الضحك العزيز في 2020.. ترشيحات لمشاهدة 3 أفلام كوميدية قبل نهاية العام

لم تشهد السينما في تاريخها عاما شحيحا بإنتاج الكوميديا -الجيدة عامة والعائلية خاصة- مثل عام 2020. فمن بين حوالي 30 فيلما لم يحرز معظمها تقييما أكثر من نجمتين من 4 نجوم، أو 5 نقاط من 10.

استطعنا بصعوبة ترشيح هذه الأفلام الثلاثة، التي صنفها معظم النقاد باعتبارها من أفضل ما قدمت هوليود هذه السنة، على أمل أن تكون كافية لتوديع العام بابتسامة.

إيما

"إيما" (Emma) كوميديا رومانسية مدتها 124 دقيقة، مقتبسة من آخر رواية نُشرت للكاتبة البريطانية جين أوستن، أخرجتها الأميركية أوتمن دي وايلد، في أول ظهور إخراجي لها كمصورة.

في عرض رائع لمنازل فخمة يسكنها أشخاص غريبو الأطوار، تقدم لنا كوميديا أوستن، بمزيجها القوي من السخرية الاجتماعية، والمؤامرات الرومانسية التي لا نهاية لها. بطلتها "الوسيمة الذكية والغنية" إيما (أنيا تايلور جوي)، كشخصية نادرة تتمتع بمكانة متميزة بدون أن يُطلب منها الزواج.

فهي ابنة مدللة تعيش بمفردها في بيت عملاق مع والدها (بيل نيغي)، تسلي نفسها بالتلاعب بعلاقات من حولها، وتتميز بنظرتها المخيفة التي لا تخلو من ومضة من الحقد، ولا تحاول أن تهدئ من أنانيتها أو تكون محبوبة.

وبالرغم من ذلك يبدو عالمها مزدحما للغاية بنشاط اجتماعي محموم ومعقد؛ لكنه أنيق وكوميدي في الوقت نفسه.

لم تستطع إيما مثلا، تحمل علاقة هارييت (ميا جوث) الفتاة اليتيمة مجهولة الأبوين، التي تعيش في مدرسة داخلية للفتيات، بالمزارع الأرمل المتواضع مارتن (كونور سوينديلز). واشتكتهما للقس إلتون (جوش أوكونور)، الواقع في غرامها؛ لكنها تنجذب إلى رجل لم يكن موجودا في المشهد حتى منتصف الفيلم، وهو الثري المتعجرف فرانك تشرشل (كالوم تيرنر)، الذي يثير اهتمامها برغم أنه ربما يكون مفتونا أكثر بجين فيرفاكس (أمبر أندرسون).

سنلاحظ في الفيلم، كيف وظفت المخرجة دي وايلد، المُولعة بالصورة؛ لكونها مصورة أصلا، كاميرا كريستوفر بلوفيلت، مع أزياء ألكسندرا بيرن، وتلك القبعات التي تطفو على رؤوس النساء، ومنظر الطالبات وهن يسرن عبر المدينة مرتديات عباءات حمراء، والأغاني الإنجليزية التقليدية التي تنساب فوق المناظر الطبيعية الخضراء في سحر حقيقي لإخراج لوحة بصرية أنيقة تجسد سخرية جين أوستن الاجتماعية الحادة.

 

فوق الصخور

"فوق الصخور" (On the Rocks)، دراما كوميدية مدتها 96 دقيقة، غمرت المخرجة صوفيا كوبولا محادثاتها بأضواء الشموع؛ لتضفي الدفء واللمعان على كل إطار فيها، وهي تخط رسما بيانيا لرحلة ابنة ظل والدها يحدد كل قرار مهم في حياتها، إلى أن تكبر وتصبح امرأة.

منذ أن نرى فيليكس (بيل موراي)، وهو يجلس مع ابنته لورا (رشيدة جونز) في مطعم، ويطلب لها ما ستتناوله قبل أن تتمكن حتى من النظر إلى القائمة. وعندما نصل قرب نهاية الفيلم ونجد الابنة نفسها ترفض دعوة من أبيها إلى رحلة بحرية، قائلة "يبدو الأمر ممتعا؛ لكن لا يمكنني الحضور".

لورا كاتبة لديها طفلتان شغلتها رعايتهما عن الكتابة، وزوج هو دين (مارلون وايانز) المشغول دائما إلى الحد، الذي جعلهما يتباعدان تدريجيا. وخصوصا بعد تشكيك والدها "أنه واثق من أن دين يخونها"، مدعيا أنه على دراية جيدة بحيل الرجال. ورغم أنها رفضت الفكرة في البداية؛ إلا أنها بدأت بالتأثر بهذه الشكوك.

الفيلم يقدم معالجة لحالة أب يعاني من إحساس دفين بعدم الرضا عن نفسه، لفقدانه طفولة ابنته وعدم وفائه بواجباته الأبوية تجاهها. وهو إحساس يتعمق بداخله، فيشعره بالذنب؛ مما يجعله بحاجة ماسة إلى التعويض، ولو عن طريق الانهماك في مراقبة زوج ابنته ليتقرب إليها بإثبات خيانته لها.

وابنة تشعر بأنها محرومة من أبيها حتى كبرت وصارت زوجة تفتقد الأمان في حياتها الزوجية، فهي تؤدي مهامها كأم؛ لكنها لا تشعر بالسعادة، وترفض في الوقت نفسه النظر إليها كضحية.

اعلان
 

لنجد أنفسنا أمام العديد من المؤثرات العاطفية، التي تكاد تحطم القلب؛ لكن بكوميديا إيطالية قوية، استوحتها صوفيا من علاقتها مع والدها المخرج الأسطوري فرانسيس فورد كوبولا. بحسب ما ذكرته في مقابلة مع مجلة "إنترتاينمنت ويكلي" (Entertainment Weekly).

دعهم جميعا يتحدثون

"دعهم جميعا يتحدثون" (Let Them All Talk) دراما كوميدية مدتها 113 دقيقة، أخرجها ستيفن سودربيرغ.

وتحكي بأسلوب مخادع يُخفي معان أعمق، قصة كاتبة مشهورة، أليس هيوز (ميريل ستريب)، التي تضطر للسفر إلى إنجلترا لتسلم إحدى الجوائز.

ولأنها ممن يخافون السفر بالطائرة، فقد أقنعت الجهة المانحة للجائزة بأن يدفعوا لها تكلفة رحلة عبر المحيط على متن السفينة "ماري كوين-2″، على أن يرافقها ابن أخيها ومساعدها، تايلر (لوكاس هيدجز)، وصديقتين من أيام الجامعة لم تر أيا منهما منذ عقود، هما سوزان (ديان ويست) من المدافعات عن النساء المسجونات في سياتل، وروبرتا (كانديس بيرغن) بائعة تجزئة في دالاس.

واعتبرت أنها فرصة للعثور على المرح والسعادة، والتصالح مع ماضيها المضطرب. وبعد أن مرت سنوات على أهم كتاب ألفته وحقق لها الشهرة، يأمل وكيلها الجديد كارين (جيما تشان) أن تكتب له تكملته على متن السفينة.

يطرح الفيلم الأسئلة، ويجيب عليها بعيون الشاب تايلر، الذي يرى عمته دائما تنظر لنفسها على أنها أكبر من الحياة، وتعتقد أن على الأشخاص الآخرين أن يدوروا في فلكها، ويخضعوا لمزاجها وأهوائها، بجانب مواقف لروائي آخر يوجد على متن السفينة، يدعى كيلفن كرانز (دان ألغرانت)، والذي تفوق على أليس عدة مرات.

قدم سودربيرغ كوميديا خاصة من خلال مشاهد ارتجالية رائعة، وليس فيلما مصمما من قطعة واحدة. وأعطى الحرية للمصور السينمائي بيتر أندروز، ليلتقط الجمال المهيب للسفينة عند شروق الشمس وغروبها.

المصدر:الجزيرة