سقط ترامب وجاء بايدن: كيف تتغير معطيات المشهد الاستراتيجي في المنطقة
خلال السنوات الاربعة من حكم ترامب تعرضت فيها المعادلة الاستراتيجية في المنطقة العربية الى حالة تبعثرت فيها الاوراق والمعطيات واخرجت العديد من المسارات عن سكتها وحطمت الكثير من الثوابت وحشرت المنطقة برمتها في مسارات ضيقة للغاية جميعها تصب في مجرى واحد يقود الى الولوج تحت العباءة الاسرائيلية دون شروط طلبا للحماية والبقاء.
اليوم وقد ذهب ترامب مذموما مدحورا ومدانا على المستويات الوطنية الامريكية وحول العالم ، كيف امسى المشهد الاستراتيجي في المنطقة؟
ليس هنالك ادنى شك ان تحولات كبرى سوف تتحدث نتيجة لسقوط ترامب المدوي..
من اهمها سيسدل الستار على الحرب في اليمن التي وصلت الى حالة من العبثية لم يسبق لها مثيلا في التاريخ المعاصر ويعتقد الكثيرون ان تحولات جيوسياسية واسعة سوف تحدث في منطقة الخليج نتيجة لانهاء تلك الحرب ونتيجة لعوامل اخرى كثيرة جميعها تقع تحت يافطة زوال ترامب وسياساته وانكشاف استرايجي لحلفائه في طول المنطقة وعرضها.
احدى اهم التحولات الكبرى التي ستحدث نتيجة لسقوط ترامب هي عودة الولايات المتحدة الامريكية للاتفاق النووي مع ايران ورفع الكثير من العقوبات الحرجة عنها من اهمها السماح بتصدير النفط وازالة القيود على التعاملات الايرانية ضمن النظام المالي العالمي مما سيقود حتما على تضخم هائل في القوة الايرانية وتعاظم غير مسبوق في قدرة ايران على التأثير في المنطقة العربية خاصة منطقة الخليج وبلاد الشام واليمن.
اما فيما يتعلق بلبنان وسوريا وفلسطين فليس من المحتمل ان تحدث تغيرات استراتيجية هامة على المعطيات المتاحة حاليا لسبب مهم وهو ارتباط التطورات في هذه الاقطار العربية بالموقف المعادي لاسرائيل وهي نقطة لا يستطيع بايدن ان يفعل شيئا تجاهها خاصة ان المشهد السياسي والنفسي في اسرائيل ليس مؤهلا لتقديم حلولا وسطا مع الفلسطينيين او للجنوح للسلم معهم خاصة في ظل غياب الورقة الحرجة التي كان الفلسطينيون يستفيدون من دعمها وهي الورقة العربية التي تم ازالتها تماما من المعادلة بعد اتفاقيات التطبيع والتحالف المجاني مع اسرائيل من قبل العديد من الدول العربية.
اما تركيا فسيكون امامها مسارا معقدا من الادوار لتسلكه لتجنب غضب الادارة الامريكية الجديدة بعد سنوات من الانحياز لمخططات ترامب في المنطقة وربما ستواصل تركيا توجهها الجديد بالعودة الى التنسيق التحالفي مع اسرائيل والحكومات المرتبطة وظيفيا بامريكا وذلك سعيا لتجنب المشاكل مع ادراة ترامب التي اعلنت مسبقا عداء واضحا لتركيا اوردوغان.
يرجع بعض المراقبين ان سوريا الدولة قد تستفيد ومعها روسيا من عمليةاضعاف اوردوغان وقد يقود ذلك الى اضعاف القبضة العسكرية التركية على الشمال السوري وقد يؤدي مع بعض الدعم الاوروبي الى استعادة سوريا لاراضيها الواقعة تحت السيطرة التركية في الشمال والشمال الشرقي من سوريا.
أ.د احمد القطامين
qatamin8@hotmail .com
•استاذ جامعي وكاتب لاردني