قطيشات لـ الاردن ٢٤: تعديلات قانون النزاهة تخالف الدستور والمعايير الدولية لمكافحة الفساد
أكدت مطالعة قانونية للمحامي المختص والمستشار القانوني السابق لرئيس الوزراء، محمد قطيشات، أن تعديلات قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بخصوص حرية الرأي والتعبير، من شأنها زيادة القيود التشريعية المفروضة على حرية الاعلام.
وأضاف قطيشات إن النصّ القانوني يخالف المعايير الدولية لمكافحة الفساد، حيث أن جميع الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي تعنى بمكافحة الفساد لا تعتبر انتهاك حق السمعة أو حق الخصوصية من ضمن الحقوق التي يجب حمايتها بتشريعات مكافحة الفساد لأن هذه التشريعات ليست مكانا لتجريم أفعال الذم والقدح والاساءة الى السمعه والتي تعاقب عليها التشريعات العقابية أساسا مثل قانون العقوبات.
ولفت إلى أن النصّ القانوني يخالف أحكام الدستور الأردني، كما أن مصطلح "اغتيال الشخصية" الوارد في القانون المعدل هو "مصطلح غير قانوني، وأقرب ما يكون إلى السياسي".
وتاليا نصّ المطالعة:
مطالعة قانونية حول ما ورد في مشروع قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بخصوص حرية الرأي والتعبير
** اعداد المحامي محمد قطيشات
*لقد ورد في مشروع قانون مكافحة الفساد على الآتي:
" اعتبار "نشر المعلومات الكاذبة بحق أي شخص بقصد تحقيق منافع شخصية أو اغتيال شخصية أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته واستغلال النفوذ" من جرائم الفساد المنصوص عليها في القانون."
ويمكن ابداء الملاحظات القانونية التالية على هذه المادة :
أولا :
ان النص القانوني يتعلق بحماية حق السمعة، وهذا بدوره يخالف المعايير الدولية لمكافحة الفساد. فجميع الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي تعنى بمكافحة الفساد وخاصة اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لا تعتبر انتهاك حق السمعة أو حق الخصوصية من ضمن الحقوق التي يجب حمايتها بتشريعات مكافحة الفساد لأن هذه التشريعات ليست مكانا لتجريم أفعال الذم والقدح والاساءة الى السمعة والتي تعاقب عليها التشريعات العقابية أساسا مثل قانون العقوبات.
فالاهداف التي تقوم عليها تشريعات مكافحة الفساد تتمثل بتعزيز النزاهة والمساءلة والادارة والسليمة للشؤون العامة والممتلكات العمومية عن طريق وضع وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الفساد، تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن ادارة الشؤون والممتلكات العامة والنزاهة والشفافية والمساءلة.
بمعنى آخر ان افعال الذم والقدح ليست من ضمن أفعال أو وسائل الفساد التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية بل على العكس فان اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد اشارت بشكل أساسي في المادة 13 منها أنه يجب على الدولة احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها باستثناء ما هو ضروري لمراعاة وحقوق الآخرين وسمعتهم ولحماية الامن الوطني أو لصون صحة الناس أو اخلاقهم . ففي هذه الحالة يمنع على الجهات الحائزة للمعلومة اتاحتها للجمهور.
أما ما ذهبت اليه المادة الواردة في مشروع القانون يدور حول تقييد حرية الرأي والتعبير وحرية الوصول للمعلومات ، وكان الاجدر بالمشروع النص على ضرورة القيام بأنشطة اعلامية تسهم في عدم التسامح مع الفساد وعملا باحكام المادة 13 من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد.
ثانياً:
ان النص القانوني يخالف أحكام الدستور الاردني من خلال مخالفته لمبدأ الشرعية "لا جريمة ولاعقوبة الا بنص قانوني واضح"، حيث تضمن النص مصطلح "اغتيال الشخصية" وهو مصطلح غير قانوني بل أقرب الى ان يكون مصطلح سياسي.
فجريمة الاغتيال غير معرفة في التشريع الاردني أو محددة الاركان فقهيا أو قضائيا، وبالتالي سيخضع هذا المصطلح لتعدد الآراء والاحكام بتعدد الاتجاهات الفكرية.
ويزداد الامر تعقيداً عندما يقترن الاغتيال بالشخصية، حيث اقتران مصطلح الشخصية بالاغتيال لن يحدد ضوابط واضحة لاركان وعناصر الجريمة. خاصة مع استخدام المشرع لكلمات اشاع وعزا ونسب. وهذه الكلمات تجعل من مجرد نشر أي معلومة غير صحيحة مثلا محققا لاغتيال الشخصية وهذا يخرج عما ما هو متفق عليه دوليا بخصوص انتهاك حق الخصوصية الذي يقتضي أن يكون هناك حملات منظمة لتشويه السمعة. والتي أيضا تخرج عن تشريعات مكافحة الفساد.
وهذا كله بدوره يخالف احكام الدستور الاردني وقواعد العدالة والمنطق القانوني السليم.
ثالثاً:
ان النص القانوني فيه تضارب مع نص المادة 188 من قانون العقوبات الذي عرف الذم بأنه "إسناد مادة معينة إلى شخص - ولو في معرض الشك والاستفهام - من شانها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواءً أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا."
كما عرف القدح بأنه "الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره - ولو في معرض الشك والاستفهام - من دون بيان مادة معينة".
وهذا يعني وجود نصين قانونين يعالجان ذات الفعل، وهذا بالطبع من شانه خلق بعض الارباكات في التطبيقات القضائية بالاضافة الى زيادة منسوب القيود التشريعية المفروضة على حرية الاعلام. فتتعدد بذلك القوانين التي سيحاكم عليها الصحفيين بالنتيجة.