انجيل ترمب وكنيسة بايدن


تعمّد ترمب زيارة الكنيسة حاملا نسخة من الانجيل في سياق غزله قواعده المتدينة.وتضمنت مراسم تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة ذهابه الى الكنيسة ثم اقسم يمينه على نسخة الانجيل تلتي تحتفظ بها العائلة.

انه تنافس وصراع على الارضية نفسها وتستهدف الجمهور نفسه.وبهذا يهبط بايدن ولا يصعد عكس غريمه الاكثر انسجاما مع خصائصه الثقافية وجمهوره التقليدي.

لنتصور زعيما عربيا في منصبه الرسمي يحمل نسخة من القرأن او الانجيل وتلتقط له الصور امام مسجد او كنيسة. عندها سينطلق الصراخ وصيحات الاستنكار وسيوصم بالتطرف والتعصب وسيحال الى تنظيم داعش.

أمريكا ليست اوروبا.العلمانية في اوروبا خاصة الغربية واضحة وقوية والفصل بين الدين ومؤسسات الدولة محترم بدقة.من الواضح ان المجتمع الأمريكي يضم نسبة هامة من المتدينين لذا يميل السياسي الانتهازي الى مغازلة هؤلاء لكسب الولاء وتعزيز النفوذ ولنقل لتبييض السمعة.

ولعل المكانة التي ما زال يحظى بها المتدينون في امريكا تفسر احد عوامل الدعم الأمريكي لإسرائيل.فالكثير من هذه الكتل المتدينة لديها مساحة لقاء واسعة مع الأيديولوجية الصهيونية.

في بلادنا العربية ايضا تحترف قوى سياسية معروفة استغلال الدين لحصد الشعبية والنفوذ وحصد المكاسب السياسية.

ان المقاربة الصحيحة والآمنة والتي تحمي المجتمع وتحصنه من التخندق الغرائزي هي رفض تحويل الدين الى مفردة سياسية وساحة مفتوحة للصراع السياسي والابقاء على الدين كخيار روحي للافراد ومرجعية حضارية للمجتمع وليس مادة صراعية يقتتل بسببها بسطاء الناس لحساب الخبثاء منهم .

من النادر ان يتعامل السياسيون في كل العالم مع الدين ببراءة وغالبا ما يستخدمونه ذخيرة سياسية لكسب سهل وقليل الكلفة اعتمادا على المخزون الروحي والثقافي المتاح في اغلب المجتعات.ومن المؤسف أن السياسي الامريكي ليس منزها عن هذه الممارسة الانتهازية.

اخشى ان يحاول بعضهم تقليد الساسة الامريكيون ويزيدوا حالنا بؤسا.امريكا لم تزل مدرستهم وملهمتهم.اعتادوا ان يحاكوا الوجه القبيح لامريكا الذي يناسب قبحهم تماما. فقد ترفعوا بانحطاطهم عن كل ما تنطوي عليه امريكا من ايجابيات ومثل عظيمة.