نحو انتخابات نقابية نظيفة
في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة، طالب مجلس النقابات المهنية، إجراء الانتخابات لمجالس النقابات، التي استحق موعدها، بعضها العام الماضي، والبعض المتبقي هذا العام، وبات بالضرورة تنفيذ هذا الاستحقاق القانوني أولاً، وحق النقابيين في تغيير وتبديل قياداتهم وفق تداول السلطة الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، ثانياً.
تم التأجيل بسبب كورونا، وهذا منطقي، قد يكون مقبولاً قبل إجراء الانتخابات النيابية، ولكنه لم يعد مقبولاً ومنطقياً بعد الانتخابات النيابية يوم 10/11/2020، التي شملت كل الأردنيين بشرائحهم المختلفة، فكيف يكون محجوباً على شرائح وسطى في المجتمع وهم بالضرورة أكثر وعياً وإدراكاً وحرصاً على صحتهم، وقدرة على التكيف مع الإجراءات الاحترازية المطلوبة بوجود آثار الكورونا وتداعياته وعدواه؟.
تميز الأردن، طوال عشرات السنين عن العديد من البلدان العربية، وتفوق عليها، خاصة تلك التي تدعي ما تدعيه من وطنية وقومية وتقدمية أنه كان أكثر تقدماً وعصرية وديمقراطية من هذه البلدان حيث وفر لها مناخاً من الغطاء القانوني الذي وّلد نقابات حُرة حقاً ومستقلة فعلاً، لأنها حصيلة خيار هيئاتها العامة، وإفرازات وعيها، ولذلك كانت قياداتها يسارية قومية وطنية إسلامية تمثلت بمظهر القائمتين المتنافستين: 1- «الخضراء» التي تمثل القوميين واليساريين وغالبية التقدميين المستقلين بشكل عام، 2-»البيضاء» التي تمثل الإخوان المسلمين وأصدقاءهم وحلفاءهم والمستقلين المحافظين الذين يتبعونهم، وخلاف ذلك، كانوا «كومبارس» يتم استعماله من هذا الطرف أو ذاك، مثل قائمة نمو المفتعلة التي نبتت في أكبر النقابات لعلها تشكل نموذجاً، ولكنها تضليلية هدفت لإنهاء الثنائية القائمة بين «الخضرا والبيضا»، و فشلت في أن تكون جاذبة حتى لقياداتها و»للكومبارس» الذي غدا شرعيتها المؤقتة بلا فائدة، إذا كان الهدف توسيع قاعدة التحالف، والحقيقة أنها ضاقت بالشركاء الكومبارس الذين حرصوا اليوم نحو جولة الانتخابات المقبلة لأن يعودوا إلى صافي تاريخهم النقابي المجرب كقيادات يسارية وقومية وإسلامية لها حضورها ومعها قواعد شعبية تمنحهم الثقة بناءً على قناعاتهم المبدئية وتاريخهم النقابي النظيف، وسلوكهم السياسي الدستوري الحزبي المعلن.
كانت النقابات أحد أهم مظاهر الحضور والشراكة والاعتماد على إفرازات صناديق الاقتراع وتداول السلطة، والنقيب لا يحق له أن يبقى أكثر من دورتين، وهذا ما يجب أن يكون لدى البلديات التي يجب أن تتطور وفق القيم العصرية باعتبارها سلطة شعبية ميدانية تفرض قيادات محلية تُثبت وجودها، وصولاً إلى مجلس النواب المفترض أن يتطور أيضاً ليكون مجلساً وطنياً يقوم على انتخابات القوائم الوطنية، ليكون النائب نائب وطن، وليس نائب حارة أو جهة أو حتى محافظة، بل نائب وطن يتم انتخابه مباشرة ومعاً من قبل أبناء المدن والريف والبادية والمخيمات، لأنه عندها فقط يكون نائب وطن لكل الأردنيين.
المئة الثانية للأردن تتطلب ليس مجرد الاحتفالات، بل تحتاج لقفزة نوعية، لوطن أردني نستحقه ويستحقنا.