عملات عربية منهارة
أعلن العراق تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار ، وقد يتبعه تخفيضا آخر ، ونتابع تراجع مؤشرات الإقتصاد العراقي ، وضعف ماليته العامة وتأخر صرف رواتب الموظفين في بغداد وأربيل ، كما نتابع انهيار الليرة اللبنانية والجنية السوداني ، وقبلهما الليرة السورية ، والضغوط التي تتعرض لها العملة المغربية منذ سنوات ما فرض تخفيضا طفيفا لسعر صرفها باتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي ، وقبلهم فرض الصندوق على الحكومة المصرية تخفيضا وازنا على الجنيه المصري ، بينما الدينار الجزائري يتعرض لضغوط يتوقع أن تشده تدريجيا إلى الأسفل.
‘يحدث انخفاض سعر صرف العملة على مواطني الدولة تغييرات مؤلمة تمس حياتهم اليومية نتيجة ارتفاع الأسعار بدون زيادة المداخيل ، إضافة إلى تعقد الحياة الإقتصادية نتيجة شحّ الدولار وارتفاع سعره ما يفرض على التجار والمستوردين صعوبات تتسلل آثارها إلى المواطن العادي .
ما يجري في هذه البلدان العربية يختلف عما أعلنه الرئيس الأمريكي منذ أيام عن اتهامه الصين وسويسرا بالتلاعب بسعر صرف عملتيهما بخفضه مقابل الدولار، ويختلف عما شهده العالم طيلة فترة إدارة ترامب بما أطلق عليه "حرب العملات" . فالصين وسويسرا وغيرهما من الدول ذات الإقتصادات القوية تتجه لإدارة سعر صرف عملاتها لتتجنب التقلبات الحادة بآثارها السلبية من ارتفاع أسعار صادراتها ما يفقدها بعض ميزاتها أمام صادرات الدول المنافسة.
يعكس انهيار العملات العربية ضعف اقتصاداتها وسياساتها وحكوماتها وفشلها في تحقيق أبسط متطلبات الحياة الكريمة العادية لمواطنيها ، وإبقائهم يدورون في دوامة الدائرة الشيطانية التي تحقق البطالة والفقر وعجز خزائنهم العامة الذي يجسّرونه بمزيد من الديون ومزيد من الفوائد والتبعية.
انهيار العملات يكشف ويخفي انهيارات أوسع ، لذلك ، نتمنى على الحكومة التصدي للمشاكل الحقيقية دون تأخير ودون إضاعة وقتها على قضايا هامشية .