض اللون مكتوبا عليه "أنا أختنق". إذ تلخص هذه العبارة اليائسة بدقة عام 2020. فهذه العبارة، بمعناها الحرفي، هي آخر ما تلفظ به جورج فلويد بينما كان ضابط الشرطة الأبيض يجثو بركبته على رقبته. وقد أصبحت هذه العبارة رمزا لليأس الخانق الذي استولى على الكثيرين بعد قرون من الاضطهاد المنهجي ضد الأقليات العرقية. ولم يكن قناع المرأة موجها ضد انتشار فيروس كورونا بقدر ما كان تعبيرا ماديا عن الإقصاء والتهميش الاجتماعي الذي عانت منه أجيال لا حصر لها. وكان هذا الغطاء أقرب إلى اللجام منه إلى القناع، وقد يذكرنا بالأعمال الفنية التي تصور المعاملة الوحشية التي تعرضت لها القديسة البرازيلية إسكريفا أناستاسيا، التي أرغمت على ارتداء قناع خانق. تعد بعض الأعمال الفنية متقنة إلى حد أنها تمثل مرآة عاكسة للأحداث العشوائية التي تطرأ على العالم من حولنا، منها على سبيل المثال، لوحة "الحرية تقود الشعب" للفنان أوجين ديلاكروا في عام 1830، التي جسّد فيها مفهوم الحرية في صورة امرأة ترفع ذراعها، وتقود حشدا مهيبا من الثوريين الذين يقاتلون من أجل نيل الحرية. وقد تحمل الصورة الملتقطة من أمام قسم الشرطة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا في 28 مايو/أيار 2020 بعض سمات لوحة ديلاكروا التي تتجلى في حركات المحتجين المندديين بمقتل جورج فلويد وإيماءاتهم ووضعيات وقوفهم. بي بي سيقفزة قرش أبيض كبير بجنوب أفريقيا في أغسطس/آب 2020
ثوران بركان تال في الفلبين، يناير/كانون الثاني 2020
زوجان يتعانقان أثناء التصفيق تشجيعا للعاملين بقطاع الرعاية الصحية بفرنسا في مارس/آذار 2020
كمامات من ورق الملفوف في غزة، أبريل/نيسان 2020
الرئيس ترامب يحمل إنجيلا أمام كنيسة أُغلقت نوافذها وأبوابها بألواح الخشب في العاصمة واشنطن في الأول من يونيو/حزيران 2020
الموسيقار رايموند أسايان يعزف على بيانو في مبنى دمره انفجار مرفأ بيروت بلبنان في أغسطس/آب 2020
متظاهرة في مسيرة أمام سفارة بيلاروسيا في وارسو ببولندا في أغسطس/آب 2020
طاووسان يتجولان في أحد شوارع مدينة روندا بإسبانيا في أبريل/نيسان 2020
محتجون يسقطون تمثال إدوارد كلوستون تأييدا لحركة "حياة السود مهمة" في يونيو/حزيران 2020
لافتة قوس قزح مرسومة بخط اليد في مدينة تورينو الإيطالية في مارس/آذار 2020
منحوتة لذيل حوت تنقذ قطارا من السقوط المحقق في هولندا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020
حرائق الغابات في أوروفيل بولاية كاليفورنيا في التاسع من سبتمبر/أيلول 2020
امرأة ترتدي قناعا مكتوبا عليها "أنا أختنق" في مدريد في يونيو/حزيران 2020
تظاهرة بعد مقتل جورج فلويد في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا في مايو/أيار 2020