قراءة في نتائج الانتخابات الكويتية والتغير في المعادلات الانتخابية
ان الكويت تتمتع بحياة سياسية قوية جداً ويحظى برلمانها بسلطات تشريعية واسعة .. وأحياناً يشهد مجلس الامة الكويتي مناقشات حادة كثيرة كنت انا شاهداً على بعضها حينما كنت نائباً في المجلس السابع عشر ورئيساً للجنة الاخوة البرلمانية الاردنية الكويتية ولمدة اربع سنوات تقريباً ... فالديموقراطية الكويتية قديمة تعود لعام ١٩٦١ بعد الاستقلال مباشرة ... فقد تميزت بها عن دول الجوار
فالشعب الكويتي رغم محدودية تعداد سكانه فهو عبارة عن لوحة فسيفساء جميلة للتنوع الايدولوجي السياسي والاجتماعي والطائفي ... ومجلس الامة في الكويت يحظى بصلاحات لا تتوفر لدى البرلمانات العربية الاخرى في المنطقة
فالانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في الخامس من كانون أول أفرزت متغيرات مهمة سيتم قرأتها في قادم الايام من حيث التغيرات على مستوى رئاسة الوزراء ورئاسة المجلس .. فالمؤشرات قوية على التغير فقد ذهبت وجوه سيطرت على الحياة النيابية لوقت من الزمن ........ فقرأتي في نتائج الانتخابات الكويتية هي ان هناك تشكيل جديد للمشهد السياسي الكويتي فالمجلس تغلب فيه المعارضة على الموالاة ... فقد عززت المعارضة من وجودها داخل المجلس بفوز ٢٤ نائباً حيث رفعت عدد مقاعدها من ١٦ نائب في المجلس السابق ٢٠١٦ إلى ٢٤ نائب من أصل خمسون نائباً وهم العدد الكلي للنواب عدا عن الوزراء والذين منحهم الدستور حق التصويت وعددهم ١٥ وزير
فنسبة التغير الحاصلة في تركيبة المجلس الحالي هي ٦٢٪ فلم ينجح من المجلس السابق سوى ١٩ نائباً حيث غلبت الوجوه الجديدة على المشهد فقد تم انتخاب ٣٠ عضواً دون سن الخامسة والاربعين وهذا بحد ذاته يشكل مؤشراً للشباب الذين يأملون في التغير والاصلاح
فالظاهرة اللافتة تمثلت بغياب الوجه النسائي فقد ترشحت ٢٩ سيدة لم تفز أي واحدة منهن ... فقد خسرت النائبة المخضرمة صفاء الهاشم مقعدها الذي حافظت علية لثلاث دورات متتالية .. فقد عُرف عنها عنصريتها المُفرطة تجاه الوافدين واتهامها للاردن بانه هو مصدر قانون الصوت الواحد وهذا ما سمعته منها في أحد المناسبات اثناء زيارتي للكويت
فالمجلس المُنتخب على موعد للاجتماع في ١٥ كانون الاول ( ديسمبر ) والمعادلة السياسية الكويتية تحتاج بها الحكومة لرجل يُمثل سياساتها في سدة رئاسة المجلس لظبط تمرير القوانين من عدمها ........ فرئاسة المجلس تنتظر حسماً حيث يبدو أن رءيس المجلس السابق مرزوق الغانم والذي اشتهر عربياً واسلامياً بمواقف وطنية تدعم القضية الفلسطينية وتعارض التطبيع مع اسرائيل ... فالغانم يواجه حملة داخلية قوية لازاحته عن سدة رئاسة مجلس الامة ... فالمعارضة تتهمه بأنه يُحابي الحكومة ويمرر قوانين كثيرة لهم ... والبعض الاخر يتهمونه بأنه من دعاة تمرير قانون البدون المُثير للجدل
فالغانم حصل في المجلس السابق ٢٠١٦ على ٤٨ صوتاً وهو رقم قياسي لم يسبق أن تحقق في تاريخ الكويت ... فعدد اعضاء المجلس هو ٥٠ و١٥ وزير اضافة الى ذلك العدد يحق لهم التصويت حسب ما جاء بالقانون ........ ففوز الغانم لن يكون سهلاً وقد يواجه صعوبات .. فقد زكت المعارضة النائب والوزير السابق للاشغال بدر الحميدي بعد انسحاب النائب محمد براك المطير وذلك لتوحيد المعارضةً من خلال بيان صدر عنه في منزل النائب عبد الكريم الكندري والهدف منه هو إسقاط الغانم عن سدة رئاسة المجلس ....... فعلى ما يبدو فأن مجلس الامة الكويتي تغلب فيها المعارضة على الموالاة وان هناك تحالف قوي يعمل على الاطاحة بمرزوق الغانم إلا اذا تم شيئاً لم نكن نتوقعه وتتوقعه الاوساط السياسية في الكويت