الاستيطان يستهدف اقتلاع المقدسيين وابتلاع أراضيهم

• التهويد يتركز في التهجير القسري وهدم المنازل والخنق الاقتصادي وتغيير الوضع القائم في القدس.
• الاردن يتصدى وحيدا لمشاريع التهويد الاحتلالية ويفشل كثيرا منها.
• جدار الفصل العنصري يعزل اكثر من 140 الف مقدسي عن مدينتهم.
• المقدسيون يتحركون عمرانيا في اقل من 13% من مساحة القدس بصعوبة بالغة.
• 78% من المقدسيين تحت خط الفقر بسبب سياسة التضييق الاحتلالية.

كتب كمال زكارنة - 

منذ العام 1947 وما قبله ومدينة القدس المحتلة تتعرض لهجمة تهويدية مكثفة ومنظمة وممنهجة دون توقف ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا ومخطط لها ان تتواصل الى ان تتحقق الاهداف الصهيونية في تهويدها.

حملة التهويد هذه تتركز في عدة جوانب، اهمها ترحيل وتهجير المقدسيين بطرق واساليب مختلفة،مثل الضغوطات الاقتصادية والامنية والتضييق التعليمي والصحي والسكني.

والجانب الاخر،الاستيلاء على الاراضي والمنازل الفلسطينية في القدس المحتلة واغتصابها واسكان المستوطنين اليهود فيها،وهدم منازل الفلسطينيين في عمليات تطهير عرقي ممنهجة،واحلال المستوطنين مكانهم،والقيام باعمال الحفريات المتواصلة تحت الاحياء الفلسطينية حتى اصبحت الاف المنازل الفلسطينية معرضة للانهيار بعد ان لحقت بها اضرار جسيمة.

وهناك هجمة ثقافية تهدف الى تغيير الوضع القائم تتمثل في تغيير الرواية العربية الاسلامية الفلسطينية في المدينة المقدسة وتغيير اسماء الاحياء والشوارع والمعالم الحضارية الى العبرية.

امام كل هذا نجد الاردن بتوجيه مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني يتصدى وحيدا للاجراءات الاحتلالية العنصرية في المدينة المقدسة وقد نجحت السياسة الاردنية بقيادة جلالة الملك في افشال العديد من المشاريع التهويدية الاحتلالية في القدس المحتلة.

لكن يظل الاستيطان الصهيوني في المدينة المقدسة هو الاكثر خطورة لانه يبتلع الارض والانسان وينسف كل الامال المعلقة على تحقيق سلام عادل ودائم وشامل يمكن ان يدوم ويستمر بين شعوب ودول المنطقة.

يقول خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات في جمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة، إن استمرار الاستيطان في مدينة القدس يوجه ثلاث رسائل ،الأولى موجهة للسلطة الفلسطينية بأن القدس خارج إطار المفاوضات، وتأصيل للبرنامج الإسرائيلي الذي وضع عام 1994 للقدس عام 2020 ببناء 58 ألف وحدة سكنية وبناء وحدات جديدة.

أما الرسالة الثانية فهي للمستوطنين بان الاستيطان سيستمر وهناك ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية في قضية الاستيطان في القدس التي تم الاعتراف بها من قبل ترامب عاصمة للكيان الغاصب.

والرسالة الثالثة للعالم العربي والإسلامي بأن القدس هي خارج إطار المفاوضات.

ويضيف تفكجي ان ما يجري الآن عملياً في القدس من عملية توسع استيطاني هو ضمن برنامج يسير في اطار عملية الدمج والاحتلال والاقتلاع.

وأن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال الاستيطان إلى اقتلاع الفلسطينيين من الأرض وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم ،وفي نفس الوقت إقامة القدس بالمفهوم الإسرائيلي التي تعادل 10% من مساحة الضفة الغربية لأقلية عربية وأغلبية يهودية، و على هذا الأساس يسير الاحتلال بهذا النهج ويفرض الأمر الواقع على الأرض بما يعرف بـ "الضم الصامت" دون الإعلان عنه.

ويقول أن قضية الاستيطان في القدس لا ترتبط ببناء وحدات استيطانية فقط وإنما يقوم الاحتلال بعملية ربطها بالبنية التحتية من شبكات للطرق والأنفاق والسكك الحديدية.

ويسعى الاحتلال يسعى إلى تفتيت الأحياء العربية بإقامة البؤر الاستيطانية في قلب وداخل هذه الأحياء، كما حدث في راس العامود، سلوان، جبل الزيتون، والشيخ جراح بالقدس.

ويحذر تفكجي من إن الجانب الاسرائيلي يريد أن يدمج ويربط القدس الغربية مع الشرقية ما يجعل من المستحيلات أن يتم فصل بعضها عن البعض في أي مفاوضات قادمة.

مصادرة الاراضي

بحسب تقارير مراكز احصائية ودراسات فلسطينية صادرت إسرائيل منذ بداية عام 1968 وحتى شهر شباط 2014 ما مجموعه 24200 دونم من أراضي مدينة القدس، وأقامت عليها وحدات سكنية يقطنها 182000 مستوطن، وهذا العدد مرشح للزيادة بنسبة كبيرة، خاصة وأن المستوطنات المقامة قابلة للتسمين أفقيا وعمودياً، وأن العديد منها في مرحلة البناء، حيث سيكون بإمكانها استيعاب عشرات الآلاف من المستوطنين.

وإن الواقع المفروض بقوة الاحتلال، والهادف إلى دمج شرقي القدس في إطار ما تسميه إسرائيل "بلدية القدس الكبرى)، جعل عدد المواطنين المقدسيين في تناقص ملحوظ؛ حيث أصبحوا في العام 2005، يشكلون 35% من المجموع العام للسكان داخل حدود البلدية؛ أي أن 280000 نسمة، أصبحوا يمتلكون فقط 14% من هذه الأراضي؛ حيث استولت إسرائيل على 35% من أراضي شرقي القدس، وصنفت ما مقداره 40% من مساحتها، "منطقة خضراء".

وتم الاستيلاء على مساحة الـ 24200 دونم من أراضي القدس، بموجب أوامر عسكرية صدرت في سبعة تواريخ هي 8-1-1968، 14-4-1968، 30-8-1970، 20-3-1980،1-7-1982، 16-5-1991 و1-2-1995، وأقامت الحكومة الاحتلال على هذه الأراضي التي نهبتها من أصحابها الشرعيين، 15 مستوطنة، ضمن حدود ما تسميه سلطات الاحتلال "بلدية القدس الموسعة"، وتشمل:

1ــ الحي اليهودي: أقيم هذا الحي مباشرة بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية في العام 1967؛ حيث تم الاستيلاء على 116 دونماً، تمثل 20% من مساحة البلدة القديمة البالغة 668 دونماً؛ وكان يعيش في هذه المساحة المصادرة ستة ألاف مواطن مقدسي في ثلاثة أحياء هي: حي المغاربة، الذي دمر بالكامل؛ وحي السريان؛ وحي الشرف.

2ــ النبي يعقوب: هذه المستوطنة أقيمت ما بين 1968 ــ 1980، وتم بناء 3800 وحدة سكنية على مساحة 862 دونماً؛ بالإضافة إلى وجود 46 دونماً "مناطق خضراء" تعتبر احتياطاً للتوسع المستقبلي.

3ــ راموت: بدأت إسرائيل بتشييد هذه المستوطنة عام 1972، بعد أن تمت أكبر عملية مصادرة في العام 1970، وتمثلت في الاستيلاء على0484 دونماً لإقامة هذه المستوطنة التي يسكنها الآن 3700 مستوطن.

4ــ جيلو: بنيت هذه المستوطنة عام 1971، بعد أن صادرت إسرائيل 2700 دونم عام 1970. وتعتبر هذه المستوطنة من أكبر المستوطنات التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي؛ حيث تسيطر على الأراضي والمناطق العليا المشرفة على بيت جالا وبيت لحم، وكذلك على مدينة القدس.

5ــ تلبيوت الشرقية: بدأت إسرائيل ببناء هذه المستوطنة عام 1973، بعد أن استولت على ما مساحته 2240 دونمًا؛ ويعيش فيها 1500 مستوطن. وتشكل مع "جيلو”، الحزام الجنوبي الشرقي من أحزمة الطوق حول القدس، ويقع جزء كبير من هذه المستوطنة على الأراضي الحرام.

6ــ معلوت دفنا: بنيت هذه المستوطنة في العام 1973 على أراضٍ تعود ملكيتها لعائلات مقدسية، ومساحتها تبلغ 389 دونماً، ويسكنها 700مستوطن. وتعتبر من مستوطنات أحزمة القلب؛ لأنها تقع داخل الأحياء العربية، بهدف تفتيت هذه الأحياء، وأقيم بجوارها المبنى الضخم لمقر ما يسمى بـ"حرس الحدود".

7ــ الجامعة العبرية: هذه الجامعة أقيمت على أراضي قرية العيسوية عام 1924؛ وبعد العام 1967 استولت إسرائيل على مساحات واسعة من أراضي العيسوية ولفتا، وجرى توسيع حدود الجامعة، وتم وصلها بالقدس الغربية عن طريق المستوطنات التي أقيمت على مقربة منها وهي: "التلة الفرنسية، "جفعات همفتار”، و”رامات أشكول”.

وتبلغ مساحة المخطط الهيكلي لهذه الجامعة 740 دونماً، ويكتسب الموقع مكانة استراتيجية من الناحيتين الأمنية والسياسية؛ حيث تسيطر على شمال القدس، وتشرف على مجموعة قرى عربية حولها.

8ــ رامات شلومو: أقيمت هذه كمحمية طبيعية على أراضي نهبت العام 1970م. بلغت مساحتها 1198 دونماً؛ حيث زرعت هذه الأراضي في البداية على اعتبار أنها "منطقة خضراء"؛ ولكن حكومة إسرائيل في العام 1990 اقتلعت الأشجار، وأعلنت عن البدء في إقامة هذه المستوطنة، وبدأت في إنشاء البنية التحتية لإقامة 2165 وحدة سكنية لليهود المتدينين الكهنوتيين. ويجري وصل هذه المستوطنة بالمستوطنات الواقعة على الشمال الشرقي، وهي: "نفي يعقوب”، و"بيسجات زئيف”، و”بيسجات عومر”.

9ــ "رامات أشكول” و”جبعات همفتار”: هذه المستوطنة تعتبر أولى المستوطنات التي أسست حول مدينة القدس، وهي حلقة ربط بين الأحياء في القدس الغربية والقدس الشرقية. وقد أقيمت على أراضٍ نهبت من أصحابها العام 1968، وتبلغ مساحتها 3345 دونماً؛ ويسكن فيها 6600 مستوطن. وتعتبر مع "جبعات همغتار"، الجزء الغربي من الأحياء الاستيطانية، التي تم إنشاؤها لمراقبة الشارع العام الواصل بين القدس ورام الله، إضافة إلى تطويق مدينة القدس.

10ــ "بيسجات زئيف”، و”بيسجات عومر”: أقيمتا على أراضي قرى: "بيت حنينا، وشعفاط، وحزما، وعناتا”؛ حيث تم الاستيلاء على ما مساحته 3800 دونم. وهما قابلتان للتمدد والتوسع ليصبح عدد سكانها مئة ألف.

وباكتمال هاتين المستوطنتين، بالإضافة إلى مستوطنة "النبي يعقوب”، يكون قد تم بناء الحائط الشمالي الشرقي الواقع ضمن حدود بلدية القدس الموسعة، ولم يبق سوى منطقة فراغ واحدة، في حال ملئها، يتم وصل جميع مستوطنات الطوق الثاني مع الطوق الأول.

كما تم الاستيلاء على ما مساحته 827 دونماً ضمن مشروع ما يعرف بـ"البوابة الشرقية". وأغلق الجزء الشمالي الشرقي بالحائط الثاني، وتم تطويق الأحياء العربية في هذه المنطقة.

11ــ عطروت: وهي منطقة صناعية، أقيمت على أراضٍ نهبت العام 1970 وبلغت مساحتها 1200 دونم، وفيها صناعات للأثاث، وأخرى معدنية؛ وتم نقل الكثير من المصانع من القدس الغربية إليها؛ بسبب قربها من المطار.

12ــ جبعات ها ماتوس: أقيمت على أراض تعود ملكيتها لقرية بيت صفافا ومدينة بيت جالا؛ وتبلغ مساحتها 170 دونماً. بدأت إسرائيل بإقامتها عام 1991 بنصب مئات الكرافانات؛ ثم استبدلتها بأبنية دائمة مكونة من 4600 وحدة سكنية. وتعتبر هذه المستوطنة مع مستوطنة "جيلو"، الحزام الجنوبي الغربي، الذي يبنى حول القدس؛ من أجل منع الامتداد العربي ومحاصرة القرى العربية التي تقع داخل حدود بلدية القدس، وفصلها عن مدن الضفة الغربية.

13ــ مستوطنة جبل أبو غنيم: اقتطعت إسرائيل عام 1990م، 1850 دونماً من أراضي القرى العربية (صور باهر، وأم طوبا، وبيت ساحور). ويشير المخطط الهيكلي للمستوطنة إلى إقامة 6500 وحدة سكنية على مساحة 2058 دونماً؛ كما إن إنشاءها في المنطقة الجنوبية الشرقية لمدينة القدس، سيوصلها بالمستوطنات الجنوبية الغربية؛ وبهذا يتم إغلاق جنوب المدينة. كما تم وضع الشارع الواصل بين مدينة القدس وبيت لحم تحت السيطرة الصهيونية، حيث تعمل على إغلاقه متى تشاء.

14ــ التلة الفرنسية: تعد من أولى المستوطنات التي أنشئت في القدس لاستكمال حلقة الطوق حول المدينة. وقد أقيمت على أراضي قريتي لفتا وشعفاط. وبموجب المخطط الهيكلي فقد بلغت مساحتها 822 دونماً، وأقيمت فيها 5000 وحدة سكنية، وبلغ عدد سكانها 12000 نسمة.

15ــ مشروع ماميلا (قرية داود): أقيمت عام 1970م، غرب باب الخليل، في منطقة حي الشماعة، على مساحة 130 دونماً. وقد كانت منطقة حرام ضمن مخطط عام يهدف إلى دمج القدس الشرقية بالغربية، وإعادة تشكيل هاتين المنطقتين. ويتم البناء في هذه القرية بطراز ونمط معين، بهدف تجاري وسياحي.

حكومة إسرائيل" وضمن تطوير الاستيطان اليهودي لمدينة القدس للعام 2020، وإحداث تغيير ديموغرافي لصالحه؛ استولت على نحو 2000 دونم من أراضي قرية الولجة، لإقامة مستوطنة جديدة تحت اسم "جبعات باعل” غرب مستوطنة "جيلو". وستقام، حسب المخطط، 13 ألف وحدة سكنية لإسكان 55 ألف مستوطن. وإذا ما أقر المشروع، سيخلق تواصلاً استيطانياً بين القدس وغوش عتصيون. ونصف أراضي هذا المشروع تقع في حدود بلدية القدس؛ والأخرى خارج منطقة البلدية في نطاق غوش عتصيون.

هدم منازل ومنشآت المقدسيين

هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اكثر من 4000 منزل ومحل وموقع تاريخي وديني منذ العام 1967، وذلك ضمن سياستها الرامية إلى تهويد مدينة القدس وطمس معالمها العربية والإسلامية.

ويواصل الاحتلال "تنفيذ سياسة هدم منازل المقدسيين لتفريغ الوجود الفلسطيني في المدينة والقضاء على الهوية الفلسطينية”، وفق منظمة التحرير الفلسطينية بهدف تهويد القدس المحتلة، ومنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود العام 1967 وعاصمتها القدس”.

وطبقاً للمعطيات الفلسطينية الرسمية؛ فقد قامت سلطات الاحتلال "بإصدار مئات أوامر هدم المنازل القائمة ومخالفات البناء لأكثر من 25 ألف وحدة سكنية فلسطينية، أي حوالي ثلث الوحدات السكنية القائمة في القدس المحتلة”.

وقد تسببت أعمال الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال في "تشريد الآلاف من المواطنين المقدسيين وتركهم بلا مأوى، كما أن إخلاءهم القسري من مدينتهم بحد ذاته مخالفة للقانون الدولي وانتهاك لقواعده”.

استكمال حلقة التهويد

وتقوم سياسة الاحتلال على "منع حدوث أي امتداد عمراني فلسطيني عن طريق مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، حيث اعتمدت السلطات الإسرائيلية سلسلة من سياسات التخطيط الهيكلي الرامية إلى منع أبناء الشعب الفلسطيني من البناء على أرضهم أو توسيع المنشآت القائمة”.

وقالت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير أصدرته حديثاً إن "سلطات الاحتلال تسمح للفلسطينيين في البناء والعيش على 13 % فقط من مساحة القدس المحتلة”.

وتعد تراخيص البناء في المنطقة مكلفة جداً، بحيث يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها نظراً للقيود الإسرائيلية المفروضة والإجراءات العنصرية والسياسات التمييزية التي تتبعها حكومة الاحتلال في هذا الخصوص مما يعطيها الحجة لهدم منازل الفلسطينيين الذين يضطرون إلى البناء لمواجهة النمو الطبيعي لعائلاتهم دون الحصول على تراخيص بناء.

وقد ترتب على السياسات العنصرية الإسرائيلية، بحسب الدائرة، "اكتظاظ سكاني كبير في القدس المحتلة، مرشح للزيادة مع الازدياد الطبيعي للسكان في المدينة”.

ومنذ العام 1967 ،ارتفع عدد السكان الفلسطينيين داخل ما يسمى الحدود البلدية لمدينة القدس كما حددتها سلطات الاحتلال من 69 اف نسمة تقريبا إلى 361 الف نسمة، بزيادة قدرها 190 %.

وبالرغم من أن المقدسيين يشكلون أكثر من 40 % من سكان القدس، إلا أن سلطات الاحتلال تخصص ما نسبته

10 % فقط من موازنة المدينة لتوفير الخدمات لهم، نظير ذهاب معظمها لأكثر من 220 ألف مستوطن في شرقي القدس، ضمن مستوطنات تشكل حلقة تحيط بالمدينة وتعزلها عن بقية الضفة الغربية المحتلة.

وقد تسببت سياسة التضييق الإسرائيلية في أن قرابة 78 % من الفلسطينيين المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 200 ألف فلسطيني في المدينة بدون شبكات مياه مناسبة.

فيما يلقي جدار الفصل العنصري بظلاله الثقيلة على الحياة الاقتصادية للمقدسيين، حيث تسبب الجدار ونظام الإغلاق في فرض قيود مجحفة وعسيرة على الأنشطة التجارية في القدس المحتلة، التي تشكل مركز الثقل الاقتصادي في فلسطين، وفي المناطق المحيطة بها وعلى حركة التجار منها وإليها”، وفق دائرة شؤون المفاوضات.

بيد أن آثار الجدار الديمغرافية والاجتماعية والسياسية تفوق ذلك بكثير؛ إذ عزل حوالي 140 ألف مقدسي عن مدينتهم لأن المناطق السكنية التي يقيمون فيها باتت تقع خارج نطاقه، مما أدى إلى تفكيك الترابط الاجتماعي وتقويض نسيج الحياة الاجتماعية للفلسطينيين الذين يقطنون على جانبيه.

ويزيد من ذلك أن جدار الضم والتوسع يحد من المساحة المتوفرة التي يحتاجها الفلسطينيون للنمو، ويسهل من إقامة المستوطنات وتوسيعها، كما يقطع شبكة النقل الوطني الذي يربط أجزاء الضفة الغربية بالقدس وببعضها البعض، مما أدى إلى تدفق الفلسطينيين المقدسيين إلى مركز المدينة.

سياسة التمييز العنصري

وبغية استكمال حلقة التهويد حول القدس؛ عمدت سلطات الاحتلال إلى مصادرة الهويات وسحب حقوق الإقامة وحظر لم شمل العائلات المقدسية، من أجل إحداث أغلبية ديموغرافية يهودية في القدس.

كما صادرت سلطات الاحتلال نحو 15 الف بطاقة هوية من المقدسيين الذي يتمتعون بحق الإقامة الدائمة في القدس منذ العام 1967، مما ألحق ضرراً مباشراً بأكثر من 20 % من العائلات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة”.

في حين تتمثل أحد الآثار المباشرة التي تخلفها سياسة الإغلاق الإسرائيلي على القدس المحتلة في "منع أربعة ملايين مواطن مسيحي ومسلم من أبناء الشعب الفلسطيني من الوصول إلى أماكنهم المقدسة وكنائسهم ومساجدهم الواقعة في المدينة، فضلاً عن حرمانهم من تلقي الخدمات الطبية التي لا تتوفر سوى في القدس”.

وضع استثنائي للقدس

تحوز مدينة القدس على وضع استثنائي منذ احتلالها عام 1967، فالسلطة الفلسطينية تصنفها ضمن مناطق السيادة التابعة للضفة الغربية، أما إسرائيل فحصلت على اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لها في 2017 .

ويقدر عدد فلسطينيي القدس بـ380 ألفاً، أما اليهود فعددهم 600 ألف، لكن المقدسيين يعانون من ازدواجية الهوية، فالسلطة تمنحهم الهوية (الخضراء) الفلسطينية، أما إسرائيل فتمنحهم هويات (زرقاء) مؤقتة على شكل إقامات تتجدد كل عام، تسمح لهم بحرية الحركة والتنقل داخل المدينة، والاستفادة من خدمات التعليم والصحة.

لكن سكان القدس الفلسطينيين لا يحق لهم الترشح أو التصويت بانتخابات الكنيست، ولهم الحق بالتصويت، دون الترشح، في الانتخابات البلدية.