بعد عام من ظهور كورونا.. هل استخلص العالم دروس الجائحة؟
قبل نحو عام، سجلت في مدينة ووهان الصينية أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجد الذي أصبحت جائحته من الأحداث الأكثر تأثيرا على صورة العالم في القرن الـ21.
ومنذ ذلك الحين، تفشى الفيروس SARS-CoV-2 الذي يسبب مرض "كوفيد-19" إلى كافة أنحاء العالم، وتجاوز عدد المصابين به حتى اليوم، حسب بيانات منظمة الصحة العالمية، 71.9 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من مليون و623 ألف وفاة.
وواجهت حكومات الدول في ظل الجائحة اختبارا غير مسبوق واضطرت إلى الاختيار بين فرض القيود المشددة الرامية للحد من تفشي الوباء قدر الإمكان والعواقب الاقتصادية الوخيمة التي جلبتها هذه الإجراءات.
وتتصدر اليوم حصيلة الدول الأكثر تضررا بكورونا من حيث عدد الوفيات الولايات المتحدة (أكثر من 303 آلاف حسب بيانات جامعة جونز هوبكنز) والبرازيل (أكثر من 182 ألف وفاة) اللتين كان رئيساهما دونالد ترامب وجايير بولسونارو يقللان على مدى أشهر من خطورة الجائحة ويتجاهلان التوجيهات الصحية.
وبعد تفشي كورونا على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ألقت إدارة ترامب على الصين اللوم في الموضوع وقررت الانسحاب من منظمة الصحة العالمية متهمة إياها بالتواطؤ مع بكين.
في الوقت نفسه، تمكنت الحكومة الصينية من الحفاظ على السيطرة على تفشي الوباء ومنع انتشاره من ووهان إلى مناطق أخرى من البلاد بدرجة نجاح كبيرة.
وألحقت الجائحة ضربة موجعة بالدول الأوروبية التي تدخل أربع منها (وهي إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا) إلى قائمة أكثر 10 دول تضررا بالعدوى من حيث الإصابات والوفيات على حد سواء، وذلك على الرغم من القيود غير المسبوقة المفروضة في محاولة لكبح جماح الفيروس.
ويأتي ذلك على خلفية زيادة المخاوف من تفشي كورونا في الدول الفقيرة، لاسيما تلك التي تمر بنزاعات مسلحة، مثل اليمن وليبيا، حيث تمنع محدودية القدرة على تشخيص الإصابات من تحديد المستوى الحقيقي لانتشار الفيروس.
وبعد نحو نصف عام من بداية الجائحة، توجت الجهود العالمية الرامية لتطوير اللقاحات ضد الوباء بأول نجاح، إذ سجلت روسيا في أغسطس لقاح "سبوتنيك V".
وأثرت الجائحة بشدة على اقتصاد الدول، لاسيما قطاع الطيران والسياحة، ودفعت العالم إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكسار العظيم.
وبتصعيد المشاكل الاقتصادية، تسببت الجائحة في بروز الخلافات الاجتماعية في بعض الدول التي شهدت مظاهرات شعبية احتجاجا على طريقة تعامل الحكومات مع الوباء.
وفشلت دول العالم إلى درجة كبيرة في تنسيق رد مشترك على الجائحة حيث لم يصغ المجتمع الدولي إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التخلي عن العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب والتركيز على مواجهة التحدي المشترك.
وعلاوة على ذلك، شهدت بعض النقاط الساخنة، منها ليبيا وإقليم قره باغ، جولات جديدة من التصعيد العسكري رغم خطر الجائحة.
وينعكس نقص التنسيق العالمي ذلك بوضوح اليوم على الجهود الرامية إلى توفير اللقاحات ضد الفيروس التاجي، حيث أفادت وكالة "رويترز" بأن أكبر برنامج عالمي معني بهذا الموضوع يواجه خطر الفشل إلى درجة كبيرة بسبب مشاكل ملموسة متعلقة خاصة بنقص التمويل.
وعلى الرغم من بدء حملات التطعيم ضد كورونا في بعض الدول، منها روسيا والولايات المتحدة، يبدو أن العالم اليوم لا يزال بعيدا عن نهاية جائحة كورونا ويحتاج إلى استخلاص الدروس من الوضع الحالي من أجل احتواء هذه الأزمة ومنع تكرارها بهذا النطاق في المستقبل.
المصدر: RT + وكالات