استعراض طوقان الاعلامي لن يصرف انتباه الاردنيين عن الاسئلة المهمة
محرر الشؤون المحلية - لا يمكن أن يكون رئيس هيئة الطاقة الذرية الدكتور خالد طوقان قد أساء فهم السؤال النيابي الذي وجهه النائب محمد عناد الفايز حول رواتب مفوضي الهيئة ونفقات الهيئة وانجازاتها، فهو يعلم جيّدا أن الأردنيين لا ينظرون بحسد أو عين ضيقة إلى رواتب المسؤولين وكبار الموظفين في الدولة، بل إن ما يهمهم هو مدى عدالة واستحقاق الموظف أو المسؤول للراتب الذي يتقاضاه.
طوقان، وبعد أن امتنع عن الاجابة عن السؤال النيابي المتعلق براتبه ومفوضي الهيئة تحت قبة البرلمان في نموذج حقيقي للتشاركية المزعومة بين السلطة التنفيذية والتشريعية، اختار اليوم الظهور عبر شاشة قناة رؤيا الخاصة، ليكشف للأردنيين سرّ راتبه، وذلك عبر عملية احترافية لحرف المسألة عن مسارها الحقيقي، ومحاولة اظهار الدافع وراء سؤال النائب الفايز والانتقادات الواسعة التي طافت مواقع التواصل الاجتماعي منذ جلسة النواب الثلاثاء الماضي هو ما يتقاضاه الوزير السابق!
الحقيقة، أن الدافع وراء السؤال النيابي وغضب الأردنيين أيضا، هو جدوى دفع كلّ تلك الرواتب والأموال على المشروع النووي، وهذا ما نعتقد أن طوقان يدركه جيّدا، وإن لم يكن يدركه فمصيبتنا أعظم مما كنا نتوقع!
الحكومة اليوم مطالبة بأن تقنعنا بجدوى الاستمرار في المشروع النووي بعد كلّ هذه السنوات التي لم نرَ فيها انجازا حقيقيا واحدا على الأرض وعدم حلّه مشكلة الطاقة في بلادنا رغم صرف عشرات الملايين عليه، كما أنها مطالبة بمحاسبة من أوهمونا بجدوى وأهمية هذا الخيار الذي لا يتناسب مع امكاناتنا المالية والمائي وربما المعرفية والعلمية، فالشعب الأردني لم يعد قادرا على تمويل مثل هذه المشاريع لمجرّد تشغيل وتحقيق طموحات بعض الأشخاص.
لا نعلم إذا ما كانت اقامة مفاعل بحثي في جامعة رسمية يستحق انشاء هيئة مستقلة تصرف كل هذه الملايين، فالعائد والجدوى من اقامة هذا المفاعل تكاد لا تُذكر مقابل ما يجري صرفه أو هدره.
ما يثير الاستغراب، أن الحكومة أقامت الدنيا ولم تقعدها على مشروع العطارات قبل أن يبدأ، رغم أن هذا المشروع يعتبر خيارا استراتيجيا وحلما للأردنيين الذين يتطلعون منذ عقود لاستخراج الصخر الزيتي والاستفادة منه، حيث أن الأردن يعتبر رابع دولة على مستوى العالم في حجم احتياطي الصخر الزيتي، ويمكن أن يصبح الأردن باستغلاله الصخر الزيتي دولة قادرة على الاعتماد على نفسها في مجال الطاقة.
لا نعرف حكومة في العالم ذهبت للاستثمار في جميع مصادر الطاقة في وقت واحد وبشكل غير مدروس ولا منطقي كما تفعل حكومتنا، فهي تستثمر في الطاقة المتجددة وتشتريها بأثمان مرتفعة، وتوقع اتفاقية لاستيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني، وتستثمر في غاز الريشة -وهذا مطلوب-، وتشتري النفط من مختلف دول العالم بأسعار لا يلمس المواطن انخفاضها عالميا، ثمّ تصرّ على الاستمرار في المشروع النووي بحجة تنويع مصادر الطاقة!
من غير المعقول أن نواصل دفع الملايين بحجة تنويع مصادر الطاقة، فحجم الهدر والصرف لتحقيق هذه الغاية تجاوز حدود المقبول، وعلى الحكومة اعادة النظر بكلّ هذا العبث، فالمواطن هو الذي يتحمّل كُلف فشل الادارات المفلسة اداريا ومعرفيا.