عسكرتاريا حكومية ..لغة استعلائية لا تستخدم مع الاردنيين



أحمد الحراسيس - استنفر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وزراءه، السبت، ودفع بسبعة منهم إلى قاعة المؤتمرات ليُوجهوا خطابا غير مسبوق إلى الشعب الأردني بما تضمنه من تأنيب ولغة وعيد وتهديد، ولعلّه بذلك أراد توجيه رسائل للناس حول شكل المرحلة القادمة، والحقيقة أنه لم يكن ينقص الوزراء إلا أن "يرفعوا الأردنيين فلقة" ويربطوا أيديهم ويكمموا أفواههم!

زعم الوزراء ومن بينهم وزير الداخلية سمير مبيضين أن يوم الجمعة شهد مخالفات صريحة من قبل البعض لقانون وأوامر الدفاع، والأصل أن لا يصدر مثل هذا الحديث عن الوزير دون أن يقدّم استقالته كما فعل سلفه توفيق الحلالمة، فإن وقعت مخالفات جسيمة تستحق لغة التهديد والوعيد التي سمعناها واستفزت الأردنيين فالواجب على الوزير والأجهزة التنفيذية التابعة له أن يمنعوا تلك المخالفات ويفرضوا العقوبات المنصوص عليها في أوامر الدفاع دون أن يضطر الملتزمون -وهم الغالبية الساحقة- لسماع مثل تلك اللغة المهينة.

ما ينطبق على الوزير مبيضين ينسحب أيضا على وزيري الصناعة والتجارة مها العلي والعمل معن القطامين، فحديث أحدهم عن وجود مخالفات يؤكد تقصيرهم وتقصير كوادرهم في فرض الرقابة على المنشآت، ومن غير المقبول أن يصدر عن أحدهما أو عن الحكومة بشكل عام تهديد للأردنيين بسبب تجاوز البعض -الذين يُفترض أن تضبط الأجهزة الرقابية والأمنية مخالفاتهم-

الأنكى من ذلك، قبول وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية، الدكتور محمد الخلايلة، على نفسه استخدام المساجد والعاطفة الدينية لتهديد الأردنيين بمنعهم عنها، رغم أن المساجد ظلّت طيلة الفترة الماضية الأنموذج في الالتزام، ولم يختلف الأمر عليها برفع حظر الجمعة من عدمه، والأصل بالوزير أيضا أن يتعامل مع أي مسجد يخالف التعليمات بشكل منفرد دون أن يعمم حديثه على الجميع ويُظهر المساجد وكأنها لم تكن ملتزمة.

الواقع أن بعض المخالفات حدثت بالفعل، وهذا أمر طبيعي، ولكنها كانت محدودة وفي أماكن يعرف الأردنيون كافة أنها ستكون "نقاط ساخنة" مثل منطقة وسط البلد، وكان الأصل بالحكومة أن تكثّف التواجد الأمني فيها، وتكثّف عمل فرق الرقابة والتفتيش، وأن تحاسب المؤسسات الخاصة المخالفة، وتسائل المؤسسات الحكومية المقصّرة، دون أن يضطر الأردنيون لسماع ما سمعوه.

اليوم، نسأل كما يسأل الأردنيون عن الفرق في ما شهدته بعض الأسواق عن ما جرى تحت قبة البرلمان لدى حصول الحكومة على ثقة النواب، وما تخلل ذلك من اكتظاظ شديد لمهنئي الخصاونة بالثقة المتوقعة؟ أين كان وزراء التهديد آنذاك؟ وهل كانوا ساخطين على تهافت النواب أم أنه تهافت محبب؟!

الحكومة مدعوة إلى رصد مواقع التواصل الاجتماعي للوقوف على حالة الغضب والسخط العام على ما جاء في المؤتمر من لغة لا ينبغي لسلطة أن تستخدمها في الخطاب مع مواطنيها، وتستوجب على الحكومة الاعتذار والاستقالة.. ونعود إلى أصل القصة وعصبها وهو قانون الدفاع الذي خرج استخدامه عن السياق المقبول، وصار من الواجب وقف العمل به على الفور، والاكتفاء بقانون الصحة بما يتضمنه من موادّ تتيح للحكومة التعامل مع الأوبئة بالشكل الأمثل..