فوضى التصريحات: هل أصيب 30% من الشعب الأردني بكورونا حتى الآن؟




منذ أن بدأت جائجة كورونا ونجن كمواطنين أردنيين نعاني من فوضى تامة وعشوائية في التصريحات الرسمية وغير الرسمية حول إنتشار فيروس كورونا والإحصائيات الخاصة به. السباق نحو الظهور الإعلامي من قبل وزراء الصحة ومسؤولي الوزارة وأعضاء لجنة الأوبئة والتناقض بين تصريحاتهم جعلنا كمواطنين نعاني الأمرين من عدم القدرة على استيعاب ما هو الصحيح. التصريحات كانت تختلف حسب مزاج صاحب التصريح وحسب الحالة التي قد تتطلب تخويف الناس أو طمأنتهم، أو نقل وجهة نظر شخصية أو الدخول في مناكفة مع الحكومة أو الحصول على شعبية من قبل رأي عام لا يمتلك اية ثقة بقرارات الحكومة. الطريف في الموضوع أنه حتى الآن لم نقرأ أو نتابع اية دراسة حقيقية وفعلية منشورة في الأردن يمكن ان تستند إليها التصريحات ولا حتى ورقة واحدة فيها مصادر إحصائيات موثوقة يمكن أن نرجع لها. كل مسؤول أو شخص يظهر على وسائل الإعلام ويفقع تصريحا بدون مصادر ومراجع ولا أحد يساءل أو يتابع.

الموضوع تجاوز القدرة على تقبله وبات لا بد من المساءلة وهنالك معلومة خطيرة جدا نشرتها حملة "العودة الآمنة للمدارس" مؤخرا من خلال بيان قدمت فيه إجراءات مقترحة لوزارة التربية والتعليم تهدف عموما إلى المزيد من التساهل في إجراءات الحماية التي اقترحتها الوزارة. هذه المعلومة خطيرة وتتطلب جوابا واضحا من الحكومة. تدعي حملة "نحو عودة آمنة للمدارس" في أنه حسب "دراسات وزارة الصحة" فقد أصيب 10% من الشعب الأردني بفيروس كورونا بحلول تشرين الأول 2020 وزادت النسبة إلى 30% في كانون الأول 2020!! عندما استوضحت عن التفاصيل قال السيد جواد عباسي وهو من الحملة في تعليق على منشور لي على الفيسبوك أن "رقم 10% جاء في محاضرة من الدكتور نذير عبيدات في مؤسسة شومان وكان المحاور رامي كمال عدوان أما رقم 30% فقد جاء على لسان د. عزمي محافظة في محاضرة لخريجي الجامعة الأميركية بالقاهرة وكان المحاور محمود محمد خير عبيد".

هنالك احتمالين لا ثالث لهما لهذه المعلومة: إما ان عبيدات ومحافظة قالا ذلك فعلا وهذا استنتاج في منتهى الأهمية والخطورة يتطلب مكاشفة ومصارحة تامة للشعب الأردني مع إظهار الدراسة والمنهجية التي تمت بها والعينة التي تم العمل عليها وعدد المفحوصين وكيف تم الوصول إلى هذه الأرقام. هذا الاستنتاج يعني أن الأردن في طريقه للمناعة المجتمعية كأول دولة في العالم تصل لهذا الوضع، ويترتب على ذلك تغيير كل الإجراءات والقرارات التي تم اتخاذها في الأشهر الماضية. الاحتمال الثاني هو أن عبيدات ومحافظة لم يقولا ذلك بالتحديد وأن الحملة قامت بنشر معلومات غير صحيحة أو تفسير غير سليم لتصريحات عبيدات ومحافظة، وفي هذا السياق ينبغي مساءلة الحملة قانونيا نتيجة تشر معلومات وإشاعات مضللة حسب قانون الدفاع.

نحن كمواطنين أردنيين سئمنا من فوضى التصريحات والنسب والأرقام التي لا تستند إلى أية دراسات واضحة ويتم استخدامها لتبرير قرارات وتوجهات غير مفهومة منذ 10 اشهر تقريبا، ولا يمكن إدارة حالة طوارئ وبائية بهذه الطريقة من العشوائية في التصريحات. هنالك حاجة إلى الوضوح والصراحة والمكاشفة وننتظر جوابا واضحا من الوزير عبيدات والدكتور محافظة حول هذا الإدعاء وأن لا يمر مرور الكرام لأن تبعاته كثيرة جدا واستخدامه، أو سوء استخدامه قد يؤدي إلى نتائج سلبية عل صحة المواطنين وطلاب المدارس بالذات.